مسؤولون لـ"الرؤية": حاجة ماسة لإنشاء جهة مستقلة للتنسيق بين أولويات التنمية واحتياجات المجتمعات المحلية

الغتامي: "اقتصادية الدولة" تدرس توصيات بقوانين لتطوير القطاع الخاص

البوسعيدي: إنشاء مركز الحوكمة يسهم في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية

المرهون: مبادرة "سوق المال" لجمع أطراف المسؤولية الاجتماعية خطوة على الطريق

المسن: "العمانية للغاز المسال" أنفقت 50 مليون ريال على تطوير المجتمعات خلال العقد الأخير

الطوقي: اتهام شركات النفط بعدم القيام بدورها الاجتماعي "مخالفة صريحة" للواقع

الرواس: ضرورة إنشاء أوعية متخصصة بمؤسسات المجتمع المدني للاستفادة من البرامج المجتمعية

السريري: احتياجات المجتمع تختلف عن أولويات التنمية وبناء الكوادر البشرية

الغيلاني: الجمعيّات الأهلية مؤهلة للقيام بدور تنسيقي لتنفيذ المشروعات التنموية

الرؤية - نجلاء عبد العال

أكد مسؤولون أنّ السلطنة في حاجة ماسة إلى إنشاء جهة مستقلة للتنسيق بين أولويات التنمية واحتياجات المجتمعات المحلية، على أن تتولى هذه الجهة التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني.

وكانت "الرؤية" استطلعت آراء عدد من المشاركين في مؤتمر عمان للمسؤولية الاجتماعية بشأن مفهوم المسؤولية الاجتماعية، حيث أجمعوا على أهمية التنسيق بين أولويات التنمية وما تتطلبه المجتمعات المحلية من خلال جهات مستقلة، مع العمل على توسيع هذه الجهود وربطها بأهداف عامة تخدم المجتمع بشكل عام، وليس فئة أو منطقة بعينها.

وقال المكرم المهندس سالم الغتامي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة إنّ مشاركة الشركات في تطوير المجتمع المحلي وتخصيص جزء من أرباحها لتنمية المجتمع، من التوصيات الدائمة لمجلس الدولة الذي يسعى لأن تكون هناك علاقة وثيقة بين المؤسسات والشركات والمجتمع ليس فقط من خلال خلق وظائف وتعمين هذه الوظائف، ولكن أيضًا خدمة للمجتمع المحلي وتنميته. وأضاف أن هناك دراسات يقوم بها المجلس ويضع في عين الاعتبار دائماً عند مناقشة مشروعات القوانين ما يعود بالنفع على المجتمع في المقام الأول. وأوضح أنّ اللجنة الاقتصادية أعدت دراسة حول القطاع الخاص، وتم تبني هذا الموضوع لدراسته؛ حيث إنّ هناك دائمًا العديد من التساؤلات حول دور القطاع الخاص وما يقوم به، وعما إذا كان يستطيع مواكبة التطور الحاصل في السلطنة، لافتًا إلى أن هناك توصيات وقوانين تم اعتمادها في الفترة الأخيرة تأخذ في الاعتبار دور القطاع الخاص في تنشيط الحركة الاقتصادية ومساهمته في المجتمع وتعاونه في تنميته بكافة جوانبه.

مبادرة حكومية

وأضاف الغتامي أن الحكومة لم تغفل هذا الجانب، وأن خير دليل على ذلك أنّ المؤتمر الأول للمسؤولية الاجتماعية كان بمبادرة من جهة حكومية بشكل أساسي، معبرًا عن أمله في أن يتمخض دائماً عن هذه الفعاليات توصيات واضحة، قابلة للتنفيذ حتى تساعد على سن القوانين والتشريعات أو القرارات واللوائح التي تضعها موضع التنفيذ. واقترح الغتامي أن تشكل الشركات العاملة في منطقة واحدة، فيما بينها، لجان تشرف على إنفاق النسبة التي تخصصها هذه الشركات على تنمية المجتمع، بحيث يكون هناك ضمان لتوزيع هذه المشروعات على أكبر شريحة من المجتمع، وكذلك على أكبر مستوى جغرافي ممكن، وعلى ألا تتشابه مشروعات التنمية المحلية التي تنفذها الشركات، وألا تتركز على منطقة محددة وتترك بقيّة المناطق، وبحيث تكون هناك نسبة معينة من أرباح الشركات محددة ومعروفة.

فيما قال أحمد المرهون المدير العام لسوق مسقط للأوراق المالية إنّ مفهوم المسؤولية الاجتماعية كبير وأوسع بكثير من أن يكون تطوعًا أو عملا خيريا، مضيفاً أنّ هناك تأخرا في الانتباه لهذا الموضوع. وأوضح أنّه قبل عامين بدأ الموضوع يستقطب اهتمامًا من كافة الجهات وهذا ما دفع الهيئة العامة لسوق المال لتبني مؤتمر تشارك فيه كافة الأطراف أولاً لإرساء المفهوم الشامل والمطلوب للمسؤولية الاجتماعية، وترجمته في أدوار متعددة الأوجه للاهتمام بالبيئة وبالمجتمع والفرد سواء من يعمل في الشركة أو من لا يعمل بها.

وأشار المرهون إلى أنّ المسؤولية الاجتماعية توجه جديد في عمان وبالتالي فإنه يحتاج تكثيفا للتوعية به سواء في المدارس أو الجامعات أو عبر وسائل الإعلام أو المؤتمرات، لافتًا إلى أن مؤتمر عمان للمسؤولية الاجتماعية يعد الأول من نوعه في السلطنة، معرباً عن أمله في أن تتواصل المؤتمرات والندوات وورش العمل والنقاشات بما يضمن انتشار هذا المفهوم بشكل تدريجي وأن يغطي القطاعات التي تشارك في المسؤولية الاجتماعية، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص.

من جهته، كشف السيد حامد البوسعيدي مدير مركز عمان لحوكمة الشركات أنه ينتظر صدور المرسوم السلطاني لإنشاء مركز عمان للحوكمة والاستدامة؛ حيث تم رفع المشروع إلى مجلس الوزراء. وقال إن هذا المركز سيعنى بنشر مفهوم وثقافة حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية والاستدامة، كما أنّه يعنى بنشر الوعي والتأكيد على أهمية الحوكمة للشركات والاقتصاد ورجال الأعمال بأنفسهم. وأوضح البوسعيدي أنّ المركز سيسهم بدور محوري في استحداث أدلة استرشادية في الحوكمة، والمتعلقة بالشركات العائلية والشركات الحكومية والشركات المساهمة العامة، ومن دورنا كذلك استحداث أدلة ومواثيق استرشادية بما يتعلق بالاستدامة، كما يعمل المركز على تقديم الاستشارات والبحوث في جانب الحوكمة والاستدامة. وأكد البوسعيدي أنّ المركز ليس له علاقة بتجميع الأموال من الشركات التي تختص بالمسؤولية الاجتماعية ولا بالتنسيق وتحديد مسار هذه الأموال، وإنما عليه وضع سياسة أو أدلة استرشادية تتعلق بالسياسات وكيفية تفعيل المسؤولية الاجتماعية وفوائدها وعوائدها للشركات كنوع من التوعية والمساندة في تفعيل المسؤولية الاجتماعية والاستدامة.

