جمعية الصحفيين تنظم احتفالا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة

مسقط _ عادل الفزاري

نظمت جمعية الصحفيين العمانية مساء أمس الأول احتفالا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من مايو من كل عام، تحت رعاية سعادة عبد الله بن محمد الصارمي وكيل وزارة التعليم العالي، وأطلقت من خلاله مؤشر الحريات الصحفية لوسائل الإعلام في السلطنة لأول مرة، وأعلنت كذلك عن جائزة الجمعية للإجادة الصحفية خلال الاحتفال الذي افتتح بكلمة ألقاها عوض بن سعيد باقوير رئيس جمعية الصحفيين قال فيها إن الجمعية تهنئ كل زملاء المهنة بهذه المناسبة، مؤكداً أن السلطنة وبفضل الرعاية الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- لم تألو جهدًا في توفير البيئة المناخية الصافية في سبيل دعم وتأهيل ورعاية الصحفيين مما انعكس على عطاء جميع الصحفيين وفتح آفاقا واسعة لهم، مشيراً إلى أن السلطنة لم تشهد ما يُعكِّر صفو ممارسي العمل الصحفي.

ثم استعرض سالم بن حمد الجهوري نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس لجنة الحريات وشؤون العضوية مؤشر الحريات الصحفية في السلطنة والذي رصدته الجمعية ممثلة في اللجنة، من خلال وسائل الإعلام المحلية التي أجابت على 15 سؤالاً طرحت في هذا الجانب والذي حدد وجهة الحرية الصحفية التي تمارسها، والصعوبات التي تواجهها، واستثمار مناخ الحريات المتاح تحت مظلة التشريعات الحالية، والذي يعد خطوة متقدمة بين دول المنطقة على ضوء ما تعانيه وسائل الإعلام في العالم العربي من تضييق عليها في بعض الدول.

وقدم خلال الاحتفال مقرر لجنة الحريات وشؤون العضوية عيسى بن عبد الله القصابي تقرير اللجنة لعام 2014 المرسل لاتحاد الصحفيين العرب، والذي تقاس عليه الحرية الصحفية في المؤشر العربي والمنتظر أن يعلن في العاصمة المصرية القاهرة خلال الأيام القادمة في مؤتمر صحفي للجنة الحريات باتحاد الصحفيين العرب.

جائزة الإجادة الصحفية

وحرصاً من الجمعية على دعم المهنة وتأهيل الصحفيين وتعزيز قدراتهم وصقل مهاراتهم العملية بما يسهم في تطوير العمل الصحفي، وانطلاقا من أهمية المسابقات في تحفيز الكفاءات الوطنية وزيادة المهنية في العمل الصحفي والإعلامي. أعلنت الجمعية أمس الأول خلال عرض مرئي قدمه علي بن راشد المطاعني عضو مجلس الإدارة،عن إقامة مسابقة سنوية بهدف تعزيز الجوانب المهنية في الصحافة العمانية وتشجيع الكوادر الوطنية على التميز في العمل الصحفي.

وأوضح المطاعني أن مجالات المسابقة تتمثل في التحقيق الصحفي والمقال والحوار والصورة الصحفية.

وأشار إلى أن شروط المسابقة تتمثل في الترشح للجائزة والتقدم للجمعية مباشرة ويشترط أن يكون المترشح من أعضاء الجمعية وأن تكون عضويته سارية وأن يكون العمل المشارك به منشورًا في إحدى الصحف المحلية وأن يرفق نسختين من العمل المشارك به- إلكترونية وورقية- مع إرفاق المشارك لسيرته الذاتية وصورتين شخصيتين.

وأضاف المطاعني أنّ الجمعية ستكرم أصحاب المراكز الثلاث الأولى حيث يحصل الفائز الأول في كل مجال على 2000 ريال والثاني 1500 ريال والثالث 1000 ريال. وسيكون مجموع الجوائز في أربعة مجالات صحفية 18 ألف ريال عماني، مشيرًا إلى أنّه ستتم إقامة حفل لتكريم الفائزين في المسابقة واستعراض أعمالهم، موضحًا أن لجنة التحكيم ستتكون من أساتذة الجامعات والخبراء المختصين في المجالات المهنية ذات العلاقة، مشيراً إلى أن الجمعية ستبدأ في مطلع مايو القادم استقبال الترشحات للأعمال الصحفية في مقرها.

