عُمان السلام والوئام.. وواقع الأمة العربية!

علي الرِّيامي

نأتْ السلطنة بنفسها عن مظاهر الفرقة والتشتُّت والنزاعات الطائفية، واتَّخذتْ من السلام والوئام ونبذ الفرقة والتشتت منهاجا تسير عليه؛ فصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- عَاهَد نفسه بأنْ يُقيم دولة سلام يعيش أبناؤها في سعادة ووئام.. وأكد أنَّ السلطنة لن تتدخَّل في شؤون الغير، ولا تحب أن يتدخَّل الغير في شؤونها.

فأسَّس -حفظه الله- الدَّولة بعيدًا عن النزاعات الطائفية، فلا فَارق بين شيعي وسني وإباضي.. كلّنا ندينُ بالله ربًّا، وبالإسلام منهجا وشريعة، وبمحمد نبيا ورسولا.

لا نتعامل بالمذاهب ولا الأحزاب ولا القبائل، وهذا ما جَعَل بلدنا دولة سلام والحمدلله، وجلَّ ما أرجوه أن نستمر على هذا النهج، بأن نبتعد عن الشطحات الطائفية من أجل الحفاظ على وحدة بلدنا، وعلينا ألَّا نرضخ للفتن، ونسير كما أرادنا السلطان أعزَّة أباة.

... إنَّ سلطنة عُمان وهي تسيرُ في رَكْب الحضارة بقيادة مولانا صاحب الجلالة السلطان المعظم، رجل السلام والوئام، الذي ساهم في جعلها دولة عصرية حاضرة بين الأمم والشعوب؛ فاستطاعت عمان بفضل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان حلَّ الكثير من القضايا الدولية التي تهدِّد أمنَ الشعوب. ولعلَّ الكثير من المواقف تشهد بذلك؛ ومنها الحدث الأبرز على مُستوى العالم؛ وهو: التوصُّل إلى حلٍّ واتفاقٍ فيما يخصُّ البرنامج النووي الإيراني، وهذا أتى بفضل جُهود مَوْلانا في الحفاظ على أمن منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، والخليج بصفة خاصة.

البعضُ ينزعجُ من هذا الوئام والوفاق والسلام لا لشيءٍ، وإنما لأنَّه ينظر للواقع بنظرة من زاوية ضيقة نظرته طائفية مذهبية عرقية بامتياز؛ وذلك لا يجلب السلام والوئام إنما يُساهم في توسع دائرة الخلاف، وبناءً عليه يتزعزع الأمن في المنطقة.

الرُّؤية العُمانية تسير وتتعامل مع الإنسان بغضِّ النظر عن مذهبه وجنسه وعرقه ولونه؛ فالإنسان هو الإنسان دون تمييز أو تفرقة، وعُمان من الدول الوحيدة في المنطقة والعالم التي تجمعها علاقات سلام ووئام مع مختلف دول العالم، وهذا لا يتأتَّى إلا بالنظرة السليمة للشعوب بعيدا عن اللون والعرق؛ وذلك مبدأ إسلامي حثنا عليه الإسلام، قال تعالى: "إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم".

... إنَّ الحربَ الدائرة اليوم في المنطقة حربٌ مذهبية طائفية بامتياز، وهذا يُهدِّد أمنها وسلامتها والشعوب؛ فالحوار هو الأساس بعيدا عن القتل والتشرد. لو كانت الحروب حلا لنجحتْ في حلِّ النزاع الدائر في سوريا والعراق وفلسطين ومصر ولبنان وليبيا وتونس.

حُروب المسلمين وتطاحنهم لا تجلب حلًّا بقدر ما تجلب الشرَّ والقتلَ والتفرقة، ثم أي شريعة شرعت القتل بين المسلمين؟ نحن اليوم نعيشُ في خشبة مسرح أبطالها وممثلوها العرب، وجمهورها الغرب، ومخرجها الشر، ومنتجها القتل، وتوزيعها الفتنة، وتصميمها الخونة والفسدة.

لو عُدْنا إلى الماضي لوجدنا العديد من الحكومات العربية قد ساهمتْ في خَلْق جيلٍ من الشباب المتعلم عاطلا عن العمل؛ مما جعله مُؤهَّلا للانضمام إلى منظمات غربية ممنهجة تقتل المسلمين وتفرقهم وتشتتهم.

الدول الغربية لا يهمُّها سلامة العرب وأمنهم واستقرارهم، إنما جل أهدافهم البحث عن مصالحهم أيًّا كانت، وبأي طريقة، حتى وإن أدى ذلك إلى قتل وتشريد الشعوب.

ففي العراق: قُتل أكثر من 500 ألف عربي مسلم، وشُرِّد أكثر من 5 ملايين، ولم يحل السلام والوئام، ولم يتحقق للعربي حياة هانئة وكريمة.. وكذلك في سوريا: قتل أكثر من 150 ألف وشُرِّد أكثر من 3 ملايين.. وفي ليبيا: قُتل أكثر من 120 ألف، وشُرِّد أكثر من مليون إنسان، ومع ذلك لم يحل السلام.

الوطنُ العربيُّ أصبح ساحة للقتل والتشريد، بينما يعيشُ الغرب في أمن وأمان، لا تحد دولهم حُدود بفضل تعقلهم ربما، وتأسف عندما يجتمعُ العرب المسلمون لقتل إخوانهم من المسلمين أيًّا كان مذهبهم وأيًّا كان فعلهم.

ما يحدُث في المنطقة قد يُحل بالحوار والتفاهم، لا بالقتل وتشتُّت وحدة الأمة، انشغلنا بالتطاحن وفقدنا هيبتنا وقوتنا وتركنا عدونا يأخذ راحته في اغتصاب مقدساتنا واحتلال أرض القدس... آه ثم آه، متى ستنتهي هذا المسرحية؟! تُرى كم فصل تبقى منها؟!

* أكاديمي بجامعة صُحار

تعليق عبر الفيس بوك