دراسة: جينات غزال الريم تتأقلم مع الظروف المناخية لمحميّة الكائنات الحيّة

المعمرية: السلطنة تزخر بتنوع وراثي كبير من حيث الموارد الحيوانية والنباتية

السلامي: خطة جينية جديدة لضمان تأقلم الغزال الرملي مع أجواء البراري

- النتائج تفتح آفاقًا جديدة أمام دراسات الحياة البرية بالسلطنة

مسقط - الرؤية

توصل مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني مؤخرا إلى نتائج ذات أهميّة علمية، وعالمية جراء الدراسة الجينية للغزلان الرملية "الريم" بمحمية الكائنات الحية والفطرية بمحافظة الوسطى، والتي قام المكتب بتنفيذها بالتعاون مع المختبر الجيني للجمعية الملكية لعلم الحيوان بسكوتلاندا، حيث أكدت النتائج أنّ المصادر الثلاثة للغزلان الرملية بمحمية الكائنات الحيّة والفطرية ذات قيمة عالية من حيث التباين الجيني والصفات الوراثية الأمر الذي سوف يساعدها على التأقلم مع الظروف المناخية القاسية في المحميّة ويزيد من مقاومتها للأمراض؛ وتهدف الدراسة إلى إثراء المعرفة بالخريطة الجينية لمثل هذا الحيوان المعرّض لخطر الانقراض حسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، والتي تُعزى أسباب قلة أعداده في السلطنة إلى الصيد الجائر وتدهور الموائل الطبيعية.

وحول تفاصيل أكثر عن مشروع الدراسة يقول الأستاذ ياسر بن عبيد السلامي مدير عام مكتب حفظ البيئة:"المشروع يعتبر اتفاقية تعاون بحثي مشترك بين مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني والمختبر الجيني للجمعيّة الملكية لعلم الحيوان بسكوتلاندا المملكة المتحدة - مختبر متخصص في برامج صون الحياة البرية في المناطق الجافة- بهدف التقييم الجيني لقطيع الغزلان الرمليّة بمحميّة الكائنات الحيّة والفطرية والتي تمّ استقدامها من خلال عدة مصادر مختلفة وتم إكثارها بمركز الإكثار بحظائر محمية الكائنات الحية تحت رعاية واهتمام المختصين لإعادة توطينها في البراري العمانية، والخروج في المحصلة النهائية بخطة إدارة جينية لهذه الحيوانات في المحميّة لضمان نجاح مشروع التوطين وتأقلم هذه الحيوانات في الأماكن المقترحة لإطلاقها".

تنوع وتباين جيني

تمت مناقشة النتائج الأولية التي توصلت لها الدراسة الجينية، في ورشة عمل علمية أقامها مكتب حفظ البيئة بنادي الواحات شارك فيها المختصون ببرامج الإكثار والبحوث الجينية من مكتب حفظ البيئة والمختبر المركزي بوزارة الزراعة والثروة السمكية وقدمت النتائج الباحثة بمركز الجمعية الملكية لعلم الحيوان بسكوتلاند الدكتورة هيلين سين؛ وخلصت نتائج الدراسة إلى أنّ الغزلان الرملية في المحمية في مستوى تباين جيني ممتاز بالمقارنة بمثيلاتها من حيوانات الإكثار ويعود السبب إلى كثرة عدد السلف المستخدم في إكثار هذه الغزلان، حيث قالت الدكتورة :" من خلال (Gazelle Marica) الدراسة تم تصنيف كل الغزلان التي حللت من نوع وأظهرت النتائج أنّ هناك مستوى واضحا من التنوع والتباين الجيني للقطيع مما يتيح أفضلية علمية نحو التكاثر بصورة صحيحة الأمر الذي سيعود بصحة القطيع؛ وبالنتائج الايجابية الجمة مستقبلا لمشروع إكثار الغزال الرملي القائم حاليًا في محمية الكائنات الحية والفطرية بمحافظة الوسطى".

قطيع قابل للإطلاق

وحول هذه النتائج العلمية المهمة التي أثمرتها هذه الدراسة، يقول متعب الغافري أخصائي أول حياة برية والذي يشرف على المختصين بمركز الإكثار بمحمية الكائنات الحية والفطرية، وواحد من أعضاء الفريق العماني المشارك في الدراسة والمتابعة: "الدراسة تصب في الهدف الاستراتيجي لمكتب حفظ البيئة والجهات البيئية ذات الصلة وهو الحفاظ على التنوع الحيوي والفطري والنباتي في البيئة العمانية؛ وسيساعد التنوع الجيني الذي أظهرته الدراسة مكتب حفظ البيئة وهو الجهة المشرفة على مشروع توطين غزال الريم في بيئته بالبراري العمانية، في مرحلة ما بعد إطلاق تلك الحيوانات، فكلما كان تنوعها الجيني كبير، كلما كان تكيّفها مع الظروف الصحراوية ( كالأمراض والجفاف وقلة الغذاء) أكثر، فجاءت النتائج لتؤكد بأن لدينا في المحمية قطيع متنوع بشكل جيد ولله الحمد قابل للاطلاق في المرحلة القادمة مع الأخذ في الاعتبار العوامل البيئية الأخرى، بالإضافة إلى أنّ نتائج الدراسة ستجعل من السلطنة موقع استقدام غني لحيوانات الريم يتم الاستعانة به من قبل بيوت الإكثار الأخرى في دول الشرق الأوسط بشكل عام".

التعاون مطلب أساسي

وحول رأي بعض الجهات التي كانت حاضرة عرض نتائج هذه الدراسة تقول الدكتور الغالية بنت حميد المعمرية رئيسة قسم البحوث التقنية الحيوية بوزارة الزراعة والثروة السمكية: "من الأهمية تنفيذ مثل هذه الدراسات البحثية التي تدعى بالجزئية في ظل ما تزخر به السلطنة من تنوع وراثي كبير جدا سواء فيما يخص مواردها الحيوانية والنباتية، إذ تعتبر هذه الدراسات أكثر دقة من دراسات التشخيص المظهري التي يعتمد عليها بعض الباحثين في توصيف الحيوانات والنباتات، وتمثل نتائج دراسة التحليل الجيني للغزال الرملي بمثابة توثيق جيد للغزال الرملي في سلطنة عمان، وستكون الدراسة بمثابة مرجع علمي تستند عليه بثبات خطط قادمة لحماية هذا النوع من خطر الانقراض"مشيرة إلى إن تنفيذ مثل هذا المشاريع البحثية يعطي دافعا لتنفيذ مشاريع أخرى تتمنى الدكتورة أن تتعاون فيها جميع الجهات المعنية بذات الاختصاص".

يذكر أنّ هذه الدراسة التي يتولى تنفيذها ديوان البلاط السلطاني بتوجيهات من معالي السيد وزير الديوان تعتبر خطوة رائدة نحو تكوّن دراسة علمية جينية للحياة البرية التي يشرف عليها مكتب حفظ البيئة.




تعليق عبر الفيس بوك