وقال يوسف بن علي البلوشي إن الجمعية تسعى من خلال هذه الفعالية لتوطيد علاقتها بالزملاء الصحفيين والاحتفاء بهم وتشجيعهم وتهيئة الظروف المحفزة لهم لأداء أعمالهم في بيئة سليمة.

الصحافة بين الحرية والمسؤولية

بعد ذلك انطلقت أعمال ندوة الصحافة بين الحرية والمسؤولية، والتي شارك فيها الدكتور أنور بن محمد الرواس، أستاذ مشارك بقسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، والأستاذ خليفة بن سيف الهنائي، صاحب مكتب محاماة، وقاضٍ سابق. وأدارها الإعلامي موسى الفرعي الذي تحدث عن أهمية الصحافة بوصفها السلطة الرابعة في أيّ مجتمع ناجح، مشيراً إلى أهم التحديات التي تواجهها، وكذلك استعرض أهم العناوين التي خرجت بها الصحافة العربية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.

وتحدث الدكتور أنور الرواس عن مفهوم حرية الصحافة وعن معانيها الكثيرة والاختلاف في التعريف بحكم اختلاف التخصصات مؤكدًا أن هناك تراجعاً من بعض المؤسسات الإعلامية بحكم أن حرية الصحافة جزء من الواقع العالمي، مبيناً أن مشكلة الصحفيين العمانيين أنهم يعملون بعقلية الموظف وليس بعقلية الصحفي المهني التي تتطلب فهمًا أكبر لمجريات الأمور والأحداث مع التحلي بالصبر والتجويد وفهم المصطلحات وبالتالي يصعب إيجاد سقف لعملية الحرية فعليا بسبب التشعب الكبير في المفاهيم وهناك خوف في المؤسسات الإعلامية من التواصل الصحفي، وهناك ابتعاد عن المسؤولية الصحفية التي تترتب على وجودها الحرية الصحفية.

وأضاف الدكتور أنور الرواس أن الواقع الذي نعيشه أصبح عبئا علينا فهو نتاج لما عايشناه سابقا من أحداث وفعاليات، مؤكدا أن الإعلام الحكومي المفروض لا يوجد، بل هناك إعلام دولة فالمؤسسات والجهات المختلفة هي أنهار تصب في مصب واحد ولذلك فالتوجه واحد ولذلك نأمل النظر إليه برؤية متفتحة حيث إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت السلطة الخامسة النافذة في المجتمع.

ومن جانبه وتعليقاً على سؤال حول تطورات قانون المطبوعات والنشر، ومدى انتشار الوعي القانوني في المجتمع؟ قال الأستاذ خليفة الهنائي: إن الحب لا توجد فيه حرية فهل تكون للحرية كلمة، فالحب يكبلنا بذهابنا إليه طوعا، والكلمة نذهب إليها طوعا وجبرا؟ وطرح سؤالاً مهمًا قائلاً لماذا الصحافة؟ وقال مجيباً ربما يتعلق بالقانون وهناك موارد متعلقة بالصحافة متوزعة في مختلف القوانين والقانون أصبح يطبق على الجميع بلا استثناء في صحافة مجتمعنا الحديث.

ويضيف أن صحافة "الواتس اب" تقوم بدور شامل وأكمل من الصحافة المحلية وهذا يستوجب على قبلية الصحفيين أن يتفردوا ويحققوا اسم السلطة الرابعة.

مبيناً أن على الصحفي ألا يكون ناقلاً للخبر بل يجب عليه أن يكون متفردًا في نقل الخبر وأن يقوم بإعداد التحقيقات المهنية ويسبر أغوار المجتمع.

مؤكداً أهمية قانون المطبوعات والنشر لأهل السلطة الرابعة حيث يتيح للصحافة وبكل واقعية الاستناد إلى جدار ثابت تنطلق منه بكل أريحية للآفاق الواعدة، متمنياً للصحفيين أن يكلل جهدهم بالنجاح في ظل القانون الجديد.

