مزيدا من "المحبة والسلام"

جعفر الشايب

أطْلَق الفنانُ التشكيليُّ السعوديُّ المتألقُ عبدالعظيم الضامن مُبادرة فنية أطلق عليها "لوحة المحبة والسلام"؛ بهدف مُواجهة حالة التوتر والعنف وخطاب الكراهية في العالم؛ حيث حظيتْ هذه المبادرة باهتمام وطني وعربي ودولي، وجال بها مختلف أقطار العالم داعياً من خلالها لنشر ثقافة المحبة والسلام بين الناس.

ومنذ العام 2005م، بدأ الضامن مشروعه الحضاري والإنساني تحت شعار "المملكة أرض المحبة والسلام"، مُتخذاً من مهرجان الدوخلة التراثي -الذي يُقام سنويًّا بمحافظة القطيف- منطلقاً للمشروع. كان هدفه هو إشراك الفنانين من مختلف الدول الخليجية والعربية للعمل من أجل إيصال رسالة نبذ العنف والكراهية وتعزيز السلام.

ومع كلِّ المصاعب التي واجهها في هذا الطريق، وكون الفكرة غير مسبوقة، تمكَّن الضامن -وبجهود مضنية- من تحقيق إنجاز عالمي يحسب له. بلغ طول اللوحة إلى الآن 1250 متراً، ومتضمنة الوصول إلى مليون كلمة محبة للناس، وداعمة للسلم الأهلي من مختلف الشرائح الاجتماعية.

واختارتْ منظمة السلام والصداقة الدولية التي تتخذ من مملكة الدانمارك مقرًّا لها -والمهتمة بنشر ثقافة المحبة والسلام في العالم- الفنان الضامن كأفضل ناشط في نشر ثقافة المحبة والسلام في العالم للعام 2014م؛ وذلك نظير جهوده في نشر ثقافة التسامح بين الشعوب، عبر لوحته التشكيلية التي ابتكرها لتكون أطول لوحة في العالم وجسراً للتواصل مع مختلف الشعوب.

... الفنان الضامن -الذي حمل رسالته ولوحته الفنية الفريدة إلى مختلف مناطق المملكة والعواصم العربية والعالمية- له عديد من النشاطات والمبادرات الفنية الرائدة على المستوى المحلي والوطني، التي تهدف إلى توجيه الفن لخدمة قضايا المجتمع واحتياجاته.

هذه المبادرات الرائدة -على الرغم من محدوديتها- نستشعر جميعاً الحاجة الماسة إليها، خاصة في هذه المرحلة التي تعجُّ بمختلف أشكال التدمير من حروب وفقر واقتتال طائفي. فهي تبث روح الأمل والسعادة في قلوب الناس في ربوع العالم، وتعطي قيمة أعلى للمحبة والسلام بينهم، وتعيد ضبط البوصلة الإنسانية نحو هذه القيم.

وفي مجتمعنا الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من أشكال الفنون المختلفة، وتأثيرها الإيجابي والفعال، تكون الحاجة أكثر إلى مزيدٍ من مثل هذه المبادرات لمواجهة أنماط الأحادية المتطرفة التي تسود ثقافة المجتمع، وتزيد من قلق أبنائه وتوترهم.

... من المهم أن يتحوَّل الفن إلى رافعة تسمُو بالمجتمع وتحسِّن من ذائقته، وترفع من نُبل إنسانيته ومشاعره، وتساهم في تعزيز قيم الحُب، وتُعالج قضايا الإنسان وحقوقه. بهذه الصورة، يتحوَّل الفن إلى داعم للمجتمع ومساهم في تطوره والارتقاء بمستواه، وعبره يمكن استنطاق حاجات وقضايا أبنائه.

إنَّ الجهود التي يبذلها الفنانون المتميزون -كالأستاذ الضامن وغيره من الفنانين- بحاجة إلى دعم وإسناد حتى يُمكن لمثل هذه المبادرات أن تتقدَّم وتتطوَّر وتقدِّم أنماطاً للتسامح والمحبة والسلام والعيش المشترك، بدلاً من الكراهية والتشدُّد والتطرُّف والأحادية.

... لا شكَّ أنَّ هناك كثيراً مما يُمكن فعله في هذا المجال، لكنه يحتاج إلى مساهمات جماعية أهلية ورسمية لرفع القيود وتوفير الدعم اللازم لها كي تحقق أهدافها المبتغاة.

تعليق عبر الفيس بوك