أطفال السلطنة يرفعون رايات السلام مع المشاركين في كرنفال "فلكلور الطفل" بالمغرب

مسقط - الرُّؤية

حَمَل أطفالُ عُمان رايات السلام -بصُحبة أكثر من 600 طفل مشارك- في تقديمية المهرجان الدولي لفلكلور الطفل بالمملكة المغربية، الذي حمل عنوان "أطفال السلام"؛ من خلال كرنفالٍ طويلجاب أزقَّة وأحياء مدينة سلا المغربية، في مسيرٍ ممتدٍ أخرجت فيه الدول الـ25 المشاركة أعلامها وشعاراتها، وأبرزت فنونها وتقاليدها، فيما خرج الأهالي من بيوتهم مترنِّمين بأغانيهم الوطنية وهم يستقبلون المشاركين بالورود والهتافات.

وقال مدير المهرجان الحاج رويجل: إنَّ الكرنفال مناسبة مهمةللتعريف بالمهرجان وإشعال فتيل الحماسة في نفوس القاطنين للاستعداد والتهيؤ لأماسٍ فنيةٍ تراثيةٍ راقية، لا تتكرر طيلة العام، إضافة إلى كونه سانحة مثالية إلى أن تتحوَّل المدينة كلها إلى عرسٍ عالمي ربابنته عرسان من 25 دولة، أبوا إلا أن يقدموا تراثهم على صحن مرمرٍ في يوم بهجةٍ لا مثيل له، وهو ما انعكس إيجاباً على القيمة المعرفية والثقافية للحضور من خلال التعرف على فلكلور جميع الدول الحاضرة.

وما إنْ اصطفَّ أطفالُ فرقة "أهلا" لفلكلور الطفل العماني في طابور الكرنفال الطويل، حتى شعروا بقيمة المشاركة في هذا المحفل الكبير، وهو ما كان بادياً على وجوههم وتحركاتهم، وما تميَّزوا به، توزيع الهدايا على أهالي المدينة الذين خرجوا لاستقبالهم، وذلك من خلال عددٍ من الأقراص الممغنطة التي تتحدث عن عمان وتاريخها وأبرز المواقع السياحية والطبيعة والأثرية بها والتي برعت بها وزارة السياحة في دعمها لمشاركة الفرقة، كما أنَّ البخور العماني فاحت روائحه على طول المسيرة؛ مما جذب الأنظار إليه، وتهافت الحضور عليه متسائلين عن سر تمسك الأطفال به، وهي رسالة تعبيرية آمنوا بها كونها تحمل تجسيدا لمعنى أن تكون عمان أرض اللبان.

وقالتْالمرافقة للوفد العماني حليمة بنت ناصر بن هلال الضويانية، عن المردود الثقافي للمشاركة: لم أعش هذه اللحظة من قبل، هي لحظة تاريخية فاصلة في حياتي بصدق، أن ترفع علم بلادك، وتسير وسط هذا الحشد الضخم، ويتقاطر الناس عليك يسألونك عن أزياء بلدك وعاداتك وتقاليدك، وتستفيض في الإجابة مغتبطاً عن معالم السلطنة ورموزها وثقافتها وتنوع ثرائها الفني هو أكبر مكسبٍ لنا بلا شك، سررت كثيراًلأننا تمكنا من المشاركة في هذا المحفل الدولي الكبير، وأن نجعلالسلطنة حاضرةً من خلالنا، كُتب لي الاحتفاء بهذه اللحظة الرائعة التي ستبقى في الذاكرة طويلا".

وقالت شهد السيابية: على الرغم من طول مسافة السير، إلا أنَّ الأطفال لم يشعروا بالإجهاد أو التعب، فهم يتقاسمون رسائل السلام والمحبة والانفتاح على الآخر وتقبله وفهمه واحترامه، رأوا في المسير تواصلاً إنسانياً فارها، فلم يدخروا ابتساماتهم ليومٍ آخر، بل كانت الابتسامة خير سفيرٍ لبلدهم. وأضافت: ما كنتُ أعرف مثل هذه الأجواء من قبل، هي تجربة أولى بالنسبة لي، فلا أذكر أنني شاهدت كرنفالا حتى على شاشة التليفزيون، وأن تتاح لك الفرصة في أن تسير فيه وتعيش لحظاته فهذا أمر مدهش للغاية، الأزياء التي ارتدتها الوفود هي أجمل لوحةٍ ممكن أن تشاهدها، والجميل أن ترى 25 زياً مختلفاً، وكل وفدٍ يمر يقدم ثقافته وهويته، لذلك سعينا في أن تكون الابتسامة هي خير ترميزٍ لبلدنا التي تتربع على عرش السلام العالمي".

