أزمة مياه.. وازدواجية معايير!!

يوسف البلوشي

تتوافر عُماننا -ولله الحمد- على مجموعة من العناصر التي توفر إطارَ عمل يدعم الهيكل الكلي للتطوير؛ وعلى رأسها تأتي الطرق والجسور وموارد المياه والصرف الصحي والشبكات الكهربية والاتصالات...وما إلى ذلك، وهي مكوِّنات مادية توفر الخدمات الضرورية اللازمة لتمكين أو استدامة أو تحسين ظروف الحياة المجتمعية.. إلا أنه وخلال الآونة الأخيرة بدأت تطفو على السطح مشكلات خطيرة باتت تتطلب تعاملا عاجلا معها؛ إذ تمس المتطلبات الأساسية للمواطن والمقيم على أرض هذا الوطن الغالي.

ومن أبرز تلك المشكلات: أزمة المياه؛ سواءً المتعلق منها بانقطاعات "مستحدثة"، أو تفجر أنابيب وتسربات، وهي المشكلة القديمة الحديثة (إن جاز ليا التعبير).. بما يطرح عدة تساؤلات واستفسارات (في رأيي مشروعة) حول ما نعاينه بشكل شبه مستمر من تسربات مياه الأنابيب، وتهتكات تؤدي لتكسُّر الطرقات، وانفجار أنابيب يؤدي لحفر عميقة تؤول لتهاوي المركبات، إلى أن وصل الأمر إلى تعطل محطة أضرَّ بأبناء عدد من المحافظات ممن تضوروا جراء شح المياه، وما تبع ذلك من فتح الباب أمام المستغلين وتجار المياه الجدد.

المشكل الرئيسي ليس في تكرار تلك الحوادث، وإنما في الازدواجية التي تنطوي عليها، ففي حين تغرق إحدى المناطق بسبب انفجار في شبكات المياه، تعاني منطقة أخرى من ضعف (ما لم يكن شح) قوة دفع المياه، بينما تعمل منطقة أخرى بنظام المناوبة في توصيل المياه والتحكم عبر المحبس الرئيسي للمنطقة.

... تلك المشاهد المتكررة، باتت تترك انطباعات سلبية لدى المواطنين والمقيمين باعتبارها تمس موردًا مهمًّا للحياة اليومية لا يمكن الاستغناء عنه، كما أنها تعكس وللأسف الشديد، حالة من غياب التخطيط وإدارة الأزمة، سيما وأنه ورغم معاناة بعض المناطق من هذه الأوضاع منذ فترة، لم نجد تحركا سريعا لإنهاء الأزمة فضلا عن تحرك لضمان عدم تكرارها.

والمؤلم بحق، ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا، عن حالات أطلقوا عليها "إنسانية"، ومناشدات "عاجلة" بضرورة حل أزمة المياه قبل تفاقمها، وهو أمر يُنعى له، أن نعاني من "أزمة مياه" ونحن نعيش في ظل تلك النهضة متكاملة الأركان التي تشهدها عُماننا هذه الأيام.

.. إن الأزمة الحالية تتطلب من الجهات المختصة تعاملا دقيقا ودراسات مستفيضة تضمن عدم اتخاذ خطوات تدبيرية لعدم تكرارها.. وفي رأيي أن الوقت قد آن جديا للتوجه إلى استغلال أمثل للمياه الجوفية، واستغلال مياه الأودية والسدود الكبيرة، التي ممكن أن تكون "حائط صد" أو "صمام أمان" أمام أي طارئ، فضلا عن تسخير كافة الطاقات والإمكانيات لتقوية شبكات توصيل المياه، وإنشاء مجمعات مركزية للمياه لحالات الطوارئ.

إنا جهاتنا المختصة مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى بالعمل الجاد وبشكل تكاملي فيما بينها؛ لتتجاوز هذه الأزمة، التي بلا شك إن تفاقمت ستلقي بآثار سيئة جدا وستخلف خسائر فادحة في الممتلكات الزراعية والحيوانية أيضا.. حفظ الله الوطن من كل سوء.

Yousuf@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك