السياسة العمانية بين (الثابت والمتغيّر)..

سعودم الحمداني

(1)

(العقل) صوت السياسة الثابتة..

و(القلب) صورة السياسة المتغيرة..

ردود الأفعال، والانفعالات لم تصنع سياسة يومًا.. بينما ظلّت (المبادئ) المحركة للسياسة هي من تتحكم في ردود الأفعال..

(2)

سياسة السلطنة هي (عدم التدخل في شؤون الآخرين)..

أثبتتها الأيام والمواقف، ومتغيّرات التاريخ والجوار، والحروب المتتالية، و(التحرّشات) التي تعرضت لها في فترات مختلفة طوال أكثر من أربعين عاما.. إلا أنّ المبدأ ظل هو المبدأ.. لم يتزعزع.. ولم يتغيّر.. لم تكل السياسة الخارجية العمانية الأمور بمكيالين.. بل صمدت وأثبتت أنّها سياسة راسخة تستحق الاحترام والتدريس في جامعات السياسة العربية والعالمية.

(3)

(الجغرافيا لا تتغير)..

لا نستطيع استيراد جيراننا، ولا نستطيع الرحيل عنهم إذا أساءوا إلينا..أمّا الأشخاص فمتغيرون.. وعلى مدار السنوات بدءًا من حرب الجارين العراق وإيران.. ظل الحياد العماني واضحًا وبارزًا.. بينما نسي بعض جيران الدولتين هذه القاعدة البديهية..لذلك تطور الصراع وامتد..وما تزال ناره تحرق النوايا التي تحاول أن تفتح أبوابًا جديدة للعلاقات بين تلك الدول..

(4)

العلاقات الخليجية (الأخوية) الثنائية شهدت مناوشات مسلحة أحيانًا، وأحداثًا كادت أن تعصف بمجلس التعاون، لأنّ (عقلية قبلية) تطغى أحيانا على السياسة فتجعل منها مسألة انتقام، وشرف، بينما كانت عمان تُحكم بعقلية محنكة سياسيًا، ووقفت دائمًا على الحياد، لا تنصر أخا على أخ، ولا تزج بنفسها في صراع (عاطفي انفعالي) سريعا ما ينطفئ، كما بدأ، وتعود (القبائل) إلى خيمة الصلح، وكأنّ شيئًا لم يكن!!..ولكن بعد أن تترك أثرًا لها في القلب.

(5)

قامت بعض التجمّعات العالميّة تحت (شعارات) براقة مثل (دول عدم الانحياز) ولكن تطبيق الشعار لم يكن سهلا، فكل دولة في هذه المنظمة إمّا أن تكون تابعة لدولة أكبر، وإمّا أن تكون هي نفسها جزءًا من صراع لا دخل لها فيه، إلا عمان التي أثبتت أنّ التطبيق جزء لا يتجزأ من الشعار، فظلت على حد الشعرة الفاصل بين السياسة واللاسياسة..

(6)

حين تعلو نبرة الصوت، وتزمجر لغة السلاح، فإنّ الدمار آتٍ ولا شك، وسنعرف حينها أنّ القلب تغلّب على العقل، وفي هذه الحالة فإنّ الحسابات ستكون وخيمة بعد أن يفيق العقل من نشوة الانتقام، ويجد نفسه متورطًا في فعل كانت حساباته ضيقة وآنية وعاطفية..

هذا ما حدث حين ورّطت بعض الدول الخليجية نفسها في لعبة عالمية لا علاقة لها بها، وباتت شعوبها ومصالحها حاليًا مهددة من كل مكان، دون أن يكون لها في هذه الصراعات ناقة ولا جمل، ولو أنّها وقفت على مبدأ الحياد كعُمان، وحاولت بنوايا صادقة احتواء هذا الدمار، للعبت دورًا فاعلا في حقن دماء المسلمين، ووقف هذا المشهد الدراماتيكي لما يحدث حاليًا في دول عربية عدة، ولكنها العاطفة والانفعال السياسي الذي لا يقود لشيء.. والدول التي لم تعتد على ثبات المبادئ السياسية.. ولذلك تدفع الشعوب قبل الحكام ثمن مغامراتها، وقصر رؤيتها..

سياسة يقودها القلب.. بينما يغفو العقل فيها حتى حين.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك