دار الأوبرا السلطانية تضيف جناح الترحال "ابن بطوطة" إلى برنامج موسمها الحالي

الملاح: لجأنا إلى أسلوب "الواقعية السحرية" كي نستدعي ابن بطوطة من زمنه

يبدأ العرض في مطار مسقط الدولي حيث تمتزج الدراما بالتعبير الموسيقي الغنائي

بطلة العرض باحثة تعد رسالة الدكتوراه في علم الاجتماع العمراني القديم

الرؤية - شريف صلاح

أعلنت دار الأوبرا السلطانية أمس عن إضافة عرض جديد لموسمها الحالي تحت عنوان "جناح الترحال ابن بطوطة"، على أن يقدم العرض على مدار يومي 30 و 31 مايو المقبل. وقال الدكتور عصام الملاح مستشار الدار للبرامج والفعاليات إن العرض يتناول فكرة السفر وفلسفتها من حيث إنها المُكَوّن الأهم في تشكيل ثقافة الإنسان وتعميق وعيه بما حوله، وإضافة أعمار إلى عمره إذ إن عمر الإنسان وخبراته تقاس بما رأى وعايش وبما مرّ به من تجارب وما احتك به من خبرات، وتتخذ من هذا مدخلا داعيا إلى السفر إلى السلطنة والتعرف على حضارتها القديمة والتعريف بمعالمها ومدى التحديث والتطوير الذى طرأ عليها مما جعلها إحدى البقاع التى تُظهر قدرة الإنسان على التحدى والمشاركة في دفع الركب الإنسانى إلى الأمام نحو التقدم والحضارة.

وأضاف الملاح أن ابن بطوطة ذلك الرحالة العربي القديم الذي عاش في القرن الثامن الهجري، الرابع عشر الميلادي، هو النموذج الأوضح والمثال الأجلى الذي تستدعيه الذاكرة العربية والعالمية عند الحديث عن السفر والترحال، لذلك اتخذنا منه بطلا لهذا العرض، متوسلين بالحيل الفنية والدرامية الحديثة من أجل خلق حالة من التعريف بالبلدان العربية ـ وفى القلب منها عُمان ـ وكذلك التعريف بهذا الرحالة الكبير وتقديمة كنموذج للأجيال، قاصدين بذلك أن نُعرفهم بأن حضارتهم العربية شخوصًا ومنجزات قد ساهمت أوفر المساهمة في الحضارة الإنسانية وقامت بدورٍ لا يُنكره المنصفون في كل بقاع العالم وعلى مر العصور، مما يحفز الأجيال على مواصلة هذا الدور والاستمرار في تقديمه.

رحالة مسلم

ويشار إلى أن ابن بطوطة " محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي اللواتي" يعد من أوائل الرحالة المسلمين الذي قدم في كتابه "تحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" رؤية دقيقة وصادقة تتعلق بعقائد الأمم وسلوكيات الشعوب في كل البلاد التي مرّ بها على حد قول المستشرق "ريجيش بلاشير"، والذي يعتبره المؤرخ الروسي "كراتشكوفسكي" آخر جغرافي عالمي اعتمد على الاستقراء والمعايشة العملية، أما المستشرق الياباني "ياموتو" فيراه منافسا قويًا للرحالة الغربي "ماركو بولو" بل ويتفوق عليه من حيث طول المسافة المقطوعة في السفر ومن حيث دقة المعلومات وأهميتها، فلماذا إذن يهللُ العالم للأخير وينسى هذا الرحالة المسلم؟ وهل يقع واجب التذكير بهذا الرحّالة وتخليده وتبيان عظمته إلا على العالم العربي والإسلامي في المقام الأول؟.

وأطلقت جمعية كمبردج على ابن بطوطة "أمير الرحالة المسلمين" أما الباحث وعالم الجغرافيا المستشرق "أندرية ميكيل" فيصفه في أحد كتبه بأنه " أعظم رحالة في التاريخ البشري" وكذلك العالم الألماني "بوركهارت" الذي قال "إن ابن بطوطة أعظم رحالة يسجل مذكراته في العصر الوسيط" ، من أجل هذا رأينا أن نتخذ من ابن بطوطة وسيلةً وهدفًا في ذات الوقت، فهو وسيلة للحديث عن السفر ومعالم البلاد العربية وحضارتها الحديثة والترويج لها، وهو هدفٌ رأينا أن الواجب القومي يدعو إلى ذكر مآثره وفضله كأحد آباء علم التاريخ والجغرافيا والاجتماع والعمران ورائد أدب الرحلات والسيرة الذاتية في العالم.

الواقعية السحرية

وأضاف الملاح: لكي نستدعي ابن بطوطة من زمنه الذي عاش فيه فقد استخدمنا ما يسمى في الأدب بــ "الواقعية السحرية" أو "الفانتازي" حيث تقوم الفكرة على خلط الواقع بالخيال ومزج الأحلام بالحقائق مزجا مبررا وله منطقيته كما سيتضح.

