ثقافة التذمر وجلد الذات

حمود الطوقي

ينتابني شعور بالإحباط على المستوى الفكري للحوار الذي يأخد حيزًا كبيرًا، ويستقطع جزءا من الوقت من المفترض أن يكون ثمينا في مناقشة حزمة من القضايا الاجتماعية التي تطرح هناك وهناك، ويتم تداولها في شبكات التواصل الاجتماعي دون الوصول إلى القناعة التي تتكسر مجاديفها، ويبقيني محور النقاش بلا طعم وبلا رؤية، وأيضا بلا هدف.

طبعا أعني هنا الحوار الذي يتغلف بالضبابية والسوداوية والذي يثيره البعض في أطروحاتهم دون أن يكون لديهم أدنى أبجديات الفكر والنقد البنّاء الذي ينشده الجميع؛ لأنه نقد يبحث عن التغيير ويقدم حلولا جوهرية ومنطقيّة، ويطرح أفكارًا خلاقة ونيّرة تساهم في مد جسور التعاون بين أبناء المجتمع.

في الوقت الذي تشد فيه لغة الحوار بين المتذمرين نرى في المقابل المخططين يمضون في ترجمة أهدافهم إلى واقع فعلي دون الالتفات إلى الوراء بل يمضون نحو الأمام بثبات وبإخلاص في تأدية واجبهم دون كلل أو ملل .

حقيقة لم أود الخوض في هذا الموضوع ليقيني أنّ الحوارات التي تثار في شبكات التواصل الاجتماعي وفي هذا الفضاء الواسع تبدأ بلغة حادة وتبقى الأطروحات عالقة بلا قيود كونها لم تقدم الحلول المنشودة.

أنا من المؤدين لتنظيم جلسات حواريّة تطرح بعض الأفكار الإيجابية التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن، هذه الحوارات الإيجابية جديرة بأن تحترم لأنّها تنطلق من أرضيّة صلبة، وتضع المُشكلة وتبحث عن الحلول وعادة ينتهي الحوار بقناعة تامة بالنتائج محور النقاش حتى وإن لم يؤخذ بها من مبدأ الاختلاف في الرأي لا يفسد للرأي قضيّة.

جميل جدًا أن تكون الآراء في حواراتنا متباينة وتنطلق من مبدأ العلم بالشيء، وحتى وإن تفاوتت الأطروحات يظل النقاش بعيدًا عن اللغة السوداوية هذه اللغة التى وللأسف الشديد هي المُهيمنة على واقعنا الاجتماعي.

علينا أن ننظر حوالينا لنرى كم نحن سعداء نعيش في بيئة تستمع إلى الرأي والرأي الآخر هذه البيئة التي أعطت ومنحت المتحاورين السُبل الكفيلة لطرح ومناقشة القضايا التي تعود بالنفع على المجتمع.

علينا أن نغرس اللغة الإيجابية في أطفالنا فهم المستقبل، وهم من سيحملون اللواء ويقودون قاطرة التغيير البناء والإيجابي فهذا الجيل يتأثر بحواليه وبما يناقش من قضايا اجتماعيّة، وغيرها علينا أن نؤهله للبناء والتعمير وليس للحوار الذي يحتدم بالسوداوية وبفكر هش ورؤية ضيّقة.

الجيل القادم يجب أن يقف على أرضية صلبة وينغمس في حب العمل ويحمل شعاع التنوير لأنه بالاختصار طاقات ستحدث التغيير بشرط أن تتمسك بلغة الحوار البناء.

تعليق عبر الفيس بوك