اليونان: البرلمان يقر "استفتاء الإنقاذ".. وتخلف محتوم عن سداد الديون يضع أثينا على شفا الخروج من منطقة اليورو

أثينا، بروكسل- الوكالات

وافقَ البرلمانُ اليوناني، أمس، على الاستفتاء الذي اقترحه رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس على خطة الإنقاذ في الخامس من يوليو؛ ليضع اليونان بذلك على طريق نحو استفتاء أثار غضب الدائنين الدوليين، وزاد من فرض خروج اليونان من منطقةاليورو.

وحصلتْ الحكومة بسهولة على نسبة الأصوات اللازمة لإجازة الاستفتاء وهي 151 صوتا.ومن المقرر أن يصوت اليونانيون بشأن ماإذا كان يقبلون أو يرفضون أحدث شروط عرضها الدائنون على أثينا من أجل الإفراج عن مليارات اليورو في إطار صفقة إنقاذ.ورد الشركاء الأوروبيون بشكل سلبي على إعلان الاستفتاء. ورفضوا طلبا من تسيبراس لتمديد برنامج الانقاذ الحالي من أجل تغطية الفترة المؤدية إلى الاستفتاء. ويعني هذا الرفض أن من المحتمل أن تتخلف اليونان عن سداد دين رئيسي لصندوق النقد الدولي غدا الثلاثاء.

وأغلق الشركاء الأوروبيون الباب أمام تمديد الموعد النهائي لاتفاق إنقاذ لليونان ليتركوها تواجه عجزا عن سداد ديونها قد يدفعها إلى خارج منطقة اليورو بعدما رفضت الحكومة اليسارية مطالب قاسية للدائنين ودعت لاستفتاء على اتفاق الإنقاذ.

وللمرة الأولى، التقى وزراء مالية الدول الثمانية عشرة الأخرى الأعضاء في منطقة العملة الأوروبية الموحدة بدون اليونان ورفضوا بشدة تمديد موعد انتهاء صفقة الإنقاذ إلى ما بعد الاستفتاء المقرر في الخامس من يوليو المقبل. وفي هذا الوضع الحرج أصبحت اثينا على شفا العجز عن سداد دين مهم لصندوق النقد الدولي غدا الثلاثاء.وتعهد الوزراء الثمانية عشر ببذل كل الجهود الممكنة لضمان الاستقرار في منطقة اليورو وقالوا إنهم الآن في وضع أفضل لتحقيق ذلك عما كانوا عليه في ذروة أزمة العملة الموحدة قبل بضع سنوات. وفي بيان رسمي، حثَّ الوزراء اليونان ضمنيا على وضع ضوابط على رأس المال من أجل استقرار النظام المصرفي.ورفض تمديد المهلة يضع ضغوطا هائلة على البنوك اليونانية التي تعتمد على دعم البنك المركزي لتظل قادرة على الوفاء بمهامها بينما اصطفت طوابير طويلة أمام ماكينات الصرف الآلية مع سعي المواطنين لسحب أموالهم. ورغم ذلك ظلت البنوك تعمل بشكل طبيعي.

وبعد القرار اليوناني المفاجئ بالاستفتاء على اتفاق الإنقاذ، طالبتْ أثينا بتمديد برنامج الإنقاذ الأوروبي لما بعد الثلاثاء وهو اليوم الذي يتعين على الحكومة فيه سداد 1.6 مليار دولار لصندوق النقد الدولي وإلا اعتبرت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها.لكن بقية الأعضاء الثمانية عشر في منطقة اليورو رفضوا الطلب اليوناني بالإجماع وقرروا تجميد أي تفاوض لليونان مع البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول كيفية التعامل مع تبعات التصدع التاريخي في العملة الأوروبية التي بدأ العمل بها قبل 16 عاما.

وقال وزراء مالية مجموعة اليورو -في بيان حمل رفضا واضحا لفترة السماح التي طلبتها اليونان لإجراء الاستفتاء: "ترتيبات المساعدة المالية للعملة مع اليونان ستنتهي في 30 يونيو 2015 وكذلك جميع الترتيبات ذات الصلة بالبرنامج اليوناني الحالي".

ويطالب العرض المقدم من الدائنين اليونان بخفض المعاشات وزيادة الضرائب بوسائل يعترض عليها منذ وقت طويل رئيس الوزراء الحالي أليكسيس تسيبراس باعتبارها تؤدي لزيادة واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر لبلد ربع قوته العاملة عاطلون.

وبين سندان المخاوف من انهيار اقتصادي ومطرقة مطالب الدائنين الدوليين يشعر الكثير من اليونانيين بالصدمة رغم أن استطلاعات الرأي في الصحف تشير إلى تأييد الأغلبية لقبول شروط صفقة الإنقاذ.

وقال جورج كامبتسيس وهو عجوز عمره 70 عاما "يحاولون قتلنا. لا أعتقد أنها معضلة بشأن البقاء في منطقة اليورو أو الخروج منها. لكن تلك الشروط في صفقة الإنقاذ لا يمكن القبول بها". وأضاف لا نملك أي مال لكنهم يريدون الحصول على المزيد منا. كيف سنأكل.. كيف سنعيش؟".

لكن الصبر نفد في بلدان أخرى بمنطقة اليورو بينها ألمانيا القوة الاقتصادية الكبرى في الاتحاد ودول أخرى على الساحل الشمالي للبحر المتوسط عانت من إجراءات تقشف للحصول على أموال من الاتحاد الأوروبي وبلدان شرقية فيها مستويات المعيشة أدنى من اليونان.والأسئلة كثيرة حول الاستفتاء الذي دعي إليه لاتخاذ قرار بشأن صفقة الإنقاذ التي قد يسحبها أصحابها.

وأكد وزير المالية الفرنسي ميشيل سابين أن باريس على الأقل لا تزال مستعدة للتفاوض.وقال: "هناك 18 بلدا في المجموعة غير اليونان وكلها قالت إن اليونان جزء من منطقة اليورو وينبغي أن تظل جزءا من منطقة اليورو مهما كانت الصعوبات الحالية". وقال رئيس مجموعة اليورو جيروين ديسلبلوم إن منطقة اليورو مستعدة للتصدي لأي آثار ضارة لأزمة الديون اليونانية.وأضاف ديسلبلوم "ناقشنا أمورا عدة من بينها التصميم القوي (داخل منطقة اليورو) والحفاظ على قوة (هذا التكتل). لقد وضعت الأطر وتم بناء مؤسسات تعزز تعاوننا وتقوي وحدتنا النقدية. نحن الآن في وضع أقوى عما كنا عليه قبل الأزمة". وتابع: "جميعنا عازمون على الاستخدام الكامل للأدوات المتاحة للحفاظ على تكامل واستقرار منطقة اليورو".

وفي الأثناء، قال مسؤول ألماني رفيع إن مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل دعت قادة الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد إلى اجتماع أزمة في مقر المستشارية في برلين اليوم الإثنين لمناقشة الأزمة اليونانية.وأضاف المسؤول أنه تم توجيه الدعوة لرؤساء وقادة جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان الألماني لحضور الاجتماع.

وفي المقابل، قالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الاستفتاء الذي ستجريه الحكومة اليونانية في الخامس من يوليو سيكون حول شروط إنقاذ للبلاد لم تعد قائمة نظرا لأن برنامج الإنقاذ الحالي ينتهي في 30 يونيو.ورغم ذلك قالت لاجارد إنه إذا جاءت نتيجة الاستفتاء "بنعم" للبقاء في منطقة اليورو وإصلاح الاقتصاد اليوناني فإن المقرضين سيكونون على استعداد لبذل جهود.

وأبلغت لاجارد "بي.بي.سي" بأن الحكومة اليونانية لا يزال لديها وقت لتغيير المسار وقبول مقترحات منطقة اليورو.

إلى ذلك، قال وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الحكومة اليونانية تدرس فرض قيود رأسمالية وإغلاق بنوك البلاد اليوم الاثنين.

وقال وزير المالية النمساوي هانز يورج شيلينج إن خروج اليونان من منطقة اليورو لن يكون ممكنا إلا إذا طلبت أثينا أولا الخروج من الاتحاد الأوروبي ووافقت باقي الدول على طلبها.

كما قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن إبرام إتفاق المساعدات مقابل الإصلاحات مع اليونان لا يزال ممكنا وحث حكومة أثينا على العودة إلى طاولة المفاوضات. وأضاف فالس: "لا أستطيع تقبل فكرة خروج اليونان من منطقة اليورو...يجب أن نجد حلا".

من جانبه، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إنه يجب أن تبقى اليونان جزءا من العملة الأوروبية الموحدة. وأضاف أنه على اتصال بزعماء الحكومة لمنع خروج أثينا من الاتحاد النقدي.

تعليق عبر الفيس بوك