"المناطق الصناعية" تبرز عناصر "الاستدامة في القطاع الصناعي" لضمان تعزيز الإنتاجية وترسيخ مفاهيم السلامة

الرؤية - أحمد الجهوري

نظمت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية أمس ندوة "الاستدامة في القطاع الصناعي"، وذلك ضمن مجموعة الصناعيين العمانيين 2015، وقد رعى افتتاح الندوة المهندس مسلم بن محمد الشحري مساعد الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات بالمؤسسة العامة للمناطق الصناعية.

وانطلقت الندوة بكلمة ألقاها خالد بن سليمان الصالحي أخصائي التسويق بالمديرية العامة للتسويق والإعلام بالمؤسسة؛ حيث أوضح أن تنظيم المؤسسة العامة للمناطق الصناعية لندوة "الاستدامة في القطاع الصناعي" يأتي انطلاقاً من أهمية العمل ضمن منظومة الاستدامة التي تساعد المؤسسات والشركات بشكل عام على زيادة الإنتاجية من خلال تقليل التكلفة والتخلص من النفايات الصناعية، كما أنها تساعد على زيادة الميزة التنافسية وحماية وتعزيز العلامة التجارية مع المحافظة على بناء الثقة التجارية طويلة المدى. وأضاف الصالحي أن الاستدامة تشمل المسؤولية الاجتماعية وترسخ مفهوم الصحة والسلامة والبيئة في مجال العمل لدى العاملين فيها، ويمكن تعريف الاستدامة في القطاع الصناعي بأنه تصنيع المنتجات من خلال الممارسات والعمليات التي تحد من الآثار السلبية على البيئة وتعمل على الحفاظ على الطاقة والموارد الطبيعية وبالتالي تطوير الأطر التنظيمية لتحقيق الاستدامة وزيادة التنافسية.

تقييم الأداء

وتابع الصالحي أن المؤسسة العامة للمناطق الصناعية تهدف من خلال إقامة هذه الندوة إلى تقييم الأداء الحالي للقطاع الصناعي تحت مظلة الاستدامة وكيفية انعكاسها على المستويين الاقتصادي والمجتمعي، وتسليط الضوء على معايير الاستدامة وكيفية تضمين ذلك في الخطط الاستراتيجية والتشغيلية من خلال وجود الاستدامة كنظام متكامل لاستراتيجيات الشركات والمؤسسات، والتركيز على زيادة القدرة التنافسية، والحد من المخاطر وتحسين الجودة والكفاءة بدلاً من التركيز على خفض التكاليف، وكذلك التركيز على المدى الطويل من خلال إدماج الاستدامة مع فرص العمل، واستخدام الابتكار والتخطيط والتحليل الاستراتيجي. وبين أن الخطوة الأولى على طريق الاستدامة في المجال الصناعي هي قياس وتقييم الأداء البيئي، لافتا إلى أن هناك عددا كبيرا من الشركات والمصانع بدأت تدرك الأهمية الكبرى من الاستدامة في القطاع الصناعي من خلال المحافظة على البيئة وتحقيق المردود الاقتصادي العالي في الوقت نفسه.

وأشار الصالحي في ختام كلمته إلى أن سلسلة ندوات مجموعة الصناعيين العمانيين لعام 2015، هي سلسلة من الندوات التي أطلقتها المؤسسة العامة للمناطق الصناعية عام 2007، وتهدف من خلالها إلى الارتقاء بالقطاع الصناعي من خلال النقاش والتباحث بين الصناعيين وأصحاب الأعمال ومسؤولي القطاع الحكومي في كافة المواضيع ذات العلاقة؛ حيث يتم خلال هذه الندوات التركيز على مختلف القضايا المتعلقة بقطاع الصناعة في السلطنة، والاطلاع على المستجدّات التي تطرأ على مجتمع الصناعيين والسعي من خلالها لتناقل الخبرات العلمية والعملية وتوظيف تقنية المعلومات لخدمة هذا القطاع الهام ووضع الحلول والخطط المستقبلية له.

وأدار الندوة الدكتور طلال العولقي مهندس مكامن نفطية بشركة تنمية نفط عمان، وشارك بها كل من مايكل كاتز، الرئيس التنفيذي لشركة Oman Aqua Science، وصبحي عبد الكريم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة Integrated Smart Technologies، وشيماء اللواتي الشريك والمؤسس لشركة Sustainable Square، وعمر الريامي مستشار البيئة والتنمية بشركة تنمية نفط عمان.

ممارسات الاستدامة

وتطرق المشاركون إلى الأدوات والممارسات للاستدامة الصناعية والتي تشمل كل المؤسسات والشركات الصناعية التي تعمل تحت مظلة التنمية المستدامة من خلال تحسين الأداء الداخلي والحد من استنزاف الموارد؛ إذ إن هناك عدة طرق من شأنها مساعدة الشركات على التقدم نحو تحقيق الاستدامة كوجود إطار عملي مشترك للمساعدة في اتخاذ القرارات، والمؤشرات الأساسية، والمنهجية حول كيفية القياس وجمع واستخدام البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات الداخلية، بالإضافة إلى النظرة الشمولية للاستدامة البيئية - بما في ذلك الهواء والماء والطاقة وما إلى ذلك؛ وتحليل المدخلات والعمليات والمنتجات، وربط التحسينات على التكاليف والمزايا المالية، حتى يسهل استخدامها من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأوضح الدكتور طلال العولقي أن الإنفاق الحكومي يعد الدافع الرئيسي للقطاع الاقتصادي في السلطنة، مشيرا في السياق ذاته إلى أن 80% من الميزانية العامة للدولة تأتي من الموارد الطبيعية وخاصة النفط، بحسب التقارير. وأكد العولقي أن الندوة تلقي الضوء على نماذج من المبادرات التي نجحت فيها الاستدامة ويجب أن تشارك فيها الشركات والحكومات والرأي العام.

فيما تحدثت شيماء اللواتي عن أهمية خلق المنتجات المستدامة والتركيز على استدامة سلسلة التوريد، والتي تعد من الركائز المهمة في معالجة الاستدامة في قطاع الصناعة في السلطنة. وقالت إنه يجب التركيز على التعاون مع الموردين في قضايا الاستدامة والتي قد تعزز الابتكار في المنتجات؛ حيث إنه من الواضح أن الشركات التي أقدمت على مثل هذه المبادرات قد أضافت ميزات جديدة وحسنت أداء المنتجات الحالية كما أنها أدت إلى ولادة منتجات جديدة. وبينت أن المنتجات المستدامة تؤدي إلى آثار بيئية سلبية أقل من المنتجات التقليدية، كما تحسن من خيارات التخلص منها، علاوة على أن استدامة المنتجات قد تكون عاملا يميز بعض الشركات وتؤدي إلى زيادة مبيعاتها. وتابعت: "نحن في Sustainable Square Oman نؤمن بأن مثل هذه المشاريع والمبادرات تقدم وضعا مربحا للطرفين؛ حيث إننا نعمل بشكل وثيق مع شركائنا وعملائنا للمساعدة على حل تحديات الاستدامة الأكثر تعقيدا بطرق مبتكرة من خلال الخدمات المصممة لتلبية المطالب العاجلة. وسلطت اللواتية الضوء على المشاريع المستدامة الناجحة في سلسلة التوريد محلياً ودولياً، وأكدت أنه من خلال السعي في تحسين الأداء البيئي والاجتماعي والاقتصادي.. فإن الشركات تعمل لمصالحها الخاصة ولصالح أصحاب المصلحة ولأجل المجتمع ككل.

خطط واضحة

وأكد صبحي عبد الكريم أهمية إيجاد خطط واضحة للعمل بها لخلق مؤسسات مستدامة، والتعرف على الأدوات ذات الصلة التي من الممكن أن تستخدمها المؤسسات والشركات لتقييم الوضع الحالي وتحديد مجالات التحسين لإيجاد مؤسسات مستدامة، والتركيز على الأهداف والمجالات الواقعية لخلق بيئة مستدامة. وأشار عبد الكريم إلى الحاجة في وجود تشريعات جديدة من شأنها مكافأة المؤسسات على المستوى التي تقدمها في مجال الاستدامة، وبيّن صبحي عبد الكريم أن الاستدامة لا تتمحور حول التكنولوجيا فقط، وإنما هي عبارة عن عقلية وتعليم. وأضاف: "يجب إيجاد حملة توعوية أفضل لإظهار الفوائد من الممارسات المستدامة على المدى الطويل، وعلى المؤسسات بناء ممارسات مستدامة في أعمالهم الأساسية، أما في السلطنة فما زلت أشعر بأنه لا يوجد تركيز ودعم كافٍ للممارسات المستدامة، وبالتأكيد لا يوجد حوافز ملموسة لتشجيع المؤسسات في تبني هذه الممارسات على محمل الجد، ومن جهة أخرى أرى أن على المؤسسات أن تكون شجاعة في اتخاذ الخطوة الأولى لتحقيق الفوائد المرجوة".

وأشار عمر الريامي إلى المزايا البيئية من خلال وجود الاستدامة في القطاع الصناعي دون الحاجة للتضحية في الفائدة الاقتصادية. وقال إن الاستدامة في القطاع الصناعي تمثل مفهوماً واسعاً من شأنه أن يشجع على توفير أعلى معايير الجودة والأمان من خلال عمليات من شأنها أن تقلل من الآثار البيئية واستخدام الطاقة والموارد الطبيعية بطريقة مثالية، وبالتالي تكون آمنة للمجتمع وعملية من الناحية الاقتصادية، هذه هي المتطلبات الأساسية لوجود مشروع مستدام مهما كان حجم المشروع، في حين أشار مايكل كاتز إلى أهمية خلق الوعي اللازم لأهمية وجود قطاع مستدام للصناعة والذي لا يعود لصالح المؤسسات والشركات فقط وإنما لمصلحة البلاد بشكل عام.

يشار إلى أن برنامج مجموعة الصناعيين العمانيين 2015 يأتي ضمن سلسلة من الندوات التي تنظمها المؤسسة في مختلف المجالات المتعلقة برجال الأعمال والموظفين وطلاب مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة وهي تغطي كافة الجوانب المتعلقة بعمليات التصنيع ومجالات التقنية والإدارة، وتتيح هذه الندوات لرجال الأعمال والأكاديميين ومديري تطوير الأعمال والتسويق ومديري المنتجات والمبيعات ومديري العموم والطلاب بالإضافة إلى الوسائل الإعلامية فرصة التواصل والتعرف والاطلاع على كل جديد في مختلف المجالات المتعلقة بالصناعة والاستثمار.

تعليق عبر الفيس بوك