مواطنون: إدمان "الجيل الرقمي" للتكنولوجيا يؤثر بالسلب على النمو ويزيد من مشاعر العزلة

 

حثوا أولياء الأمور على توعية النشء بمخاطر الألعاب الإلكترونية وإفراط استخدام وسائل التقنية الحديثة

 

الوردي: الألعاب المحرضة على العنف تزيد من مشاعر العدوانيّة

الغافري: الأطفال الأكثر جلوسًا أمام الحاسوب يعانون من الانطوائية وقلة النشاط الاجتماعي

القاسمي: مخاطر التوحد تتهدد الأطفال بسبب التكنولوجيا

 

أكد مواطنون أن إدمان "الجيل الرقمي" لاستخدام وسائل التكنولوجيا يؤثر بالسلب على نموهم، ويزيد الرغبة الداخلية لديهم في العزلة ويعزز الشعور بالأنانية والاستحواذ، داعين أولياء الأمور إلى توعية النشء بمخاطر هذه الوسائل والتي تتضمن الألعاب الإلكترونية العنيفة والمحرضة على العنف بشكل خاص.

وقالوا إنّ الفئة الأكثر تأثرا بهذه السلبيات هم المراهقون، نتيجة لتأثرهم السريع بمحيطهم وسرعة تبدل مشاعرهم في هذه السن الخطرة، مؤكدين أنّ الإفراط في استخدام الأجهزة التكنولوجيّة تضر بالذاكرة وتضعف النظر، وذلك بالإضافة إلى سلبيات عدة أخرى.

ومع انتشار وسائل التقنية الحديثة، باتت الأسر تمتلك العديد من هذه الأجهزة، والتي يستخدمها الأطفال والمراهقون بشكل متزايد، فيما يتسبب من مخاطر محدقة بالمجتمع والأسرة على السواء.

 

الرؤية- محمد قنات

 

وقال عثمان بن عبدالله الوردي إنّ التكنولوجيا دائماً ما تستخدم من قبل الأطفال في الأعمار المختلفة في مجالات التسلية والتعليم أو الترفيه، لكن لها تأثيرها السلبي على الأطفال، غير أنه يرى أنّ هذا التأثير نادر، مقارنة بما تقدمه هذه البرامج والألعاب التي تستحث ذكاء الطفل وتعزز سرعة بديهته وتحفز اعتماده على نفسه وتعلمه الكثير من الأمور التي يصعب تعليمها له دون أن تقدم إليه ضمن قالب مشوق ومسل. لكنه أوضح أنّ كثرة استخدام هذه الوسائل يؤدي إلى ضعف النظر والإضرار بالعمود الفقري، وضعف المناعة وضعف الذهن على المدى الطويل، وفي بعض الأحيان يصبح الطفل عدوانياً. وأكّد الوردي ضرورة تنظيم وقت الطفل بين هذه الألعاب وممارسة الرياضة الحقيقية مثل السباحة وألعاب الكرة بأنواعها، والتي من شأنها أن تعود بالفائدة على الطفل من الناحية الجسميّة والعقلية، ومن الأفضل تعليم الأطفال هذه المبادئ واصطحابهم إلى رحلات لكسب الوقت معهم ومعرفة احتياجات الطفل وتأسيس علاقة معهم وتعليمهم كل ما هو مفيد.

وأشار الوردي إلى أنّ هناك أضرارا تربوية وأخلاقية من هذه الألعاب على الأطفال، لاسيما ألعاب البلاي ستيشن، حيث إنّ هناك كثيرا من هذه الألعاب يقوم فيها بطل اللعبة بالقتل والتخريب والسرقة وإيذاء الآخرين حتى يصبح فائزاً، ثم تأتي صيحات تشجيعية لفوزه وقيامه بالأعمال التدميرية. وتابع أن الدراسات اكدت أن إدمان الأطفال لمشاهدة وممارسة هذه الألعاب يولد فيهم العدوانية وحب العنف والمغامرات والسرقة وإيذاء الآخرين، وكل هذه أمور تخالف منهجنا الإسلامي وما يحثنا عليه الشرع الحنيف.

وزاد الوردي أنّ الأطفال الذين يمارسون هذه الألعاب لساعات طويلة في مرات كثيرة يتكاسلون عن أداء واجباتهم المدرسية ومراجعة دروسهم اليومية، إلى جانب أن سهرهم من أجلها لساعات طويلة يؤدي إلى التأخر في النوم، فيضيّع عليهم صلاة الفجر مع الجماعة، ومن ثمّ يذهبون إلى المدرسة وهم مرهقون وكسالى. وتابع أنّ من أضرار هذه الألعاب تفكيرهم المستمر في هذه الألعاب أثناء يومهم الدراسي، وكل هذا يؤدي إلى تأخرهم دراسيًا وينعكس على نتائجهم بنهاية العام الدراسي، كما ينتج عن جلوس الأطفال أمام هذه الألعاب لمدة طويلة عدم رغبتهم في مجالسة الآخرين، والكسل والخمول وقلّة الحركة، مما ينتج عنه عدم مشاركتهم في الأنشطة الطلابية والمناسبات الاجتماعية والعائلية. وأوضح أن من بين هذه الألعاب كثير من المناظر التي لا تليق بأخلاقنا وعاداتنا وتتنافى مع قيم وتعاليم ديننا، حيث يشاهدون الفتيات والنساء بملابس خادشة للحياء، ومن خلال تكرار هذه المشاهد يألفون مشاهدة هذه المناظر والحركات غير الأخلاقية في واقع حياتهم، وقد يزداد الأمر سوءا عندما يألفون ممارستها ومن ثم تنهار لديهم القيم الدينية والأخلاقية السليمة.

وتابع أنّ الغضب من الصفات التي حذّر منها الإسلام، والشاهد في هذه الألعاب أنّ المستخدم يتنافس بقوة بين اللاعبين وأحيانًا بين اللاعب وحده والمقابل له في اللعبة، مما يؤدي إلى سرعة الغضب، فينشأ أطفالنا سريعو الغضب، وقد ينعكس ذلك في علاقته بأبويه.

الانطواء والعزلة

من جهته، قال علي بن سعيد الغافري إنّ هناك سلبيّات كثيرة تنجم عن جلوس الأطفال أمام أجهزة التكنولوجيا لساعات طويلة، من بينها تنامي مشاعر الإنطوء والعزلة ورفضه الانخراط في الانشطة الاجتماعية، كما أنه يتعرض لتشتت الأفكار وفقدان التركيز الذهني ونقص النمو العقلي وانعدام النشاط الرياضي، إلى جانب أنها تُضعف أفكار الطفل الشخصية وغيرها من المشاكل المرتبطة بالنواحي الصحية؛ مثل ضعف النظر واحتباس الأعصاب والوهن وجلب الخمول والكسل.

وتابع أنّ التكنولوجيا هي سلاح ذو حدين للطفل، فهي سهلة التعاطي وتعمل على تثقفيه وتعلميه بشكل متطور وهذا أمر إيجابي، لكنّها تحمل طابعًا سلبيًا يضر بالطفل.

غير أنّ الغافري دعا إلى تشجيع الطفل لاستخدام التكنولوجيا فيما هو مفيد ونافع، مثل الاستماع إلى الندوات وتشغيل البرامج التي تساعد على المحافظة على الصلاة وتحفيزه على الصيام، وكذلك البرامج التعليمية وبرامج الذكاء.

أمّا عبدالله القاسمي فقال إنّ التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم أفرز أجهزة وألعاباً مختلفة، أصبحت في متناول أوساط اجتماعيّة عديدة، وبخاصة الأطفال والمراهقين، مثل الآيباد والبلاك بري والايفون والكمبيوتر وألعاب الليزر، كما أن أسرًا عديدة حرصت على توفير هذه الألعاب الإلكترونية لأبنائهم، دون أن تعلم أنّ الإدمان على هذه الوسائل قد يسبب امراضاً عديدة على أبنائهم.

وأضاف أنه على الرغم من الفوائد المتعددة للأجهزة التكنولوجية واستعمالاتها إلا أنّ لها تأثيرات سلبية منها ما ينعكس على مستخدميها من الأطفال، ومن بين هذه التأثيرات، تأثيرها السلبي على الذاكرة على المدى الطويل ومساهمتها في انطواء الفرد وكآبته، لاسيما عند وصولها إلى حد الإدمان، كما أنّ الجلوس أمام الكمبيوتر لفترة طويلة، قد يجعل بعض وظائف الدماغ خاملة، خاصة الذاكرة الطويلة المدى، بالإضافة إلى إجهاد الدماغ.

