البريمي.. قلاع وحصون عتيدة تقف شاهدة على الأمجاد التاريخية للولاية

البريمي - العُمانيَّة

تتمتَّع ولاية البريمي بمقومات سياحية وموارد طبيعية تجعلها مركزَ جذب للسياح؛ نظراً لما تحويه من بيئات مختلفة الأنماط.

وولاية البريمي -كغيرها من ولايات السلطنة- تحافظ على مخزونها التاريخي، الذي اشتهرت به؛ حيث القلاع والحصون شاهدة على الأمجاد التاريخية التي مرَّت بها؛ من بينها: "حصن الحلة"، الذى يقع في حارة السوق، وتم بناؤه على مساحة تقدر بحوالي 4200 متر مربع؛ تتوزع عليها مكونات الحصن، ويحيط بالحصن سور تمتد فيه الواجهة الرئيسية على طول 79 متراً. أما الواجهة الشمالية، فتمتد على عرض 53 متراً، ويبلغ ارتفاع أسوار الحصن الخارجية ما بين أربعة وستة أمتار.

وتوجد في الحصن ثلاثة مداخل؛ هي: المدخل الرئيسي الذى يقع بالواجهة الشرقية، والمدخل الثانوي بالواجهة الشرقية والمؤدي إلى الساحة الجنوبية من الحصن، والمدخل الخلفي من الحصن بالواجهة الغربية والمؤدي إلى المزرعة.

ويضمُّ "حصن الحلة" ثلاثة مواقع محصنة على شكل أبراج؛ وهي: المدخل الرئيسي الملاصق لبوابة الحصن "الصباح" والمكوَّن من دورين بارتفاع 10 أمتار، والبرج الشمال الشرقي المكون من غرفة محصنة في المستوى العلوي على ارتفاع 10 أمتار، والبرج الدائري بالجهة الشمالية الغربية على ارتفاع 10 أمتار أيضا.

أما بالنسبة لداخل الحصن، فهو ينقسم إلى ساحتين جنوبية وشمالية، ولكل ساحة مرافقها الخاصة بها، في حين يحتوي السكن العلوي على غرفتين مزخرفتين في عدة أجزاء؛ تشتمل فيها الأبواب والنوافذ على نقوش مميزة من الخشب وبعض الشبابيك الخشبية المزخرفة.

ويُعدُّ موقع الحصن مميزاً من حيث كونه يقع على الجانب الغربي للشارع العام قبالة "دوار صعراء"، وتوجد في الجهة المقابلة للحصن مساحة كبيرة خُصِّصت كمواقف للسيارات وأصبح الموقع محل جذب كبيرا لأهالي الولاية والولايات المجاورة؛ كونه يضم في الناحية الشمالية للحصن سوقاً تقليديا وسوقاً للسمك وجامعاً، وفي الجهة الجنوبية للحصن يقع سوق البريمي الجديد للخضراوات؛ مما يُعطي المكان الصبغة التجارية والسياحية، وقد قامت وزارة التراث والثقافة بترميم الحصن في فترة استمرت 35 شهراً.

ومن الحصون الموجودة في الولاية أيضا: "حصن الخندق"، والذي يقع في حماسة، ويحيط بهذا الحصن خندق بعرض 7.5 متر، وعمق يبلغ حوالي 3 أمتار، وقد عُرف باسم الخندق نسبة للخندق الذي يحيط به، وقد قام ببنائه سكان الولاية.

و"حصن الخندق" مربع الشكل، يحتوي على اثنتى عشرة غرفة لمختلف الاستخدامات، كما يحتوى على أربعة أبراج؛ وهي: البرج الجنوبي الشرقي، والبرج الشمالي الشرقي، والبرج الشمالي الغربي، والبرج الجنوبي الغربي.

ويقع الحصن على مسافة ثلاثة آلاف وسبعمائة متر مربع، وقد قامت وزارة التراث والثقافة بترميمه عام 1993م ليكون أحد المعالم التاريخية التي جرى الحفاظ عليها في البلاد.

وتُعتبر ولاية البريمي مركزاً للقوافل التجارية، وقد حافظتْ على تلك الصبغة التجارية والسياحية؛ حيث تكون الحركة التجارية في الولاية نشطة على مدار العام، وقد تزداد نشاطاً في فصل الصيف والأعياد والمناسبات الأخرى.

وقد شهدت ولاية البريمي في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- تنمية كبيرة في شتى المجالات؛ مما عزز مكانتها التجارية وحافظ على أهميتها التجارية، وقد اشتهرت بأسواقها وتنوع البضائع التجارية التى تصل إليها.

ومن أهم أسواق الولاية: سوق الخضراوات والفاكهة، ويقع إلى جانب دوار الحصن في مركز المدينة، ويضم 148 محلاً تجارياً متنوعاً، ويستطيع الزائر من خلالها التسوق من مختلف أصناف الخضراوات والفواكه والعسل العماني والحلوى والمنتجات المحلية الأخرى، وقد تم تصميم السوق على أحدث المعايير بما يتوافق مع أسلوب العمارة العمانية، وتم ربط السوق بشبكة من الطرق المزودة بمواقف للسيارات. أما سوق البلدية، الذي يُعيد للزائر عبق وأصالة الماضي، فيضم عددا من المنتجات الحرفية والتراثية والنباتات الطبية والأعشاب والأسماك المجففة، إضافة إلى المنتوجات الأخرى، ويقع السوق مقابل حصن الخندق.

ويضم سوق البلدية المركزي 104 محلات، وينقسم لعدة أقسام خُصص أحدها للمواد الغذائية المتنوعة، والآخر للحوم، وآخر للأسماك، ويمكن من خلاله شراء المنتجات الفضية والنحاسيات والبذور الزراعية والمواد الاستهلاكية المختلفة وسائر احتياجات الأسرة والمنزل. كما يوجد في الولاية سوق المقتنيات الأثرية ويقع بجوار سوق البلدية؛ حيث كان معداً سابقاً ليكون سوقاً للجمعة، وتم تحويله لسوق لبيع المقتنيات الأثرية والمنتجات التراثية بعد أن تمت تهيئته ليكون متحفاً معبراً عن تراث الآباء والأجداد.

ويُمكن اقتناء الهدايا من هذا السوق التي تعبر عن تاريخ الشعب العماني وأدواته التقليدية والتراثية، ويقع السوق بجوار "حصن الخندق" ليتلاءم مع متطلبات الموقع واحتياجاته السياحية وليصبح الجزء المكمل للحصن.

وتشتهر ولاية البريمي بوجود عدد من الصناعات التقليدية المصنعة محليًّا كالصناعات السعفية؛ حيث تمَّ استخدام سعف النخيل والجريد في إنتاج العديد من أدوات الحياة اليومية كالحصر وأغطية الطعام وأكياس حفظ التمر والرطب، إضافة إلى صناعة (البسط والدعون) التي تستخدم في عملية بناء أسقف المنازل.

كما اشتهرت ولاية البريمي بصناعات أخرى كالنسيج الذي يعتمد على صوف الأغنام والصناعات النحاسية؛ من أجل توفير أدوات الزراعة المختلفة، كما نشطت نساء الولاية في إنتاج الملابس المطرزة باليد، والتي تعتبر إبداعاً يحظى بخصوصية رائعة.

وتشتهر الولاية أيضا بأداء الفنون التقليدية المختلفة؛ من أهمها: فن "العيالة" إلى جانب فن "الرزحة" والعيالة فن يشارك فيه صفان متقابلان من الرجال يلوِّحون بالعصي يتوسطهم عدد من ضاربي الطبول مثل الكاسر والرحماني وكذلك حملة السيوف والبنادق يجولون بين الصفوف في ملحمة رجولية شعرية.

ويحرص أهالي الولاية حتى الآن على التعبير عن مختلف مناسباتهم الوطنية والاجتماعية والدينية بأداء فن العيالة الذي ورثوه عن أجدادهم وآبائهم وتعلموه وعلموه لأبنائهم ليظل تراثهم وعاداتهم وتقاليدهم في تواصل مستمر من جيل لآخر.

تعليق عبر الفيس بوك