مسؤولية شركات النفط

من جهته، أبدى ماجد الطوقي رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للخدمات النفطية "أوبال" اندهاشه ممن يقول إنّ شركات النفط لا تهتم بالتنمية الاجتماعية ولا تقوم بمسؤولياتها الاجتماعية، على الرغم مما تقوم به غالبية هذه الشركات من جهود حثيثة في عدة مجالات ومن أهمها مشاريع الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة والتقنيات الحديثة والبيئة وغيرها كثير من المشروعات. وأشار إلى أن الشركات العاملة في المجال النفطي بالسلطنة لديها مخصصات سنوية بملايين الريالات لإقامة المشروعات التنموية وخدمة البيئة المحلية في المناطق التي تعمل بها، وتقوم شركات كبرى مثل تنمية نفط عمان وأوكسيدنتال والغاز المسال وكثير غيرها، ببناء المدارس وتمهيد الطرق وإقامة المساكن لغير القادرين بجانب المساعدات للفئات ذات الاحتياجات الخاصة، وكثير من المشروعات والمساعدات سواء ما يتم النشر عنها أو ما لا يتم. وتابع أن غالبية الطرق على سبيل المثال في مناطق الامتياز لشركات النفط تقوم الشركات بالإنفاق عليها، ويكفي أن هذه الشركات قامت بتدريب ما يزيد على 9 آلاف مواطن خلال السنوات القليلة الماضية من أجل العمل، إضافة إلى البرامج التدريبية الأخرى.

ومضى الطوقي قائلاً إنّه من الضروري أن تقوم كل الأطراف بدورها في موضوع المسؤولية الاجتماعية بحيث لا تلقى كل الأدوار على الشركات من حيث معرفة احتياجات المجتمع ودراسة المشروعات الممكن إقامتها بل وأيضًا تنفيذ هذه المشروعات.

واجب أساسي

وقال الدكتور عامر الرواس الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع تكنولوجيا النفط والغاز إنّ على الجميع العمل على نشر التوعية بالمسؤولية الاجتماعيّة، وأن تكون جزءًا من الأرباح المستدامة للشركات والمؤسسات العاملة في القطاع الخاص؛ حيث إن ذلك سيُسهم في تعزيز أنشطة المسؤولية الاجتماعية وتحويلها الى واجب أساسي وجزء مهم من إجراءات الأعمال في المؤسسات المختلفة، وركن بالغ الأهمية من الخطط التنفيذية.

غير أن الرواس قال إن رجال الأعمال لم تصلهم بعد هذه القناعة، داعيا الشركات التي استفادت من جهود المسؤولية الاجتماعية وحققت عوائد جيدة على مستوى ثقافة العمل، وعوائد على مستوى استدامة الربحية، أن تنقل هذه التجارب للشركات الأخرى. وحثّ الرواس الحكومة على خلق أوعية أكبر يشارك فيها متخصصون يقومون بتوجيه هذه المؤسسات ووضع برامج يتم من خلالها الاستفادة من مخصصات المسؤولية الاجتماعية لطرح ما هو مُفيد ومستدام للمجتمع. ودعا الرواس إلى إقامة شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني؛ حيث يجب على الحكومة أن تضع الإطار التنظيمي والأسس التحفيزية والتكريم، فيما يتولى القطاع مسرولية وضع المخصصات المالية وتغيير ثقافة العمل، لتحقيق بيئة عمل مستدامة قائمة على المسؤولية الاجتماعية، فيما تتولى مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات مسؤولية توفير الوعاء المتخصص الذي يضمن الاستفادة من هذه المخصصات والبرامج ووضعها محل تنفيذ بخدمة المجتمع.

من جهته، قال المعتصم بن سعيد السريري مدير المسؤولية الاجتماعية بشركة النفط العُمانية إنّ الشركة تفخر بكونها شريكا استراتيجيا في مؤتمر المسؤولية الاجتماعية والذي يقام لأول مرة في سلطنة عمان، مشيرا إلى أنّ المؤتمر يغطي العديد من النقاط منها دعم المبادرات وكيفية تفيذها وعرض عدد من التجارب المحليّة والدوليّة والأهم هو التواصل بين الجهات المعنية سواء شركات خاصة أو جهات حكومية أو مؤسسات تطوعية وجمعيات أهلية، قائلا إنّ هذه فرصة لتبادل الأفكار والآراء والخبرات.

وحول آلية اختيار المشروعات والمبادرات التي تقوم بها الشركة، قال المعتصم السريري إنّ هناك فرقًا بين تطلعات المجتمع في التنمية وأولويات هذه التنمية، وما تقوم به شركة النفط العمانية هو التركيز على الأولويات وهي التي يتم تحديدها وفقا لمجموع آراء الجانب الحكومي وممثلي المجتمع المدني ودراسات الشركة، ومن أهم هذه الأولويات ما أكد عليه المقام السامي وهو بناء الكوادر البشرية وبناء قدرات الشباب العماني وهذا هو الغالب في مبادرات النفط العمانية في كافة المجالات.

تمويل المشروعات

وتحدث خالد بن عبد الله المسن الرئيس التنفيذي لشؤون الشركة في الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال عن فقدان حلقة الوصل بين الشركات التي لديها القدرة والرغبة في تمويل مشروعات تخدم المجتمعات المحلية من جهة وهذه المجتمعات وطبيعة احتياجاتها من جهة أخرى. وقال إنّه لا يوجد جهة تحدد أولويات ومتطلبات المجتمعات المحلية، مضيفًا أن المسؤولية الاجتماعية للشركات خاصة الحكومية تقدم كثيرًا من التمويل، وعلى سبيل المثال فإنّ الشركة العمانية للغاز المسال أنفقت في السنوات العشر السابقة 50 مليون ريال عماني لمشروعات خدمة المجتمع في صور وفي أنحاء السلطنة، لكن ما زال هناك تضارب بين آراء من نسألهم عن المشروعات التي لها أولوية لذلك فإننا نجتهد في اختيار المبادرات والمشروعات التي نموّلها، وحتى نقترب قدر الإمكان من احتياجات المجتمع المحلي فإننا توصلنا إلى جمع لجنة ممثلة للمجتمع المحلي للوصول إلى اتفاق على الأولويات تضم ممثلين عن الحكومة وأعضاء مجلسي الشورى والدولة من المنطقة إضافة إلى عدد من المشايخ أو أفراد من المجتمع المحلي، وهذا يساعدنا بطريقة أو بأخرى على الوصول إلى قناعة بأهميّة المشروع الذي ننفذه.

إلى ذلك، أبدى الدكتور حمد الغيلاني الخبير البيئي مدير التوعية بجمعية البيئة العمانية استعداد مؤسسات المجتمع المدني والجمعيّات الأهلية للقيام بالدور التنسيقي في مجال تنفيذ المشروعات التنموية التي تنفذها الشركات الكبيرة، غير أنه أوضح أن هذا الأمر يحتاج إلى ضوابط وجهة تجمع هذه المؤسسات بجانب تشريعات تحدد حقوق وواجبات الجمعيّات الأهليّة، حتى لا تنظر إليها الشركات كأذرع معاونة وفقط، وتتناسى دور هذه المؤسسات كصوت وعين للمجتمع على هذه الشركات، لذلك فإنّه يرى أنّ وجود جهة تتعامل بين الطرفين يضمن استقلالية وحياد المؤسسات الأهليّة وقيامها بدورها.

وأضاف الغيلاني أنّ المجتمع سواء الشق الرسمي الحكومي منه أو حتى الشركات حتى الآن لا تستوعب بشكل واضح دور وأهمية الجمعيات الأهلية في الارتقاء بجودة الحياة للمجتمع وأفراده، فغالبًا ما تفتقر الجمعيات إلى أية تشريعات تتيح لها أن تقوم بدورها في تقييم تأثيرات أعمال الشركات على البيئة المحيطة على سبيل المثال، بينما يعترف العالم كله بمنظمات عمل مدني واسعة النشاط.

تعليق عبر الفيس بوك