وأضاف أن الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا، يزيد من صفات التوحّد والانعزاليّة، وقلّة التواصل مع الآخرين وقد تتسبب الأجهزة التكنولوجية في أمراض عديدة وخطيرة مثل السرطان، والأورام الدماغية، والصداع، والإجهاد العصبي والتعب، ومرض باركنسون (الشلل الرعاش) وفي كثير من الأحيان قد تشكل خطراً على البشرة والمخ والكلى والأعضاء التناسلية، وأكثر الأعضاء تعرّضاً للخطر هي العين، الأمر الذي يجدد التساؤلات حول كيفية التعامل مع هذا العصر التكنولوجي في الوقت الذي يوسّع فيه قاعدة مستخدميه على مستوى العالم بسرعة هائلة.

وأوضح القاسمي أن دراسة أجريت حديثاً على أطفال في إحدى الدول المتقدمة، تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات، أظهرت أنّ الأطفال يقضون سبع ساعات ونصف الساعة يومياً أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، أي بزيادة ساعة وسبع عشرة دقيقة أكثر مما كان يفعل الأطفال في العمر نفسه قبل خمس سنوات. ومن المستغرب أنّ الدراسة نفسها أظهرت أنّ بعض الأطفال، ممن لا تزيد أعمارهم على السنتين، يقضون نحو ساعتين يومياً أمام شاشة جهاز إلكتروني. وزاد لو أجريت مثل هذه الدراسة على أطفالنا، لربّما جاءت النتيجة مقاربة لهذه النتيجة، وخصوصاً إذا تناولت أطفال الطبقة المتوسطة، في حين أجريت دراسة جديدة حيث تشير إلى زيادة قلق الآباء من تأثيرات أجهزة التكنولوجيا (الهواتف النقالة، والأجهزة السطحية اللمسية) على صحة أطفالهم؛ حيث أشارت الدراسة إلى أنّ أكثر من نصف الآباء المشمولين فيها (61.4%) أبدوا قلقهم حول علاقة أطفالهم بأجهزة التكنولوجيا، ونحو ثلاثة أرباع الآباء (74.9%) لا يدعون أطفالهم يستخدمون هذه التقنيات من دون مراقبة، وتتعدد الأجهزة التكنولوجية التي يتنافس في استخدامها الأطفال، كالأجهزة اللوحية التي يظهر ضررها في أمراض كالتشنج في عضلات العنق، بالإضافة إلى أوجاع أخرى في العضلات التي تظهر من الجلوس المطول وغير الصحيح، واستخدامها كثيرًا يترافق بانحناء في الرأس والعنق، مقارنة مع أجهزة الكومبيوتر العادية التي تستخدم في المكاتب، لذا فهي تثير قلقاً حقيقياً حول تشكل أوجاع في العنق والكتفين. وأوضح أن بعض الدراسات الأمريكية نصحت بضرورة تفادي استخدام هذه الأجهزة اللوحية عبر حملها في الحضن، أقله عند مشاهدة شريط مصور.

وذهب القاسمي إلى أن التلفزيون يعد الوسيلة التكنولوجية الأكبر والأكثر تأثيراً صحيًا على الطفل، حيث إنّ إدمانه يؤدي إلى السمنة والعزلة، والكسل والخمول الجسدي والفكري، والهذيان الذهني، الذي يترتب أثناء الجلوس ساعات مطولة أمام التلفاز فهم يخافون من الخروج ولا يشعرون بالأمان، بل يصبحون أكثر أنانية وشحاً في تعاملهم مع جيرانهم ويميلون إلى العدوانية المفرطة وأشار إلى أنّ هناك دراسات سابقة أظهرت أنّ 90% من الأشخاص الذين يستخدمون الحاسوب يعانون من مشاكل في العين، حيث وجدت دراسة جديدة أنّ الهواتف الذكيّة التي تستخدم فيها شبكة الانترنت يمكن أن تتسبب بإجهاد العين وبالصداع.

 

تعليق عبر الفيس بوك