منكم وإليكم.. والسلام عليكم

خالد الخوالدي

المخالفات المرورية حديثُ الجميع، ودائما ما تتصدَّر الحديث في اللقاءات والمجالس بين مؤيد ومعارض؛ فالمؤيد يقول إنني ملتزم بقوانين المرور، ولا يهمني حتى لو وضعوا ألف رادار في كل شارع، ويرى أنه لابد من مُعاقبة المسرعين والمتهورين حفاظا على أرواح البشر.. ومعارض يرى أن المخالفة تتم في بعض الأحيان ليس لأني متهور، وإنما لغفلة مني زادت فيها السرعة عن الحد المسموح، وأن هذه المخالفات ليست العلاج، وإنما لابد أن يسبق ذلك جهود للتوعية ونصائح إرشادية وثقافة مرورية تعمَّم وتدرَّس في المدارس والجامعات والكليات، وأن تكون المخالفة هي الحل الأخير، فكما يُقال "آخر دواءكم الكي".

وفي المقابل، الجهات المسؤولة في الدولة قد جنَّ جُنونها وتريد أن تكبح جنون الحوادث بأي طريقة وتقلل من نسبة الحوادث ومن نسبة الوفيات مهما كانت التصرفات ولا يهمها القيل والقال، وتعمل بجهد مُنقطع النظير حتى إننا نلمس -من مستخدمي الطريق- أنَّ عددَ انتشار الرادارات يُعادل عدد انتشار الأشجار المزروعة على جانبي الطريق في كل اتجاه؛ حتى إنَّ الجهة المختصة غرست في ذهن كلِّ سائق توقع أن يكون إمامه رادار مُتحرك حتى لو بعد مائة متر من رادار ثابت.

ونتيجة لهذا الجهد الجهيد، لاحظنا -حَسْب الإحصائية الأخيرة لشرطة عُمان السلطانية- أنَّ عددَ المخالفات في السلطنة خلال عام واحد وصل إلى ستة ملايين مخالفة، وبحسبة بسيطة حسبت على أساس أن أقل قيمة للمخالفة الواحدة هي عشرة ريالات يكون المبلغ الإجمالي لهذه المخالفات هو 60 مليون ريال عماني، وهو مبلغ كبير وينذر بأن السنوات المقبلة قد يصل المبلغ فيها إلى أكثر من هذا مع تزايد عدد الذين يحصلون على رخص سياقة؛ وبالتالي زيادة عدد السيارات.. هذا ناهيك عن المبالغ التي تحصل في خدمات أخرى كتجديد السيارات ومبالغ الحصول على رخص سياقة جديدة وتجديد الرخص القديمة...وغيرها الكثير، وقد يصل المبلغ إلى أكثر من 250 مليون ريال، هذا غير المبالغ الأخرى التي تحصلها شرطة عمان السلطنة من الخدمات الجمركية والخدمات الأخرى.

وما يهمُّنا في هذا الأمر المخالفات المرورية وما يسبقها من تجديد المركبات والحصول على رخص السياقة وتجديدها والمبالغ الكبيرة التي يدفعها المواطن مقابل خدمة تقدم وبدون مقابل كالمبالغ التي تجنيها الرادارات. وهنا؛ أقترح على الجهات المختصة تخصيص المبالغ الخاصة بالمخالفات والخدمات المذكورة سابقا؛ بحيث ترجع إيرادات كل محافظة للمحافظة التي خرجت منها؛ للاستفادة منها في عمل مشاريع تنموية وخدمية، خاصة في مجال الطرق والإنارة، وما يتبعها من وسائل لها دور في تقليل الحوادث، إلى جانب استغلال بعض الأموال في تطوير الولايات في المحافظة، خاصة في مجال إنشاء الحدائق والمتنزهات الكبيرة والمتطورة والمراكز الثقافية والمكتبية والترفيهية، وما من شأنه تطوير الحركة الشبابية؛ حيث تفتقر اغلب ولايات السلطنة لهذه الخدمات، وهذا يُساعد مكتب المحافظين على أن يكون له دور في المحافظة.

وبهذا؛ تستطيع الجهات الحكومية المختصة أن تقول للمواطنين والمقيمين "بضاعتكم ردت إليكم"، ولا تغضبوا ولا تزعلوا إذا ما جعلنا تحت كل شجرة رادار متحرك؛ حيث إنَّ ما تدفعونه من مخالفات سيعمل على التقليل من الحوادث كما نعتقد، كما أنَّ أموال هذه المخالفات من خلالها سيتم عمل مشروعات تنموية وخدمية لكم أنتم تختارونها عن طريق المجلس البلدي الذي قمتم باختياره؛ وبالتالي أصبحت هذه الأموال "منكم وإليكم... والسلام عليكم".

وأخيرا.. قد يكون هذا الاقتراح جديدًا نوعا ما، ولكن في اعتقادي لو طبق سيريح أفئدة الكثيرين لأن الجميع سيدرك أن ما يدفعه من مخالفة سيكون مردودها له ولأسرته ولمجتمعه عن طريق خدمة تقدم له. وهنا؛ أجزم أن وزارة المالية في غنى عن هذه الأموال ولا تدخل في الموازنة العامة للدولة فهي مبالغ زهيدة مقابل ما يدخل إليها من إيرادات النفط، ودمتم ودامت عمان بخير!

تعليق عبر الفيس بوك