هدر المياه يستنزف الموارد.. والترشيد يكفل الحفاظ على الثروة الغالية

جعلان بني حسن - العُمانيَّة

تقعُ السلطنة ضمن نطاق المناطق الجافة التي تتصفُ بعدم استقرار الوضع المائي ونُدرة هطول الأمطار؛ حيث يبلغ المتوسط السنوي لهطول الأمطار حوالي 100 مللم، يتراوح من 10 ملليمترات في بعض المناطق الصحراوية إلى 350 ملليمتراً في المناطق الجبلية.

وعلى الرغم من المناخ الجاف، إلا أن هطول الأمطار الغزيرة على المنحدرات الصخرية تسبَّب في فيضانات كبيرة في بعض الأحيان، وينتج عن ذلك فقدان كمية كبيرة من هذه المياه في البحر أو الصحراء.

ونظراً لقلة الأمطار التي تعتبر المورد الرئيسي للدورة المائية بالسلطنة، مقارنة بازدياد الطلب على المياه وارتفاع معدل استهلاك المياه الجوفية، أصبح العجز المائي أمراً واقعاً في كثير من المناطق؛ متمثلاً في هبوط منسوب المياه الجوفية، وتدهور نوعيتها، وجفاف كثير من الأفلاج والآبار ودخول مياه البحر في الخزانات الجوفية المتاخمة للسواحل.

وتشير العديد من الدراسات إلى أنَّ هناك انخفاضاً متواصلاً في مستوى المياه الجوفية في العديد من الدول التي تستخدم هذه المياه للزراعة؛ ومنها: الصين والهند والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، والعديد من الدول العربية، خاصة دول الخليج. ونتيجة لتلك الأسباب نشأت فكرة ترشيد استهلاك المياه في تاريخ البشرية؛ حيث اهتمَّ ساكنو جزيرة العرب القدماء بترشيد سبل الري واستنباطهم لطريقة أقرب إلى الري بالتنقيط قبل آلاف السنين؛ حيث كان مثار اندهاش وإعجاب الجميع حتى يومنا هذا.

ويقول عبدالله بن سالم الغيلاني -الباحث والخبير بالجوانب المائية في السلطنة- إنَّ مسألة هدر مياه هي مسالة نسبية، بمعنى أنَّ ذلك يعتمد على مستوى مصادر المياه المتاحة في كل قطر من الأقطار على حدة؛ فالدول التي لديها أنهار جارية، وكذلك مستويات عالية من تساقط الأمطار لا يُمكن قياسها بدول فقيرة جدا لمصادر المياه المتجدد المختلفة.

وأضاف بأنه عند الحديث عن الوضع المائي في السلطنة -خصوصاً وأن هناك هدرا كبيرا جدا للماء- سيجد معه المتتبع للوضع المائي أنَّ كل المؤسسات -وبدون استثناء- بها تسريب مياه واضحة وبكميات كبيرة جدا دون اكتراث الجميع به مما ينتج عنه فقدان ملايين المترات المكعبة من الماء وملايين الريالات العمانية تستنزف من الميزانية العامة للدولة جراء هذا الهدر الكبير من المياه.

وأشار إلى أنَّ الهيئة العامة للكهرباء والمياه -وكذلك وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه- لهما دَوْر كبير ومقدَّر في جانب التوعية بأهمية ترشيد استهلاك المياه من خلال البرامج الإرشادية والندوات التوعوية بأهمية ذلك.

وأكَّد عبدالله الغيلاني على ضرورة اتخاذ خطوات عملية؛ وذلك بإلزام الجهات الحكومية بتركيب أدوات ترشيد استهلاك المياه ومتابعتها بشكل دوري وتوزيع حقائب ترشيد المياه بالمجان للمواطنين والمقيمين على مراحل ليشمل البرنامج الجميع وفرض غرامات أو رفع تسعيرة الماء على الشركات والفنادق التي لا تلتزم بتركيب أدوات الترشيد هذه وإعطاء حدود معينة للاستهلاك في المؤسسات الحكومية بناءً على تقديرات مسبقة بعدد العاملين، وكذلك المراجعين، ونصيب الفرد اليومي من المياه، وتكثيف البرامج الداعمة لبرنامج حقائب ترشيد استهلاك المياه في وسائل الإعلام المختلفة.

تعليق عبر الفيس بوك