المعرفة المؤسساتية من التصنيع إلى التخزين

خلفان العاصمي

تشير عملية اكتساب المعرفة إلى التحديد الأفضل للموارد المعرفية بالمؤسسة أيا كان نوعها ونشاطها، هذه الموارد سواء كانت داخل المؤسسة أو خارجها، وتتمثل أهمية اكتساب المعرفة فى أن الناس بحاجة متزايدة لعدد كبير من المعلومات والمعارف وخبرات متنوعة من العالم المحيط بهم، كى يستطيعوا إنجاز أعمالهم على نحو جيد وبإسلوب يتماشى مع الحداثة والتطوير الذي يشهده العالم في مختلف المجالات، ويؤكد البعض إلى أن تطبيق إدارة المعرفة فى أية مؤسسة يتطلب أن تكون القيم السائدة ملائمة ومتوافقة مع مبدأ الاستمرار فى التعلم وإدارة المعرفة، وأن تكون الثقافة التنظيمية مشجعة لروح الفريق فى العمل، وتبادل الأفكار ومساعدة الآخرين، والقدوة والمثل الأعلى للقيادة الفعالة التى تعتني بالمعرفة. وحدد الباحثون في المعرفة والمعنيون بها نوعين من المصادر لتلقي المعرفة أولها المصادر الداخلية وهى مرتبطة بمعارف العاملين ومقدار ما يمتلكونه من رأس مأل فكرى فى داخل عقولهم وهو ما يسمى بالمعرفة الضمنية والتى تتنوع ما بين خبرة الفرد سواء كانت هذه الخبرة مكتسبة من الحياة العامة او من خلال أعمال مشابهة قام بها قبل التحاقه بهذه المؤسسة، كذلك جوانب مرتبطة بذكرياته ومعتقداته، والتى تعد ذات قيمة للمؤسسة. كذلك فإن المؤسسات ربما تعمد إلى مسح أنواع الأنشطة سواء اكانت سلبية أو إيجابية ببيئتها الداخلية للتعرف على المعلومات الموجودة بها وربما تفحص الأنشطة الداخلية وتحويلها إلى معرفة قابلة للاستخدام عبر المشاركات المختلفة فى المؤسسة سواء كانت لقاءات مباشرة ما بين العاملين بمختلف مسمياتهم الوظيفية او عبر ندوات مصغرة تعقد ما بين الحين والآخر، أما ثاني هذه المصادر فهي المصادر الخارجية والتي تنبع أهميتها من كون أن المؤسسة لا يمكن لها أن تدعي حيازتها على كل الممارسات والأفكار الجيدة فى العمل وهذا يتطلب الانفتاح والإطلاع على أفكار وممارسات وخبرات الآخرين لإحداث عمليات التحسين المستمرة والارتقاء بالأفكار الجديدة، ويأتي ذلك من خلال استقطاب بعض الخبرات من مؤسسات اخرى لنقل المعرفة او من خلال ابتعاث عدد من العاملين بالمؤسسة الى بيوت خبرة في مجالات معينة من المعرفة التي تحتاجها المؤسسة ومن ثم يقومون بنقل اثر ذلك للعاملين الآخرين.

وفي الجانب الآخر فإن عملية تخزين المعرفة -من العمليات المهمة لكل مؤسسة تتطلع للتطوير والتحديث- تقتضى الإجابة عن سؤالين، الأول ما المعرفة التى يجب أن يتم تخزينها؟ والثانى كيف يمكن تخزين المعرفة؟ ففيما يتعلق بالسؤال الأول يتبين ضرورته فى أنه يجب على أي مؤسسة أن تحدد المعلومات المهمة قبل تخزينها، أما فيما يتعلق بالسؤال الثانى المرتبط بكيفية التخزين فقد أصبحت المؤسسات تعتمد بشكل كبير فى تخزين المعلومات وذلك لأن البيانات تصبح غير صالحة للاستعمال والاستفادة منها إذا لم يتم ترميزها وتخزينها بطريقة تتناسب مع الأفراد والمؤسسة، وللدلالة على أهمية هذه العملية فإن كثيرا من الشركات والمؤسسات لديها كميات هائلة من البيانات يصعب الوصول إليها واسترجاعها وبالتالي فعلى المؤسسة أن تضع نظاماً للترميز يتناسب مع احتياجاتها وعملياتها على النظم التنفيذية الحديثة المعتمدة على الحواسب الآلية وتطبيقاتها وشبكات الاتصال، وذلك لسهولة إيداع المعلومات واسترجاعها بتكلفة أقل.

إن تصنيع المعرفة بالمؤسسات يعتبر ضروريا لإيجاد المؤسسات المتعلمة وتصنيع المعرفة لا يقتصر فقط على المعارف الخارجية بل يمتد إلى المعارف الضمنية التي تحتاج إلى مبادرات وجهود مستمرة، كتحديد أفضل الممارسات والأفكار والمفاهيم الجديدة، وإن المفاتيح الرئيسية بتعزيز عمليات التجديد في المؤسسة تشمل دعم التنوع في الأفكار والمهارات وتشجيع الانفتاحية التي تدعم روح المخاطرة وخوض الفشل من أجل تحقيق فرص النجاح ورصد التمويل المخصص لدعم عمليات التجديد وتشجيع طرح الأفكار الجديدة فى العمل ودعمها ومكافأة الأعمال الجيدة والأفكار ذات الطابع التجديدي وبصورة مستمرة وكذلك تقييم الأداء عبر مستويات المؤسسة المختلفة أخذا فى الاعتبار عناصر التجديد والحداثة. وقد كشفت إحدى الدراسات الميدانية أن هناك بعض التحديات التى تواجه إدارة المعرفة تتمثل في عدم إمعان النظر فى تجارب وخبرات العاملين وعدم المحافظة على الأفراد الموهوبين ذوي المعرفة والخبرات العالية، وضعف التركيز على فرق العمل، وعدم إدراك العاملين لأهمية المعلومات التى يمتلكونها، وكذلك عدم تعيين مديرين للمعرفة يسعون وراء تطبيقها بشكل جيد.

تعليق عبر الفيس بوك