"الصير".. عنوان مشرق للسياحة الجبلية في نزوى رغم وعورة الطريق إلى المنطقة

كتب: محمد الإسماعيلي

تتمتع منطقة "الصير" القابعة بولاية نزوى بمحافظة الداخلية، بطبيعة جبلية خلابة جعلت منها مزارا سياحيا لعشاق المغامرة والهدوء في آن؛ حيث تحوي المنطقة مزارع ومسطحات مائية؛ جنبا إلى جنب مع الأودية الجبلية النائية.. وعلى الرغم من المكابدة في الوصول إلى "الصير"، حيث يتطلب الأمر قرابة الساعتين سيرا على الأقدام؛ لعدم وجود وسائل حديثة للوصول إليه، إلا أن زائري المكان يؤكدون أن جمال الوادي يستحق.

ويقول علي بن خميس الصباري -أحد مرتادي "الصير": "تكمن الخطورة في أن الطريق إلى وادي الصير ذو مجرى وعر، يصعب المشي عليه بسبب عدم سلاسة المسار لكثرة الصخور الكبيرة المتناثرة على الطريق؛ لذلك نلجأ عادة للمشي على أطراف مجرى الوادي متنقلين على يمينه تارة وعلى يساره تارة أخرى حسب تضاريس الموقع، حتى نصل إلى داخل الوادي، وحينها تزداد الطريق صعوبة بسبب التضاريس الحادة، مرورا ببعض التجويفات الصخرية العميقة، التي تستوجب علينا تفاديها عبر سلاسل حديدية ثُبتت مؤخرا في مواقع التسلق؛ حيث تحتاج إلى تركيز وحذر وتأني أكبر، إضافة لوجود الدواب كالأفاعي التي عادة ما تنتشر في مثل هذا الأماكن بوجود المجاري الغيلية؛ فلذلك يتطلب من الشخص أن يرتدي ملابس رياضية مع حقيبة خاصة يحمل بها جميع مستلزماته من مأكل ومشرب وغيره".

فيما يرى محمد بن سالم الجامودي أحد سكان المنطقة "أن العمانيين القدامى عرفوا منطقة الصير منذ مئات السنين، حيث كانوا يستخدمون الممر المؤدي إليه كطريق مختصر من نزوى إلى نيابة الجبل الأخضر ومحطة توقف واستراحة بينهما، بالإضافة إلى استيطان بعض الأسر في ذلك المكان نظرا لما يتميز به من حيوية دائمة بسبب توافر عيون ومسطحات وبرك مائية عذبة يطلق عليها محليا اسم "الكيران"، إضافة إلى وجود العديد من أصناف الأشجار الجبيلة الوارفة والجميلة، منها أشجار البوت والنمت والعلعلان؛ لذلك قامت على هذه الطبيعة في فترة من الفترات حياة إنسانية، شيدوا فيها البيوت والمساطب الحجرية التي استغلت في الاهتمام بالزراعة وتربية الحيوانات الجبلية الأصيلة؛ حيث تبرز جميع هذه المنشآت حاليا كمعالم أثرية قديمة تضفي بعدا تاريخيا للمكان، ورغم عدم وجود أي مرفقات سياحية تخدم هذا المكان، إلّا أنه يُعد وجهة سياحية يقصده كثير من السياح المحليين والأجانب في وقتنا الحاضر".

أما عمر بن سالم الكندي -أحد سكان المنطقة- فيقول إن منطقة "الصير" تتميز بجوها المعتدل في جميع أوقات العام؛ حيث يكون الوادي مستقبلا لأشعة الشمس في وقت متأخر عن الشروق الطبيعي؛ وذلك كون الوادي متعمقا بين أطراف جبلية حادة لا تطاله أشعة الشمس إلى قليلا وفي سويعات وجيزة، فيبقى طوال ساعات اليوم ظليلا بسبب الجبال التي تحيط به، وفي أوقات الأمطار وهبوب الرياح الرطبة ترتسم لوحات طبيعة رائعة، يصاحبها وجود سحب كثيفة منخفضة، تشكل لوحة طبيعية جميلة لحظة شروق وغروب الشمس، تتمثل في انخفاض السحب دون متوسط مستوى السلاسل الجبلية؛ لذلك يلجأ كثير من المصورين المحترفين إلى هذا المكان لانتقاء أفضل صور العام، ويضيف أنهم لهذا السبب يتعنون للذهاب لهذا المكان حين تسنح لهم الفرصة".

مغامرة تستحق

وأكد عدد من المتنزهين في منطقة "الصير" أن جمالية المكان تكمن في عدم تردد أعداد كبيرة من السائحين لزيارته؛ حيث إنَّ المكان غير مهيَّأ لاستيعاب أعداد كبيرة؛ بسبب طبيعته الجبلية؛ حيث إنَّهم أبدوا في الآونة الأخيرة امتعاضهم لعدم محافظة البعض على نظافته، متخوفين في الوقت نفسه من تلوث مياهه العذبة التي تنبع من عيون طبيعية، بيد أنهم أكدوا أنه بإمكان الجهات المعنية كوزارة السياحة تطويره كمشروع سياحي مزود بجميع الخدمات اللازمة، كوسائل النقل والاتصال والخدمات الاستهلاكية الأخرى، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل ستتحول منطقة الصير مستقبلا إلى منتجع سياحي بمؤهلات استثنائية؟!

وتقول الدكتور معصومة بنت خميس البلوشية -أستاذ مساعد في قسم السياحة بجامعة السلطان قابوس: "إن تحويل منطقة الصير لمنتجع سياحي يستلزم على الجهات المختصة ممثلة بدائرة السياحة بولاية نزوى، أن تضع في اعتبارها الطريقة المثلى لتهيئة هذا المكان بالشكل المناسب؛ نظرا لما يتميّز به الطريق المؤدي إليه بالوعورة الشديدة، وتضيف أنه وبرأيها الخاص أن الطريقة المناسبة لذلك تتمثل بوضع جسر يمتد من نقطة بداية الطريق وحتى الوصول إليه، مع استخدام سيارات صغيرة كالتي تشبه عربات لعبة الجولف لنقل السواح، علما بأن كثيرا من الدول قد جرّبت هذه الطريقة لجدواها".

وعن كيفية الترويج لمنطقة الصير، أجابت بأنه يجب على المعنيين بهذا الشأن تهيئة المكان بكافة المرفقات السياحية قبل الترويج له؛ وذلك حتى تحظى المنطقة بحقها في الترويج، وينال الزائر المعرفة والدراية الكافية بالمنطقة قبل الذهاب إليها.

تعليق عبر الفيس بوك