خبراء: المسؤولية الاجتماعية لا تزال "دون المستوى" في السلطنة.. وتوزيع الأدوار بين المؤسسات يضمن تحقيق أعلى فائدة للمجتمع

البعض دعا إلى "إلزام" الشركات لضمان المساهمة الفاعلة بعيدًا عن أهداف الدعاية والترويج-

الشنفري: المسؤولية الاجتماعية تسهم بدور بارز في تنمية رأس المال البشري

اللواتي: الرعاية والدعاية لا تندرج تحت المسؤولية الاجتماعية.. والعبرة باستفادة المجتمع

المجرفي: تطوعية المسؤولية الاجتماعية تبرز تجرد المؤسسات في خدمة المجتمع

المويتية: الشركات مطالبة بوضع رؤية واضحة للدور الاجتماعي الراغبة في تبنيه

داوود: "أوريدو" تضع المسؤولية الاجتماعية في مقدمة الأولويات لخدمة المجتمع المحلي

أجمع خبراء ومختصون على أنّ المسؤولية الاجتماعية للشركات لا تزال دون المستوى المأمول في السلطنة، داعين إلى أهمية توزيع أدوار المسؤولية الاجتماعية على الشركات، من خلال تبني قطاعات محددة لأنشطة وأعمال خيرية بعينها، فيما تتولى قطاعات أخرى مناشط مختلفة، بحيث لا تتشابك الجهود وتتفتت.

وقالوا إنّ المسؤولية الاجتماعية تسهم بدور بارز في تنمية رأس المال البشري، الذي يمثل العمود الفقري في المجتمع، وأن تهدف في المقام الأول إلى تنمية الإنسان، من خلال توفير مصادر رزق تعينه على العيش الكريم.

وأضافوا أنّ طبيعة العمل التطوعي في المسؤولية الاجتماعية يبرز تجرد المؤسسات في خدمة المجتمع، غير أن البعض دعا إلى أن يتم إلزام المؤسسات بنسبة واضحة من الأرباح تذهب لجهود المسؤولية الاجتماعية بعيدا عن الدعاية والترويج.

الرؤية - فايزة الكلبانية - أحمد الجهوري- أسماء البجالية-

وقال عبد الله الشنفري المهتم بالشؤون الاقتصادية إنّ المسؤولية الاجتماعية تسهم بدور بارز في المجتمعات التنموية؛ حيث يبرز دورها في تنمية رأس المال البشري والمساهمة في بناء مشاريع تخدم المجتمع، مثل مشاريع حفظ البيئة من التلوث ورعاية الفعاليات المجتمعية ذات القيمة المضافة، علاوة على القيام بأعمال خيرية لمساعدة المحتاجين والمُعسرين.

وأضاف أنّه قد يختلط على البعض مفهوم المسؤولية الاجتماعية، بحيث تكون أداة تسويقية للشركة نفسها وتبتعد عن سمو أهدافها النبيلة أو الحق المفروض عليها لتنمية المجتمعات المحلية في بعض حالات الاستثمار، مثل مناطق الامتياز النفطية والشركات ذات التراخيص طويلة الأجل في قطاعات الكهرباء والماء والتعدين وغيرها. وأضاف أنّ هذا سوف ينتج عنه خدمة ضعيفة غير مستدامة مما يستوجب في مثل هذه الحالات أن يتم فرض وتقنين المسؤولية الاجتماعية في الشركات، ومراقبتها والحث على زيادة نسبة المساهمة في المجتمعات، لاسيما وأن معظم الشركات تخصص مبالغ رمزية أو تستقطع نسبة 1-2 في المئة من صافي الأرباح، الذي هو في الأساس رقم محاسبي غير نقدي، ولا يدل على حجم أعمال الشركة ككل، خاصة وأن صرف هذه المبالغ يدخل ضمن باب العرف وهي غير ملزمة بالصرف. وأوضح أنه على سبيل المثال تحقق شركات الاتصالات والبنوك التجارية أرباحا هائلة، بفضل الخدمات التي تقدمها للمواطنين والمقيمين، وعلى الرغم من ذلك يكون بند المسؤولية الاجتماعية فيها يسيراً ولا يحقق الغايات المرجوة في بناء المجتمع والعمل على تماسكه والحفاظ على وحدته. وتابع أن هناك محاولات جادة وناجحة للمسؤولية الاجتماعية في بعض الشركات، وقد أضافت الكثير للمجتمع من برامج تنموية وتدريبية، علاوة على الأعمال الخيرية. غير أن الشنفري شدد على أهمية بذل المزيد من الجهد والمال في سبيل تطوير هذا المفهوم والانتفاع منه بطريقة أفضل، مشيرًا إلى أن ذلك يتم من خلال تقنين العملية وتنظيمها، عبر وزارة التجارة والصناعة أو الهيئة العامة لسوق المال بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية، للإشراف على هذا العمل، على أن يتم زيادة نسب المساهمات المالية للشركات وفي حالة عدم كفايتها من قبل الشركات الصغيرة، يمكن جمعها وصرفها بطريقة تضمن استدامة الخدمة للمجتمع.

مساهمة سوق المال

وقال مصطفى بن أحمد اللواتي الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للأوراق المالية إن المسؤولية الاجتماعية حاجة مجتمعية مهمة، وقيام المؤسسات بدورها في دعم المسؤولية الاجتماعية يعظم هذا الجانب. وأضاف أن المسؤولية الاجتماعية موجودة في السلطنة بشكل جيد، لكنه أشار إلى أهمية دور الهيئة العامة لسوق المال لإلزام الشركات المساهمة بالإفصاح بشكل كلي عن دورها في المسؤولية الاجتماعية. وتابع أن الضغط على الشركات المساهمة بشكل غير مباشر لتساهم في المسؤولية الاجتماعية أمر محمود، ونشر التوعية في هذه الشركات بضرورة المساهمة لما هو ملقى عليها من دور اجتماعي في هذا الدعم. وأضاف أن هناك التزاما كبيرا من قبل هذه الشركات، مقارنة بالمجتمع، وهذا الأمر يمكن ملاحظته في حفلات الجمعيات الخيرية، فهناك دعم كبير حاصل من قبل الشركات العالمية، وبعض الشركات الحكومية لاسيما في قطاع النفط والغاز، حيث تساهم بشكل بارز في دعم المجتمع، ولكن ليست بالحجم المطلوب حتى الآن.

واستطرد: وبالإمكان لدور المؤسسات في المسؤولية الاجتماعية أن يكون بشكل أفضل خلال الفترة هذه، وبأفكار جديدة، ومن وجهة نظري فإنني لا أعتبر الرعاية والدعاية بشكل كامل دعما اجتماعيا، فالدعم الاجتماعي يرتكز على قيام مشاريع خيرية التي لم نرعاها في الفترة الماضية بشكل كبير. ومضى قائلاً إن الشركات تقوم بالمسؤولية الاجتماعية مثل دعم المساجد وقاعات المجالس في مختلف الولايات، لكن المطلوب تقديم خدمة مجتمعية مثل بناء مستشفى للمحتاجين وذوي الإعاقة، وإنشاء المدارس، وغيرها من المشاريع المتعلقة بهذا الشأن، لافتا إلى أن أغلب المشروعات الاجتماعية في الوقت الحالي في السلطنة محدودة.

وأعرب اللواتي عن أمله في أن تتغير ثقافة المسؤولية الاجتماعية نحو الأفضل، وأن تسهم بعض الشركات بدور بارز في النهوض بالمسؤولية الاجتماعية، والتي يمكن أن تقدم الكثير لخدمة المجتمع، لافتا إلى أن قطاع مثل البنوك لو وجه ما ينفقه على الدعاية نحو خدمة المجتمع فإنه سيحقق نتائج متنوعة. وتابع بالقول إن الأولى والأحق أن تستحوذ الرعاية الاجتماعية على أكبر قدر من النفقات، فيما يقل الإنفاق على الدعاية والإعلان، بما يسهم في دعم المجتمع.

مساهمة البنوك

وقال محمد عطايا من نافذة ميسرة الإسلامية التابعة لبنك ظفار، إن المسؤولية الاجتماعية تعمل على خدمة المجتمع من خلال تنفيذ المشروعات الخيرية وتدشين المبادرات التي تنهض بأفراد المجتمع، والتزام الشركات بها يأتي من منطلق رد الجميل إلى المجتمع الذي تعمل داخله.

وشدد على أنّ المسؤولية الاجتماعية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من مسؤوليات الشركات، مشيرًا إلى دور المسؤولية الاجتماعية في قطاع البنوك؛ حيث أشار إلى أنه يرتكز على المساهمة مع الجمعيات الخيرية والمستحقين للدعم. ولفت عطايا إلى أهمية نشر التوعية ببرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات، على أن يتم تقسيم أدوار هذه المسؤولية، من خلال تدشين برنامج يدعم الطلاب على مقاعد الدراسة، وتشارك فيه مؤسسات الدولة والبنوك، وهو ما يعود بالنفع على طلاب العلم، من خلال توفير المستلزمات التي تعينهم على المذاكرة.

تطوع لا إجبار

فيما قال عبد العزيز المجرفي الرئيس التنفيذي لشركة الحارة الراقية للأحجار الصناعية إنّ المسؤولية الاجتماعية تقدم الكثير من الخدمات إلى المجتمع، وتعكس حس المسؤولية لدى هذه الشركات في النهوض بأفراد المجتمع العاملة فيه. ويرى المجرفي أن سمو المسؤولية الاجتماعية يأتي من كونها عمل تطوعي تلزم به المؤسسة نفسها، وليس عملا إجباريا يفرض عليها، وهو ما يضمن تنفيذ هذه الأعمال بكل تجرد وإخلاص للمجتمع. وأضاف أن المسؤولية الاجتماعية تعمل على تحسين المستوى الثقافي والاجتماعي لدى أفراد المجتمع، وتقديم كافة سبل الدعم المتاحة له.

وحول مستوى العمل الاجتماعي في السلطنة، يرى المجرفي أن مستوى العمل الاجتماعي في السلطنة لم يصل إلى المرحلة التي يرضى عنها الجميع، حيث إنّ فكر المساهمين في العمل الاجتماعي لم يصل إلى تقدير أهمية هذا العمل وما يحدثه من أثر على الفرد والمجتمع لانحصار التفكير في المردود من الخدمة أو العمل المقدم، ولذا يجب إبراز أهمية هذا العمل وتوعية المجتمع إلى أي مدى ممكن أن يصل تأثيره ومساهمته على المجتمعات.

وأضاف المجرفي أن المفارقة التي يعيشها مجتمعنا أننا نجد عددا من المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة قادرة على المساهمة في العمل الاجتماعي وبشكل كبير، لكن عزوفها عن المشاركة الفعلية يرجع إلى عدم الإلمام بالأثر الكبير الذي سوف تحدثه المشاركة حتى لو كانت بسيطة، كما أن الموضوع يرجع لحرية الشخص وليس إلزاماً ولا يوجد أيّ مردود على الجهة ولا يخدم مصالحها الخاصة كمؤسسة. وأكد أن هناك نسبة معينة من الشركات ساهمت ومازالت تساهم في مساعدة المناطق المنكوبة وتقدم كافة السبل والخدمات التي من شأنها تحسين مستوى هذه المناطق وتوفير جميع الاحتياجات لوعيها بأهمية هذا العمل الكبير ومدى تأثيره في المجتمع.

حقوق وواجبات

من جانبها، ترى سامية المويتية ناشطة في مجال الأعمال التطوعية أن مساهمة أي مؤسسة ولو بجزء يسير من أرباحها يعد وسيلة من وسائل النماء والتعريف بالشركة للمجتمع، كما يساعدها على أن تكون قريبة من عملائها، نتيجة لالتزامها بواجبها وعلو سمعتها في هذا الشأن. وقالت إن دور المسؤولية الاجتماعية لا يقتصر على المؤسسات فقط، بل يتجاوز ذلك ليصبح كل فرد قادر على البذل والعطاء صغيرا أو كبيرا هو مسؤول عن مشاركته وتفعيله لجانب مسؤوليته لاسيما ولو كانت مساهمته في حدود البيئة المحيطة به، وليس بالضرورة مسؤوليتنا ومساهمتنا تكون بمبالغ مالية كبيرة، حيث إنّ المساهمة قد تتمثل في توفير فرص تدريبية أو بعثات تعليمية أو إنشاء مراكز صحية أو مساكن للمحتاجين، أو غيرها من احتياجات المجتمع وأفراده.

وأضافت أنّ التجارب الدولية تشير إلى أن أهم المزايا التي تعود على الشركات التي تلتزم بمسؤوليتها تجاه المجتمع، تتمثل في تحسين سمعة الشركات وتوفير الوقار الاجتماعي لها، وتسهيل الحصول على الائتمان المصرفي والخدمات المالية والإدارية في المجالات المختلفة، كما يوفر لها استقطاب أكفأ وأجود العناصر البشرية، إضافة إلى الجانب الأهم وهو بناء علاقات قوية مع الحكومات والمؤسسات الأخرى عمومًا.

وحول سبل التعاون الممكنة بين الشركات والمجتمع، قالت المويتية: "من منطلق اهتمامي بمجال الأعمال التطوعية ومما نلمسه في الواقع، فإنّ من الضروري قيام شركات الأعمال بالبرامج والأنشطة التي تسهم في تحقيق أهداف اجتماعية تتكامل مع الأهداف الاقتصادية فيها، ويضاف إليها إلزام رجال الأعمال والشركات بالمسؤولية الاجتماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية أن تضع الشركات رؤية واضحة عن الدور الاجتماعي الذي تريد أن تتبناه.

وتابعت أنه بات من الضروري على أي مؤسسة تخصيص قسم أو لجنة خاصة بالجانب الاجتماعي، بما يضمن الموازنة بين تسارع وتيرة التوسع الاقتصادي من زاوية والحفاظ ومراعاة الزاوية المختصة بالنسيج الاجتماعي من زاوية أخرى.

قطاع الاتصالات

وقال رائد بن محمد داوود مدير عام العلاقات الحكومية بالشركة العمانية القطرية للاتصالات "أوريدو" إن الشركة تدرك جيدا أهمية أن الدور الفاعل المنوط بها في المجتمع الذي نقدم له خدماتنا، ولذا تهتم بدعم المجتمع العماني في مختلف المجالات العلمية والعملية. وأكد أن التزام أوريدو بالمسؤولية الاجتماعية يعكس إدراكها لحجم المسؤولية الذي يدفع الشركة لتبني مختلف المشروعات التي تعود بالنفع على أفراد المجتمع وبعض المؤسسات الأهلية. وأضاف: "كان هاجسنا الأكبر منذ تدشين الشركة العمانية القطرية للاتصالات في العام 2005 تنمية المجتمع وفق برامج هادفة تحقق التنامي في المجتمع والبعد عن التفكير في الحصول على أية أرباح من هذه البرامج". وأضاف أنه من منطلق الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية، فإنّ الشركة تعمل على تبني العديد من المبادرات الهادفة إلى دعم مختلف فئات المجتمع والارتقاء بها. وأوضح أن من أبرز هذه المبادرات القافلة الخيرية السنوية التي تنطلق كل رمضان لتجوب مختلف أرجاء السلطنة، لتقدم الدعم لأكبر عدد ممكن من الأفراد والمؤسسات الخيرية في المجتمع. وتابع: "لا تقتصر مسؤوليتنا هذه على القافلة الخيرية وحسب، بل تمتد إلى رعاية العديد من الفعاليات والأنشطة والمسابقات الهادفة إلى دعم الثقافة والرياضة والسياحة وغيرها من المجالات المختلفة"، مشيرًا إلى أن الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية ينبع من إحساس الشركات بأهمية التواصل مع المجتمع والرقي به.

تعليق عبر الفيس بوك