ويبدأ العرض باستعراض في مطار عمان تمتزج فيه الدراما بالتعبير الموسيقي الغنائي، هذا الاستعراض نطوّف فيه سريعا على مطار مسقط الدولي والذي سوف يتم افتتاحه في عام 2016 ثم ينتهي بأن نرى الفتاة (وهي باحثة تعد رسالة الدكتوراه في علم الاجتماع العمراني القديم، وتتخذ من ابن بطوطة ومذكراته مرجعا رئيسيا) تستعد لأن تستقل الطائرة من مطار عمان إلى المملكة المغربية، ولأنها دائمة التفكير في موضوع بحثها، ودائمة القراءة في كتاب "تُحْفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" ولأنها شديدة الشغف بشخصية ابن بطوطة فإنها ترى بالمطار شخصاً يرتدي زيًّا مغربيا قديما يعود لعصر "ابن بطوطة" بل ويجري بينهما حوارٌ ويعرض عليها السفر عبر وسيلةٍ أخرى غير الطائرة، وهي "بوابة التاريخ " حيث يخبرها أن باستطاعتها أن تسافر عبر هذه البوابة إلى أي زمانٍ أو مكان تريد السفر إليه، توافق الفتاة على التنقل مع هذا الشيخ الغريب عبر بوابة التاريخ حيث تكتشف أنها بصحبة ابن بطوطة ذاته حيث يختلط الواقع بالخيال والماضي بالحاضر، فتنتقل معه إلى بلاد المغرب، وتحديدا إلى مدينة "طنجة" القديمة التي بدأ منها ابن بطوطة رحلته بعد أن تزود بالعلوم والمعارف التي تؤهله للاستيعاب والتحصيل، كان أبوه يُعده لأن يكون فقيها قاضيًا، لكنه غير وجهته في الحياة وقرر السفر، كانت نيته في البداية الحج إلى بيت الله الحرام، وفعلاً تم له ذلك، لكن شهيته كانت قد انفتحت على السفر وذاق حلاوة التنقل ورؤية الجديد من البشر والأماكن والعادات والغرائب التي لا تتاح رؤيتها إلا لمسافر، وليس من رأى كمن سمع، لقد قرر ابن بطوطة أن يتخذ من السفر غايةً أسمى من كل الغايات وهدفًا أهم من كل هدف، فبالسفر يُمكن للمرء أن يحقق كل أهدافه في الحياة، من العلم والثروة والجاه والمال، وغيره.

استعراض غنائي

وبعد طنجة القديمة يحكي ابن بطوطة للفتاة كيف انتقل منها إلى الجزائر وتونس ويمر بكل المدن والبلدان الصغيرة والكبيرة في تلك البلاد حتى يصل إلى طرابلس ليبيا، يحكي لها عمّا لاقاه في هذه البلاد حتى يصل إلى مصر حيث نقدم عن مصر استعراضا غنائياً يتحدث عن مصر وحضارتها منذ العصر الفرعوني. ومن مصر يحكي ابن بطوطة للفتاة كيف أنه انتقل إلى كل ربوعها من الشمال للجنوب، ثم عاد واتجه شمالا إلى بلاد الشام .. حيث نقدم استعراضا غنائيا راقصا كلوحة عن بلاد الشام وجمالها ومآثرها، ويحكي ابن بطوطة، كيف أنه كان يعيش في سفره حياة المقيم في وطنه فقد خرج للحج لكن الأمر اختلف فأصبح حاجّا، متاجرا، طالبا للعلم، وسفيرا لبلاده، حيث إنه تعلم في سفره اللغتين التركية والفارسية، وتزوج أكثر من مرة وتاجر وربح وتقلد المناصب الهامة، ثم بلغ الحجاز فأتم الحج، لكنه لم يعد لبلاده بل واصل الترحال حتى بلغ أرض عمان وزار كل مدنها وبلدانها حيث "عمان" هي المحطة الرئيسية في هذا العرض فنقدم عنها استعراضا غنائيا، وصورا من فنونها الغنائية الفلكلورية، ونتوقف لنعرض بشكل أكثر تفصيلا ما جرى لابن بطوطة وما رآه في تلك البلاد التي أسرته، وجعلته يتعلق بها، فنتعرض بالذكر والإضاءة السريعة على بعض البلدان الصغيرة التي مر بها وكيف كانت حين رآها ثم نقدم استعراضا ختاميا هو مزيج من كل الاستعراضات والتابلوهات التي قدمت عبر الرحلة، حيث يتلاقى الكل في تلك البقاع الخصيبة والبلاد الحبيبة.

تعليق عبر الفيس بوك