ورشة عمل "التطورات التشريعية لقانون سوق رأس المال" تستعرض المستجدات.. والمناقشات تركز على "العقوبات"

السالمي: التشريعات المنظمة لقطاع سوق المال ينبغي أن تتصف بالديناميكية والمرونة

- الهيئة تحرص على إشراك الجهات والمؤسسات المختلفة في مشاريع اللوائح والتعديلات

- التفاعل مع الجمهور يحقق سهولة أكبر في تطبيق التشريعات

- استيعاب منتجات التمويل الإسلامي أبرز تعديلات قانون سوق رأس المال

الرؤية - نجلاء عبدالعال

نظمت الهيئة العامة لسوق المال أمس ورشة عمل تحت عنوان"التطورات التشريعية لقانون سوق رأس المال" وذلك تحت رعاية سعادة عبدالله السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال وبحضور عدد كبير من المستثمرين وأعضاء مجالس إدارات شركات المساهمة العامة والوساطة وغيرها من الجهات المختصة.

وتستهدف ورشة العمل التعريف بالتعديلات التي طرأت على قانون سوق رأس المال العام الماضي، واللوائح التي صدرت تبعا لتعديل القانون، وكذلك التعريف باللوائح التي بصدد الإصدار مثل لائحة الصكوك ولائحة الاستحواذ والسيطرة وما تضمنته من نقاط.

وقال سعادة عبدالله السالمي في تصريحات على هامش ورشة العمل: إنّ فلسفة الهيئة قائمة على أساس أننا عندما نضع ضوابط أو نستهدف وضع تشريع معين لا يمكن أن تتم من جانب واحد، ولابد أن يكون الجانب الآخر أيضًا له نوع من الشراكة في التفكير والإعداد لتحديد الأهداف التي نريد الوصول إليها، ومن ثمّ يصبح للتشريع قبولا من الجانبين؛ بينما إذا كان من جانب واحد فربما تكون هناك صعوبة في تطبيقه على الطرف الآخر، وهذا نهج انتهجته الهيئة من البداية ومستمرة فيه، ومن تجربتنا فإننا نحصل على تغذية راجعة نحصل عليها من الجمهور سواء شركات المساهمة العامة أو الوساطة أو مكاتب التدقيق الحسابات أو مكاتب الاستشارات القانونية، ويبدي جميعهم ملاحظاتهم وكثير منها ملاحظات نابعة من التطبيق العملي للوائح على الواقع وليست مبنية على أمور نظرية أو مجرد أفكار وهذا بالفعل يثري القوانين ويجعلها أكثر قابلية وفاعلية عند التطبيق مع قربها من الواقع العملي.

وأضاف سعادته "لدينا ميثاق حوكمة الشركات وضعته الهيئة لمدة أسبوعين على موقع الهيئة لإطلاع الجمهور عليه، لكننا وجدنا مطالبات بأن يجري تمديد فترة العرض حتى يكون لديهم الفرصة لمزيد من الاطلاع وإبداء الملاحظات، وبالفعل استجابت الهيئة ومددت الوقت حتى نهاية الشهر الحالي، والتغذية الراجعة التي نحصل عليها ونحاول على قدر الإمكان أن نُضّمنها في مشروع القانون الذي نرفعه للجهات المختصة.

وحول مدى الرضا عن التجاوب من الجمهور أكد سعادته أن التجاوب إيجابي، وأن الشركات جميعها على مستوى المسؤولية، مشيرا إلى أنّه في بعض الأحيان هناك أفراد عاديين وباحثين يمدوننا بملاحظات ممتازة، وهذا هو الطريق الذي لا يمكن السير بدونه وهو طريق التفاعل المجتمعي.

تفاعل ايجابي

واتسمت المناقشات في ورشة العمل بالتفاعل الإيجابي من خلال كثير من الأسئلة المتخصصة التي أجاب عنها المتحدثون، وتركزت غالبية الأسئلة حول التعديلات التي شملها قانون سوق رأس المال، والتي كان أبرزها التوسع في حجم العقوبات ضد الممارسات المخالفة، وكذلك الضوابط المنظمة للعهد المالية، وإصدارالصكوك وشروط إدراجها وتداولها، وآلية الرقابة الشرعية عليها، إلى جانب المناقشات حول مسودة لائحة الاستحواذ والسيطرة والتي تتضمن ضوابط تحد من ظاهرة السيطرة والاستحواذ والتي تشمل أحكام وآليات هامة وضرورية في الأسواق المالية باعتبار أنّها ستلعب دور في الحد من ظاهرة تمركز الملكية وتوجيه السوق نحو إعادة هيكلة الشركات الأمر الذي سيعزز من عملية التسهيل في تداول الأوراق المالية وبموجب التعديلات الجديدة.

وكان الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال قد افتتح أعمال الورشة بكلمة قال فيها: يعتبر قطاع سوق رأس المال قطاعاً حيوياً ويتمتع بالتطوّر والتغير المتسارع تبعاً لطبيعة هذا القطاع والظروف التي تمليها عليه الأحداث والمستجدات المختلفة والتطورات الاقتصادية والأزمات، وهذا كله يوجب أن تتصف التشريعات المنظمة لهذا القطاع بالديناميكية والمرونة، وفي المقابل يجب أن يكون هناك أيضاً حرص على استقرار القوانين وثباتها بما يعزز ثقة المستثمرين والمتعاملين وتقليل المخاطر التي قد تنشأ نتيجة التغيرات التشريعية السريعة.

وأوضح سعادته بأنّ دينامكية الأحداث المتسارعة في هذا القطاع والطبيعة الخاصة التي يتسم بها يفرض شيء من التحدي على الجهات التشريعية والرقابية كالهيئة العامة لسوق المال لإيجاد التوازن المطلوب بين استقرار القوانين ومواكبتها للتغيرات المتسارعة في هذا القطاع المتجدد والمتطور.

المرونة والمواءمة

وأكّد أنّ الهيئة حريصة على إضفاء المزيد من المرونة والمواءمة في الإطار التشريعي فقد كان التوجّه أن نجعل القوانين أكثر عموميّة دون الدخول في التفاصيل وترك التفاصيل للوائح والإجراءات والتعاميم القابلة للمراجعة من وقت لآخر حسب الظروف والمستجدات. وأضاف: أنّ الهيئة دأبت على إشراك الجهات والمؤسسات المختلفة والمجتمع بشكل عام في مشاريع اللوائح والتعديلات عليها لاستطلاع آراء الجميع حتى تكون النظرة أكثر شمولية وأن تستوعب مشاريع اللوائح كافة الآراء والأفكار، وهذا ما تم بالفعل في اللوائح التي تم استعراضها في الورشة.

وعبر عن أهمية هذه السياسة بالقول إنّ الهيئة تؤمن أن تنظيم قطاع ما ووضع تشريعات جديدة له لا يمكن أن يأتي من طرف واحد لذلك فإننا في الهيئة العامة لسوق المال نؤمن بمشاركة كافة المؤسسات المعنية والمجتمع بشكل عام في العملية التنظيمية وفي وضع الأطر القانونية اللازمة لذلك. وأضاف سعادته إننا نؤمن أيضاً بالتواصل المستمر والتشاور كأساس للوصول إلى فهم مشترك وواضح للأهداف التي نرجو الوصول إليها خدمة لوطننا ولاقتصادنا، وتأتي هذه الورشة تأكيداً على هذا التوجه.

يذكر أنّ تنظيم هذه الورشة يهدف إلى الوقوف على أبرز التشريعات القانونية التي شملها المرسوم السلطاني رقم (59 /2014) بما يواكب متطلبات كل مرحلة لا سيما المرحلة الراهنة التي تشهد حراكا تنموياً ملفتاً في السلطنة، كما جاء تنظيم الورشة من منطلق حرص الهيئة بأهميّة توعية الشركات بالقوانين الصادرة والعمل على تقريب الصورة حول حيثيات التعديلات التي تضمنها قانون سوق رأس المال إلى جانب الاستفادة من مرئياتهم في صياغة اللوائح التنفيذية من خلال فتح باب الحوار والنقاش مع الدوائر المعنية بالهيئة ليكون التعامل مع معطيات سوق رأس المال قائمة على أرضية من المعرفة والدراية والوضوح وهو ما يضمن سلامة الأداء ويساهم في صناعة سوق تتمتع بالكفاءة والقدرة على تعزير مساهمته في تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود.

آلية التعديلات القانونية

وتضمنت الورشة عددا من أوراق العمل الخاصة منها ورقة تتعلق بآلية إجراء التعديلات القانونية وورقة خاصة تتحدث حول أبرز التعديلات التي شملها قانون سوق رأس المال في المرسوم السلطاني(59/2014) وورقة حول العقوبات ودورها في تعزيز ثقة المستثمرين ومسودة مشروع لائحة الاستحواذ والسيطرة ولائحة الصكوك، ففي الورقة الأولى تحدث أحمد الجشمي الباحث القانوني بدائرة الشؤون القانونية موضحا في البداية أنّ التشريعات تتدرج من حيث قوتها و إلزاميتها حسب طبيعة الإجراءات المتبعة في إصدارها والجهة المصدرة، سد الثغرات قانونية التي ينتج عنها عدم الإلتزام بأحكام القانون وتحدث حول أسباب تعديل التشريعات والمراحل التي تمر بها إجراءات تعديل التشريع وهي مرحلة الإعداد ومرحلة الصياغة والمراجعة ومرحلة المناقشة والمتابعة ومرحلة الإصدار والنشر.

وتناولت الورقة الثانية أبرز المواد التي تمّ تعديلها حيث تحدث مقدم الورقة عبدالحميد بن سعيد السعدي الباحث القانوني في دائرة الشؤون القانونية بقوله: جاء المرسوم السلطاني رقم (59 /2014) بتعديل قانون سوق رأس المال متوافقًا مع المنهج الذي تتبناه الهيئة في قيامها بالمراجعة المستمرة للقوانين والتشريعات المنظمة لقطاعي سوق رأس المال والتأمين ثمّ تطرق إلى المواد التي تمّ تعديلها مشيراً إليها قبل وبعد التعديل ومبررات التعديل، فيما جاءت الورقة الثالثة حول دور العقوبات في تعزيز ثقة المستثمرين في سوق مسقط للأوراق المالية حيث تناول فها محمود بن حسن الرواحي أهمية العقوبات ودورها في تعزيز البنية التشريعية لقانون سوق رأس المال وما يوفره من حماية فاعلة لحقوق الجميع خاصة صغار المساهمين الأمر الذي يرفع مستويات الثقة في سوق مسقط للأوراق المالية إلى مستويات أعلى.

بعدها تحدث ماجد بن محمد الكيومي عن مسودة لائحة الاستحواذ والسيطرة مشيراً إلى شروط وضوابط تملك 25% أو أكثر من أسهم الشركات المساهمة العامة مستعرضاً إحصائيات عن طلبات زيادة نسب التملك خلال الفترة السابقة والصعوبات التي تواجه تطبيق الضوابط الحالية والهدف من لائحة الاستحواذ والسيطرة وأعم النقاط والجوانب التي تناولتها اللائحة. وفي الورقة الأخيرة تحدث كيمالريزادي خبير أدوات التمويل الإسلامي بالهيئة عن مسودة الصكوك مشيرا إلى أنّ الهدف منوجود لائحة للصكوك تطوير سوق التمويل الإسلامي في السلطنة وإيجاد ضوابط واضحة للمصدرين وحماية حملة الصكوك، مؤكدا على أنّ الصكوك مصدر مهم لتنمية وتنشط الحركة الاقتصادية في السلطنة، ويساهم في نفس الوقت في عمق السوق بعدها تطرق إلى ملامح اللائحة حيث إنّها ستغطي آلية الإفصاح وآلية الرقابة الشرعية والضوابط المنظمة لأنشطة شركات الغرض الخاص.

