صدمة في اليونان بعد إغلاق البنوك وتجمد الحسابات.. وساعات قليلة تفصل أثينا عن شبح الانهيار المالي

الحكومة تفرض قيودا رأسمالية.. ورفض "الإنقاذ" يدفع بالدولة خارج منطقة اليورو-

عواصم- الوكالات-

استيقظ اليونانيون امس الاثنين ليجدوا البنوك وقد أغلقت أبوابها أمام الجمهور وأوقفت التعامل من خلال ماكينات الصراف الآلي وسط جو من الشائعات ونظريات المؤامرة بعد أن دفع انهيار مفاوضات أثينا مع دائنيها اليونان التي ترزح تحت وطأة إجراءات تقشف إلى حافة الهاوية.

ولعدم حصول اليونان على أي تمويل إضافي من البنك المركزي الأوروبي لسداد مستحقات دائنيها، فرض رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس على مضض قيودا رأسمالية للحيلولة دون انهيار البنوك تحت وطأة أي تدافع مذعور على السحب.وأمام اليونان أقل من 48 ساعة لسداد ديون بقيمة 1.6 مليار يورو لصندوق النقد الدولي. وقد يؤدي تعثر اليونان عن سداد مديونيتها إلى خروج البلاد في النهاية من منطقة اليورو.وبعد أن أغضب تسيبراس دائني اليونان الدوليين بإعلانه الاستفتاء العاجل حول بنود اتفاق التمويل مقابل الإصلاحات بدأت آمال الوصول إلى انفراجة في اللحظة الأخيرة تتلاشى سريعا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه يعتقد أن من الصعب على اليونان أن تبقى ضمن منطقة اليورو إذا ما صوت اليونانيون برفض الاتفاق مع المقرضين الدوليين في الاستفتاء المقبل.وقال كاميرون في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "إذا صوتوا بلا أجد أنه من الصعب أن نرى كيف يكون هذا منسجما مع البقاء في منطقة اليورو لأني أعتقد أنه ستكون هناك مشكلة كبيرة جدا. لكن القرار متروك لليونانيين."وستظل بنوك اليونان مغلقة لما بعد الخامس من يوليو تموز على الأقل وهو موعد إجراء الاستفتاء وستبقى عمليات السحب من ماكينات الصراف الآلي مقيدة بقيمة 60 يورو يوميا عندما تستأنف خدماتها اليوم الثلاثاء.

وبمجرد إعلان تسيبراس عن الإجراءات العاجلة في ساعة متأخرة من يوم الأحد اصطف المواطنون في طوابير طويلة أمام ماكينات الصراف الآلي وخارج محطات الوقود أملا في الحصول على بعض المال قبل فوات الأوان.ونشرت الصحف على صفحاتها الأولى صورا لطوابير طويلة أمام ماكينات الصراف الآلي. وكان العنوان الرئيسي لإحدى الصحف "ساعات درامية" بينما تساءلت صحيفة أخرى "متى ستفتح البنوك؟". ومع انتشار الشائعات اصطف العشرات من أصحاب المعاشات خارج مكتبين على الأقل من مكاتب بنك اليونان الوطني يوم الاثنين بعد انتشار شائعة أنه بإمكانهم سحب المعاشات من بعض الفروع. إلا أن تلك الفروع أغلقت أبوابها في وجوههم.وعلى الرغم من الصدمة المالية سارت بعض مظاهر الحياة اليومية بشكل طبيعي حيث فتحت المحال والصيدليات والمتاجر أبوابها كالمعتاد. وتجمع اليونانيون في المقاهي والمطاعم يتجاذبون أطراف الحديث حول مصير بلدهم. كما تجمع السياح كالمعتاد لمشاهدة عملية تغيير الحرس الرئاسي خارج مقر البرلمان.

إلى ذلك، وجه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر انتقادا شديدا للحكومة اليونانية بسبب رفضها اتفاق التمويل مقابل الإصلاحات بداية الأسبوع وقال إنه شخصيا شعر بأنه تعرض للخديعة.

وقال يونكر إنه مازال يعتقد بأن خروج اليونان من منطقة اليورو ليس خيارا مطروحا لكنه حذر من أنه وحده لن يكون بمقدوره أن يحمي أثينا من القادة الآخرين الذين قد لا يوافقوه الرأي.وخلال مؤتمر صحفي طارئ بمقر المفوضية الأوروبية في بروكسل استعرض يونكر ما قال إنه عرض عادل لليونان أفضل اجتماعيا مما سعت إليه حكومة أثينا متجاوزا بندائه هذا رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إلى الناخبين الذين دعاهم تسيبراس إلى رفض الاتفاق في استفتاء سيجرى يوم الأحد.وقال يونكر "وقوف ديمقراطية واحدة في مواجة 18 ديمقراطية أخرى ليس بالمسلك الذي يناسب الأمة اليونانية."

ومن جهة أخرى، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن أوروبا باتت في وضع أفضل من الماضي يؤهلها للتعامل مع أزمة الديون في بلاد مثل اليونان.وقالت ميركل إن "أوروبا يمكنها التعامل بشكل أفضل بكثير مع الأزمات مثل تلك التي نراها في اليونان الآن لأننا حققنا الكثير سويا". وأضافت أنه على الرغم من أهمية التوصل لحلول وسط في أوروبا، فإن هذا الأمر لا ينبغي أن يقوض المبدأ الأساسي المتمثل في ضرورة تضافر التضامن والجهود الذاتية معا.

وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن ميركل ترغب في إجراء المزيد من المباحثات مع رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إذا كانت لديه الرغبة في ذلك.وقال المتحدث خلال مؤتمر صحفي دوري "بالطبع هي مستعدة للمزيد من المباحثات مع رئيس الوزراء تسيبراس إذا كان يرغب في ذلك بالفعل". وأضاف متحدث باسم وزارة المالية أنه ليست هناك حاجة لدق ناقوس الخطر بشأن اليونان لأنها تمثل جزءا صغيرا فقط من اقتصاد منطقة اليورو.

إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الصينية إن منطقة اليورو تتمتع بالحكمة والقدرة اللازمة لحل أزمة ديون اليونان وذلك بعد إخفاق أثينا في التوصل إلى اتفاق مع مقرضيها لتقترب بذلك خطوة أخرى نحو التخلف عن سداد الديون.وقد يؤدي تخلف اليونان عن السداد إلى خروجها من منطقة اليورو.وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية في اللقاء اليومي مع الصحفيين إن الصين تفضل بقاء اليونان داخل منطقة اليورو.

وأعطت المفوضية الأوروبية موافقتها القانونية على فرض اليونان قيودا رأسمالية قائلة إن أثينا معذورة على ما يبدو في انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن حرية حركة رأس المال من أجل حماية بنوكها.وقال جوناثان هيل مفوض الخدمات المالية في بيان "في ظل الظروف الراهنة يشكل استقرار النظام المالي والمصرفي في اليونان مسألة تغليب للمصلحة العامة والسياسة العامة تبرر على ما يبدو فرض قيود مؤقتة على التدفقات الرأسمالية."وأضاف "الحفاظ على الاستقرار المالي هو التحدي الرئيسي والعاجل أمام البلاد".

تعليق عبر الفيس بوك