علي بن بدر البوسعيدي
قدمت جريدة الرؤية منذ أن خطت أولى حروفها على صدر صفحاتها عددًا من المبادرات التي تتمحور أهدافها حول نشر وغرس مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وتعد مكتبة السندباد المتنقلة للأطفال إحدى المبادرات في هذا الجانب، حيث تهدف الفعالية والمبادرة التي حطت رحالها في معظم ولايات السلطنة إلى غرس حب القراءة والاطلاع واقتناء الكتب في نفوس الناشئة؛ الأمر الذي من شانه أن يسهم في زيادة حصيلتهم المعرفيّة بما يعزز مهاراتهم ومداركهم العقليّة، من خلال ما تتشربه عقولهم وحواسهم من ثقافة وعلوم.
.. غير أنّ أجمل ما في الأمر أنّ هذه المكتبة ومن خلال تطوافها المعرفي المدروس أسهمت بطريقة ما في سد النقص بالمكتبات العامة، فقد استطاعت المكتبة في غضون شهور قلائل استقطاب كم كبير من الأطفال.. وجابت معظم أنحاء السلطنة حيث كانت ضربة البداية بولاية عبري بمحافظة الظاهرة ومن ثم صحار والداخلية وظفار وغيرها من الولايات، وفوق ذلك شكلت حضورا هائلا في النسخة الأخيرة من مهرجان مسقط.
ولمن لا يعرف المكتبة فهي عبارة عن حافلة متجولّة تتضمن بداخلها مكتبة مصغرة تحتوي مئات الكتب من مختلف دور النشر العربية والأجنبية وتتنوع الكتب المعروضة ما بين قصص الأطفال والكتب التعليمية والروايات والمجلات العلمية والترفيهية وغيرها من المضامين الهادفة التي تستهدف الأطفال والصغار بمختلف المراحل العمرية والتعليمية كالفعاليات المتنوعة ومسابقات الأسئلة والمعلومات والألعاب الترفيهية المصحوبة بتوزيع هدايا تشجيعية للأطفال المشاركين.
وتحدو القائمين على مبادرة مكتبة السندباد المتنقلة للأطفال أحلام كبيرة، لاسيما وأنّها اللبنة الأولى في مشروع مُتكامل يسعى إلى تعزيز ثقافة القراءة والتنوير، هدفه أن يكون لكل طفل على أرض عمان كتاب يزيد من ذخيرته المعرفية ويؤصل داخل نفسه فضيلة شغف الاطلاع المفيد.
وأخيرًا وليس آخرًا ألفت إلى أنّ الدلالة الرمزية لاختيار اسم السندباد لم تأت من فراغ فشخصيّة السندباد الشهيرة في كتاب ألف ليلة وليلة وإن كان مختلفًا حول حقيقتها إلا أنّها مستوحاة من قصة بحار عماني من مدينة صحار تمكن من الوصول إلى مدينة كانتون الصينية ونشر الإسلام هناك، لذا أجد أنّ اختيار الاسم كان موفقا فهو يهدف إلى تعريف أطفالنا بتاريخ أسلافنا المليء بالإنجازات، حيث اقتحم أجدادنا النواخذة البحار وأبحروا في خضم أمواجها المتلاطمة تجارًا ودعاة ورسل سلام.