استيعاب المستجدات

ومن أبرز الملامح التي تضمنتها تعديلات بعض أحكام قانون سوق رأس المال العماني هو استيعاب القانون لتنظيم منتجات التمويل الإسلامي ذات الأجل الطويل باعتبارها أحد الأركان الأساسية لمنظومة الاقتصاد القائم على منتجات الاقتصاد الإسلامي في ظل مباشرة أنشطة الصيرفة الإسلامية أعمالها والبدء في تقديم منتجات التأمين التكافلي المتوافقة مع أحكام الشريعة، في هذا الخصوص تمّ إدراج بند جديد في المادة (48) الخاصة باختصاصات الهيئة العامة لسوق المال، وبموجب تلك الإضافة أضحت الهيئة هي الجهة المختصة بترخيص وتنظيم شركات الغرض الخاص، والتي تؤسس لأغراض إصدار الصكوك ويسعى المشرع من إضافة هذا البند إلى توفير البنية التشريعية المنظمة لإصدار الأوراق المالية الإسلامية، حيث يمكن للشركات الراغبة في الحصول على تمويل من خلال الصكوك، وتأسيس هذا النوع من الشركات يكون هدفها إصدار الصكوك، وفي ذات السياق تمّ إدراج بند آخر في المادة (50) يمنح مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال صلاحية وضع الشروط والضوابط المنظمة للعهد المالية وإصدار الصكوك وإدراجها وتداولها والرقابة الشرعية عليها.

لائحة الاستحواذ والسيطرة تتيح للسوق حرية التفاعل بدون تدخل الجهة الرقابية

قال سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال إنّ لائحة "الاستحواذ والسيطرة" في عمان تسبق زمانها في منطقتنا وإنها ستكون الأولى من نوعها في المنطقة، وأكد سعادته في تصريحات لـ"الرؤية" أن الهدف من اللائحة المقترحة والمعروضة حاليًا على الجمهور والمختصين لإبداء الرأي فيها، هو أن تعطي السوق وآليات السوق حرية التفاعل بدون تدخل الجهة الرقابية، وبحيث تكون للسوق حرية التفاعل مع التطورات في ملكيّة رؤوس أموال الشركات. وشرح سعادته أنّ الوضح السابق تمنع فيه التشريعات واللوائح تخطي أحد نسبة تملك 24.99%، ولا يمكن تخطي النسبة بدون تدخل من الهيئة العامة لسوق المال وموافقتها، لكن مسودة اللائحة الجديدة للاستحواذ والسيطرة تضع إجراءات معينة ينبغي لمن يريد رفع نسبة تملكه إلى ما فوق 25% فيكون لديه إجراء معين عليه القيام به، وحتى إذا أراد المستثمر سواء كان شخص طبيعي أو معنوي أي شركة أو صندوق أو جهة استثمارية زيادة نسبة ملكيته إلى 50% يكون أمامه إجراءات معينة تتضمنها اللائحة بحيث تمكنه من الوصول إلى ذلك مع الحفاظ على حقوق جميع المساهمين، مؤكدا أنّ هدف مسودة اللائحة والمقصود منها هو تحقيق أقصى حد من الشفافية وإتاحة الفرصة لتفاعل السوق.

وحول ما إذا كانت هناك علاقة بين لائحة الاستحواذ وقانون منع الاحتكار أوضح سعادته أنّ لائحة الاستحواذ والسيطرة تختص بالاستحواذ على شركة مساهمة عامة مدرجة في السوق، وعلى سبيل المثال إذا كانت هناك شركتان تعملان في نشاط متقارب أو في نفس المجال، وترغب إحداهما في الاستحواذ على الأخرى فتبدأ في شراء أسهم الشركة حتى تصل إلى نسبة معينة، وعندما تصل إليها يتوجب عليها إجراءات معينة منها أن تعرض على المساهمين الآخرين عرض شراء بسعر محدد، وفي مثال آخر في حالة الشركة التي يتم الاستحواذ عليها لتحسين أوضاعها، فإذا كانت شركة في وضع مالي أو إداري ضعيف يمكن أن تستحوذ شركة عليها وتعيد هيكلتها ومن ثمّ تعيدها مرة أخرى للسوق، وفي هذه الحالات وغيرها تتيح لائحة الاستحواذ الديناميكية والحيوية لهذه العمليات في السوق من خلال تأطير هذه التعاملات ضمن لائحة ومن ثم يترك للسوق حرية التحرك.

تعليق عبر الفيس بوك