منال الغافرية تعبّر عن أفكارها بالكاميرا والقلم وتجمع الصور الفوتوغرافية بالأخيلة الشعرية

مسقط - عزة المالكية

تدرس منال بنت علي بن ناصر الغافرية في السنة الرابعة بكلية الطب جامعة السلطان قابوس، لكنّها في الوقت نفسه تهوى كتابة وإلقاء الشعر الفصيح كما تمارس هواية التصوير الفوتوغرافي. وبدأت علاقتها بالشعر منذ الصفوف الأولى في مقاعد الدراسة حيث كانت تقبل بكل شغف على حصص مادة اللغة عربية بالمدرسة لتطالع نصوص الشعر وتتفهم معاني الكلمات والصور الجماليّة في قصائد مختلف الشعراء كما كانت تزيد من اطلاعها على مزيد من قصائد الشعر الفصيح بنوعيه الحر والمقفّى خارج منهج الدراسة. وتقول الغافرية إنّها تتأثر كثيرًا بما تقرأه للشعراء، ويعود الفضل في توسيع اطلاعها إلى تشجيع أسرتها ومعلماتها وصديقاتها وكل من قرأ لها وأثنى على كتاباتها وتنبّأ لها بمستقبل مشرق في مجال الشعر. وتضيف: تطوّرت موهبتي في تأليف الشعر بعد أن حرصت على القراءة المستمرة للشعر الفصيح والاستمتاع به ثم بدأت بعض المحاولات البسيطة لكتابة الشعر في مراحل الدراسة الأولى، وتطورت قدراتي بمساعدة معلماتي في المدرسة اللائي سهلن لي المشاركة في المسابقات المختلفة، حتى حصلت على مراكز أولى في كثير من المسابقات. وكانت آخر مشاركة قبل عدة أشهر في مسابقة إبداعات شبابية التي تقيمها وزارة الشؤون الرياضية حيث حصلت على المركز الأول في الشعر على مستوى ولاية السيب والثالث على مستوى محافظة مسقط. وهو ما شجّعني على اكتساب مهارات وخبرات متراكمة بفضل المشاركات في المسابقات الشعرية والسعي من أجل الحصول على مراكز متقدمة.

وتقول الغافرية إنّ بعض قصائدها تبدأ من صورة أو موقف، وأوضحت أنّ شغفها بالتصوير وتجميد كل لحظاتها الجميلة في صورة، هو شغف مكمل لشغفها بالصور الشعرية، حيث تلجأ إلى توثيق المواقف بأبيات تختزن كل ما بداخلها من مشاعر تجاه موقف ما ضمن الأغراض الشعرية.

وتسعى الغافرية إلى تضمين قصائدها القيم الإنسانية والخبرات والتجارب التي تمر بها في مشوارها الدراسي أو حياتها العامة فضلا عن نشر الأمل والتفاؤل بين أبيات قصائدها. ومن نماذج قصائدها في الطب.. تقول الغافرية:

للطبَّ غيمٌ تراءى في حكايتِهِ

سُقيا بها حلمنا يحيا ويكتملُ

في أرضنا زهرةٌ للطبّ قد غُرِسَتْ

بالجِدّ تُسقى من الخيباتِ تغتَسِلُ

في أرضنا شعلَةُ الإنجازِ نوقِدُها

في وجهِ ذاكَ الضنا بالصبرِ تشتِعِلُ

ولم تنس الغافرية التعاطي مع القضايا الإنسانية في فلسطين وسوريا، حيث كتبت في قصيدة الطير الشريد عن أطفال فلسطين:

طيرٌ شريدٌ
لاحَ في أُفُقي عشاء في الديارْ

ماغرّني لونا جناحهِ ذا الملطّخِ في ازرِقاقٍ
واخْضِرارْ

كلا ولا عيناهُ تلكَ الباهتة.. وَسَطَ الغبارْ

بل صوته المبحوح ذاكَ
أثارَ في وسَطـي هلاوسَ وانكسارْ

صوتٌ يقاومُ زحزحاتِ الدهرِ
ملّ الصبرَ
عانى الفقرَ
نامَ الليلَ متكأ الجدارْ

صوتٌ تداخَلَ في صداهُ
أنينُ مُنْتَظِرٍ وأطفال صِغارْ

هل قلتَ يا قلمي صداه ؟
آآهٍ ..صداه
والهاءُ غائبةٌ بلا خبر اعتقالَ ولا انتحار
بل كي تُيتِمَ صوتهُ
تنفي انتماءاً بالفرارْ

لا لا تقولوا لي صدىً
أنا نسخةٌ أصليةٌ
والصوتُ ذاكَ المستعار

والطيرُ يركُنُ منصتاً
أرخى جناحَهُ .. واستدار

أأطير؟!
كلا .. لا يطيرُ جناحيَ المغموسَ في
وَحْل التَّـــيـَـــتُّـــمِ والحصارْ

صوتي ارتمى
وصداهُ يَتّمهُ
وريشي صامِدٌ
لازالَ في حمّى احتضار

والطفلُ ذاك يمدّ لي
يدهُ تلوّح عالياً
من وسط نافذةِ القطارْ

لا تكترث يا طفلُ لا لا تكترثْ
اذهب وواصل ذا المسارْ

أنا لستُ إلا عابرٍ
وأصابهُ بعضُ الدوارْ

أنا لستُ إلا طائر
والطاء حرفُ الثاءِ أَبْدَلَها مكانا
عندما اكتظتْ أراضٍ بالدمارْ

أنا طائرٌ قد كُنتُ طيراً
غير أني خلت أنّ الطيرَ
يغدوا طائراً بجناحه المزْرَقِّ
إنّ طالَ انتظارْ

أنا ثائرٌ! كلا انتظِرْ
هل لي برشفةِ مُلْهِمٍ
ماعدتُ أذكُر ذا القرارْ

قد كنتُ طيراً! ربما
أجَلٌ أَجلْ
ثم اكتشفت مجازَ ريش ٍ
فيَّ يأكلهُ البوارْ!

قل لي أجِبْ
هيا استجب!
ماقيمةُ الوطنِ الذي
يخفي الهويةَ
في المَحار!

وتَعِيبُ أني ثائرٌ!
ياسيدي هاتِ الظلالاتِ التي
رُمِيَتْ على موجِ البِحارْ

قل لي أجب!

هيا استَجب!

 


وتشير الغافرية إلى أنّ بعض الأماكن تساعدها على توفير الأجواء لكتابة أشعارها، خصوصًا البحر، لكنّها في الوقت نفسه مقتنعة بأنّ الانشغال بفكرة ما قد يدفعها للكتابة فورًا في أي مكان. وتسعى الغافرية إلى الاستفادة من خبرات العديد من الشعراء المعروفين بهدف تطوير قدراتها. وتقول إن مثلها الأعلى في ممارسة هواية التأليف كل شاعر استطاع أن يشكل من حروف شعره رسالة تصدح في قلوب قرّائها. وتختتم الغافرية بتوجيه نصيحة إلى كل من يهوى الشعر بقولها إنّ القراءة هي السبيل الأيسر لكل تطوير، وأضافت: امنح نفسك وقتا للغوص أكثر وأكثر في بحر الشعر العميق، انتقل بخيالاتك من قصيدة إلى أخرى، لأن للقراءة دور كبير في توسيع معجمك اللغوي وتقويته وزيادة صورك الجمالية وتطوير أساليبك البلاغية.

 

تعليق عبر الفيس بوك