وقال الأستاذ خليفة الهنائي: إن السؤال هنا هل المؤسسات تحسب حسابا للصحفي أم العكس، والجواب هو أن الصحفي لا يحسب له حسابا من قبل المؤسسات، مؤكداً دور الصحافة في الحد من الفساد ضارباً مثالاً ببعض الدول من بينها الهند حيث يخشى المسؤولون الصحافة بشكل أكبر من خشيتهم المحاكم لأن هناك فصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقانونية.

مبيناً أن دور الصحافة يكمن في تناول المواضيع الهادفة وتوضيح الحقائق والكشف عن بؤر الفساد أين ما وجب مع الالتزام بالقانون.

موضحاً أن على الحكومة تشجيع مسؤولية الصحافة عبر إتاحة المعلومة بكل حرية متسائلاً عن وجود قانون يُلزم المؤسسات بتوفير المعلومات لمن يطلبها.

قائلاً إنّ هناك مجموعة من السلبيات تصاحب عمل بعض الصحفيين ويجب عليهم الانتباه لها وهي مخالفة لقواعد وأصول المهنة لأنّه بذلك لا يتحقق الهدف الرئيسي من الصحافة مثل نشر أخبار غير واقعية بهدف الإثارة، وقد يتضرر منها أبرياء نسبة لعدم بما يدور حولهم، منبهاً الصحفيين إلى عدم التحيز والتزام الحياد في تناولهم للقضايا، واحترام الخصوصيات والتفريق بين الشخص وعمله، وعدم انتقاد الشخصيات وإنما الأعمال وتبيين أوجه القصور.

كذلك يجب على الصحفي مراعاة المصلحة العامة في كل الأحوال والضغط على نفسه ليكون على الطريق المستقيم وأن يكون متوازنا مع توخي المصلحة العامة في طرحه.

مناقشات الندوة

بعد ذلك بدأت المناقشات حيث تحدث البروفيسور حسني نصر من جامعة السلطان قابوس وقال: نحن لسنا بحاجة إلى قانون مطبوعات جديد بل لسنا بحاجة إلى قانون جديد للمطبوعات، فالقانون يريد فقط تعديلات بسيطة في بعض المواد وهي معروفة ومحددة، كذلك بعض التصاريح الخاصة بحرية الإعلام ليست دقيقة.

الإعلامي يوسف الهوتي قال إن أجواء المناقشة الشفافة في هذه الندوة تدل على أن هناك تحولا وتحورا في العقليات الصحفية، وسابقا كنّا نطلب بشكل يومي في مكاتب المسؤولين، والإشكالية في الأذهان فقط فنحن حراس البوابات ونقوم بمنع الأخبار ولكن مع الإرادة والحرية والثقة والأمانة فيمكن أن نخترق الستار ولذلك بعد عام 2010م بدأنا في الحرية الصحفية ولكن تراجعنا بعد ذلك فما السبب؟ المشكلة فينا وفي القانون وحتى في مناقشات القانون لا نعرف ما فيه ولذلك نتجرأ على بعض الجهات دون مسؤولية وهي قضية خطيرة.

وقال أحمد الهوتي إنّ إشراك الشباب في مراحل العمل الإعلامي بمختلف أطيافه والسعي إلى التواصل معهم خاصة وأنهم يشكلون نسبة لا تقل عن 70% من الشعب العماني.

وفي مداخلة للدكتور عبيد الشقصي من جامعة السلطان قابوس، استشهد بمقولة لفولتير يقول فيها لا أخشى أن تفتح أبواب جهنم بل أخشى صرير قلم محرر صحفي، مؤكداً أن وقت تغيير قانون الصحافة والمطبوعات قد حان ليكون صالحا للمجتمع لا سيما الأطفال وتعاملهم معه شبكة المعلومات العالمية وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، ويضيف أن فهمنا للصحافة ينطلق من أكثر من مكان فيكون بين الفرد ونفسه وبين المجتمع وبين المؤسسة، فالكثير من الصحفيين لا يتكلف عناء مخاطبة المؤسسة التي يعمل بها فالمفروض أن يطلب معلومات محددة وعليه أن يكتب الخبر بنفسه دون تكليف شخص آخر بكتابته.

تعليق عبر الفيس بوك