أمَّا الوليد بن خليفة الهنائي-وهو أحد الأطفال الذين رفعوا علم السلطنة على طول مسافة الكرنفال- فقال معتزا بهويته وأصالته: شعرت بكثيرٍ من الحب والسعادة وأنا أرتدي الزي العماني الأصيل، أعني الدهداشة والمصر والخنجر، والوشاح الوطني الأبيض، انتقيناه أبيضاً لكون المهرجان يحمل شعار السلام، ونحن خير من نمثل السلام، لذلك ظهر وشاحنا متوافقا مع رسالة السلام، ومتكاملاً مع رغبتنا في ترك بصمةٍ مميزة، حرصتُ على ألا أتنازل عن رفع العلم العماني الطويل أبداً، لم أشعر بالتعب أو الإعياء، بل كنت أسعد الناس وأحرصهم على إبراز الإنسان العماني وتمسكه بأرضه وأصالته وعروبته، في هذا المهرجان تعلمت معنى الارتباط بالأرض والهوية والولاء المطلق للوطن وقائده.

وممالفتت أنظار وسائل الإعلام، ما تميز به أطفال عمان في تقديم الهدايا التذكارية لعمدة مدينة سلا، بعد أن انتهى الكرنفال أمام "الجماعة الحضارية لسلا" وتبادلت جميع الوفود المشاركة الهدايا مع عمدة المدينة، وتقدمت الطفلة زمزم الضويانية إلى العمدة قائلة: اسمح لي أن أهديك هدية خاصة جداً لا علاقة لها بهدية الوفد"، وهي عبارة عن قرص مدمج يحوي عروض مرئية وثائقية عن السلطنة، في حين تجرأ ناصر الشكيلي في مبادرةٍ لطيفة، قائلاً للعمدة على مرأى ومسمع الجميع وأمام عدسات القنوات التلفزيونية: "اسمح لي أن أهديك أثمن ما أملك وأقلدك وشاح السلطنة"، وتقلد العمدة الوشاح ورفع علم السلطنة وسط تصفيقٍ حارٍ من الحاضرين، أشاد عدد من الإعلاميين بالمبادرة معتبرينها حركة ذكية في لفت الانتباه والاعتزاز بالهوية العمانية.

وفي صبيحة اليوم التالي، استقبل سعادة السفير عبدالله بن عبيد الهنائي فرقة "أهلا" لفلكلور الطفل العماني المشاركة في المهرجان، مرحِّباً بمشاركتهم وتمثيل السلطنة، واصفاً إياها بالخطوة الثقافية الحضارية، وأعدها مهمة ثقافية وسياحية ووطنية رفيعة، وتحمل أهدافاً سامية، خصوصاً وأنَّ المهرجان يحظى بسمعة دولية طيبة، وتحرص دولاً كثيرة على المشاركة به من مختلف بقاع العالم، طالباً من أعضاء الفرقة مواصلة المشوار، وطرق أبواب جميع الفنون العمانية وتقديمها في المهرجانات الدولية، متحدثاً في الوقت نفسه عن الصعاب التي تواجه الفرق الأهلية، وعلى رأسها الظروف المالية التي دائما ما تقف حجر عثرة في طريق غالبية الجمعيات والفرق الأهلية في أغلب البلدان العربية، إلا أنه متفائل بوقفة القطاع الخاص في المساهمة في دعم الحراك الثقافي وتعزيز دور المؤسسات الثقافية الوطنية، مؤكداً أن السلطنة تهتم كثيراً بنشر هويتها وتراثها في المحافل الدولية المهمة، مبيناً في الوقت ذاته إعجابه الشديد بلفتة إدارة المهرجان في بناء روح التسامح وتقبل الآخر وتعزيز رسائل السلام في نفوس الناشئة، وهو خير بناءٍ لمجتمع دولي مستقبلي ينعم بالسلام، فهذه المبادرات لها تأثيرها العميق في نفوس الأطفال، إذ يكبرون وتكبر معهم كل هذه المعاني السامية، متمنياً في نهاية المقابلة أن يعم الأمن والسلام ربوع العالم وأن تعيش البشرية في خيرٍ ووئام.

تعليق عبر الفيس بوك