استراتيجيات رمضانية(20)

استراتيجية التعامل مع القرآن (2)

سالم بن سعيد البوسعيدي

سأل والد المفكر الإسلامي محمد إقبال ولده: ماذا تقرأ "وكان صغيراً"

فأجابه الولد أقرأ القرآن

وكان في كل مرة يسأل الوالد ولده نفس السؤال ويجيب الولد أقرأ القرآن،

فقال الوالد لولده: اقرأ القرآن وكأنه يتنزل عليك.

علينا أن نقرأ القرآن مع حضور القلب والفهم والتدبر وإلا كنّا في هجران للقرآن إن لم نتدبر معانيه. قال تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" الآية.

رمضان نزل فيه القرآن والقرآن يدعو إلى العلم "اقرأ"

الهدف الأسمى من القرآن أن يكون منهجا لنا في هذه الحياة، وأن يغير السلوك السيئ إلى الحسن؛ أي أن نعيش معه ونعمل به، وحتى نعمل به لا بد أن نفهم معانيه ومراد الله عزّ وجلّ من الآيات.

وهذا لا يأتي من القراءة السريعة الخالية من التدبر؛

رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حينما حثنا على الإكثار من تلاوته، وبيَّن لنا في أحاديثه عظم ثواب القراءة كان الهدف من ذلك أن نداوم على الاقتراب منه، ونعيش مع آياته ونفهمها ونعيش بها.

أما أن نقترب منه، ونكثر من تلاوته، ولا نتدبره ولا نعيش معه، فهذا ليس هو المطلوب، فلا بد من التدبر عند قراءته قال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾

ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عمرو بن العاص أن يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام، وقال له: "لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث"، وهذا يدل على أنّ التدبر وفهم معاني القرآن، لا بد أن يلازم القراءة.

إذا نظرنا لحال الصحابة مع القرآن لوجدنا أنهم جمعوا بين الأمرين:

الإكثار من تلاوته والعمل به، غيَّرهم القرآن الكريم،

كانوا مجموعة من الأعراب لا وزن لهم ولا قيمة، يعلو فيها صوت العصبية والجاهلية، غلاظ القلوب، فعاشوا مع القرآن الذي حوَّلهم إلى نسائم رقيقة في معاملة الناس جميعا، وقَّافين عند حدود الله، لم يكونوا يتقبلون القرآن ويتلقونه على أنه شيء يُتلى وفقط؛ بل يتلقونه على أنهم هم المخاطبون به، المعنيون بما فيه من المعاني؛ ولذلك انتفعوا بالقرآن.

ورد عن الصحابة أن أحدهم كان يقيم الليل بآية واحدة،

تميم الداري كرر قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ وظل يردد هذه الآية حتى أصبح، وهو لا يرددها طلباً للأجر بقراءةِ الأحرف؛ وإنما لطلب ما فيها من المعاني والخير والهدى.

قال عبد الله بن مسعود: "لا تهذُّوا بالقرآن هذَّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم من السورة آخرها"

إذن ما دام كلا الأمرين مهم؛ فكيف نوازن بين الكم والكيف في رمضان؟، وكيف ننال الحسنيين معا، هذا ما وضحناه في البرنامج العملي في قيمة الوقت في جهدنا هذا ونوضحه الآن أكثر

استراتيجية التعامل مع القرآن (2)

خطة مقترحة

"أولا: أن تهيئ نفسك وقلبك عند قراءةِ وردك القرآني، بأن تتوضأ وتستقبل القبلة، وتتخير الأوقات التي لستَ فيها مجهدا، وتستشعر بقلبك عظمةَ ما تقرأ، وأن هذا الذي تقرؤه رسالة من مولاك إليك.

"ثانيًا: أن تسأل نفسك قبل رمضان: كم ختمة أريد أن أختمها في رمضان؟

وأن تخصص وقتا كافيا لقراءة وردك، مثلاً إذا أردت أن تختمه ثلاث ختمات، فلا تخصص نصف ساعة مثلا فإذا لم تجد وقتا لثلاث ختمات، فلتختمه مرتين بتدبر خير من ثلاث بدون تدبر.

"ثالثا: أن تتدبر الآيات، وتقف عند معانيها ومقاصدها، وتتجاوب معها، ولا يكن همك الوصول إلى نهاية السورة.

"رابعا: أن تعلم أن التدبر وسيلة وليس غاية، وإنما الغاية هي أن يُغيِّر القرآن من سلوكك، وأن يكون منهجا لك في حياتك.

"خامسا: أن تجعل جزءا من وردك في الليل، وألا تقرأه كله بالنهار،

"سادسا: لتجعل من كل جزء آية تتوقف معها وترددها كثيرا وتعيش معها وتطبقها في حياتك، ثلاثون آية تعيش معها وتؤثر فيك وتُغيِّر من سلوكك.. فإذا انتهى الشهر فسيكون حالك مختلفا تماما قبل رمضان؛

ورد للتدبر وورد للقراءة مع التجويد وورد للحفظ

#خذ ورقة وحدد

"كم ختمة تريد أن تختم في رمضان؟

"حدد الوقت الذي ستقرأ فيه ختمة التدبر

"حدد الورد الليلي زمانا ومكانا

#اكتب: سأقرأ القرآن هذا العام قراءة مختلفة تدبرية تأملية

salem2226@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك