بين "الدرنه والحرنه" الرياضة في كل "قرنه"

المعتصم البوسعيدي

قبل الخوض في موضوع المقال يجب شرح تفاصيل العنوان المستمد من المثل العماني الدارج "اليوم الدرنه وباكر الحرنه وبعد باكر كل واحد في قرنه" وهو مثل يُعنى بعادة يطلق عليها في كثير من ولايات السلطنة "بالدرنه" أي أكل كمية طعام بدون شروط أو قيود في اليوم الذي يسبق بداية شهر رمضان المبارك ثم تتبعه "الحرنه" أي التوقف عن الأكل للصيام في النهار على غير المعتاد في الشهور الأخرى مما يعني وجود حالة "نفسية صعبة" تؤثر بعد ذلك على الناس والتي تتأخذ لها مكان متباعد عن بعضها في كل "قرنه" أي زاوية كناية على الحالة التي وصلت إليها!!

على هذا كانت الأيام القليلة الماضية حُبلى بالأحداث التي تمثل حالة "الدرنه" ولعلّ الوجبة الدسمة التي أخذت الحيز الأكبر محليًا هي قضية مدرب منتخب كرة القدم "لوجوين" وجدل رحيله من عدمه والذي انتهت ببيان الاتحاد العماني وتصريح السيد رئيس الاتحاد العُماني بوسائل التواصل الاجتماعي والتعاطي الإعلامي والرأي العام مع الموضوع وحالة "الشد والجذب" التي أرى أنها حالة دفاعية عن المواقف لا أكثر زادت من رقعة الخلاف لا الاختلاف وباتت تشكل "هوة" أظهرت وستظهر تراكمات سابقة ولاحقة إن لم تضر فإنها لا تخدم كرة القدم بأي شكل من الإشكال.

أجمل وجبة قبل رمضان قدمها منتخب الهوكي للصالات بإنجازه التاريخي في أول مشاركاته بعد الإشهار وذلك بتحقيقه للكأس العربية الأولى إثر تغلبه على المنتخب القطري رابع آسيا في النهائي المثير الذي أنتهى بضربات الجزاء (مواجهات 6 ثواني) في إنجاز ـ أظنه ـ ينصف لعبة الهوكي العُمانية بشكل عام وينبئ بمنتخب ـ إذا ما استمر وتم إعداده بصورة مثالية ـ سيحتل مكانة مرموقة على المستوى القاري والدولي.

أحد وجبات "الدرنه" اللذيذة ـ إن صح التعبير ـ الإعلان عن "كأس السويني لمحترفي الشواطئ" هذه البطولة التي تبحث لها عن فسحة داخل روزنامة المسابقات بالاتحاد العماني لكرة القدم وهي بطولة قدمت نفسها بشكل جيد حتى الآن من خلال الحالة الإعلامية التي تصحبها والتسويق الجيد علاوة على أهدافها والشراكة القائمة مع القطاع الخاص، والمثير في هذه البطولة هو الاستثمار الرائع لإنجازات الكرة الشاطئية وفق الرؤية التي طرحت والمتطلعة لإقامة دوري عماني لكرة القدم الشاطئية في المنظور المستقبلي، وقد أحسن المنظمون في استقطاب الاعلام وتعيين النجم الخلوق هانئ الضابط كسفير للبطولة وإشراك مدرب المنتخب طالب هلال كمدير للجنة الفنية، علاوة على النهج الجيد في الشروط والتي من أهمها "أن يكون اللاعب المشارك لا يلعب لأي فرق النادي المشارك وفي جميع الفئات المختلفة".

الوجبات العالمية كان لها حضور في "الدرنه" من بينها الاخبار المتواترة عن عدول "بلاتر" عن الاستقالة والحديث الكبير حول ملفات الفساد والتي طالت هذه المرة الأشقاء في المملكة المغربية وعن تقديمهم رشاوي في ملف المغرب المقدم لاستضافة مونديال98 والذي قوبل بالرفض الشديد من الجانب المغربي، كما أنّ التأويلات السياسية الكبيرة حول أحداث الفيفا مستمرة وهي تمس مصالح الدول الكبرى وكيف لا وقد تم التصويت في البرلمان الأوربي على ضرورة رحيل "بلاتر" فورًا كما أن البرلمان رحب بتعليقات دومنيكو سكالا رئيس لجنة المراجعة في الفيفا حول سحب تنظيم مونديال 2018 بروسيا و2022 بقطر في حالة ثبوت تقديم رشى للفوز بالاستضافة.

اليوم مع دخول شهر رمضان المبارك، يجب ألا ندخل في "الحرنه" أي التوقف، بل هناك "وجبات" كثيرة خلال هذا الشهر يجب الإفطار بها كوجود مساحة وفرصة لمراجعة حساب رياضتنا، ومن الجيد ألا تكون أطراف الرياضة متشتتة في كل "قرنه" أي زاوية دلالة على التباعد، بل على طاولة حوار واحدة يقودها الإعلام بسلاح النقد الهادف وتقديم الدعم اللازم، وأتمنى ألا يأخذ الإعلام الرياضي "قسط راحة" تعودنا عليها خلال شهر رمضان خاصة في الجانب المرئي منه، وكنت آمل أن تُعلن القناة الرياضية عن برامج تستهدف الرياضيين القدامى والحاليين وتبرز سنوات عطائهم وهموهم وتلامس الجوانب الإنسانية والرياضية، فكم من رياضي طوته صفحة الأيام وأصبح منسيًا نستعيد ذكراه من خلال بضعة أحداث وأطلال منازل مبكيًا عليها، وكما هو رمضان شهرًا للتغذية الراجعة وبداية جديدة للنفس، فليكن كذلك في مشهدنا الرياضي؛ لتصبح "الدرنه" اليوم، وغدًا وما بعد غد.

تعليق عبر الفيس بوك