"الخمسية التاسعة" تركز على التنمية الاجتماعية والتنويع الاقتصادي

مسقط - العُمانيَّة

يستعرضُ المجلسُ الأعلى للتخطيط، اليوم، بقاعة الاجتماعات بمبنى المجلس، المسودة الأولى لخطة التنمية الخمسية التاسعة (2016-2020)، التي ستركز على التنمية الاجتماعية وإستراتيجية التنويع الاقتصادي في العديد من القطاعات الإنتاجية، والعمل على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة، وللموقع الجغرافي المتميز للسلطنة على حد سواء.

وتنفيذاً للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ستركز الخطة المقبلة على التنمية الاجتماعية، خاصة في جوانبها المتعلقة بمعيشة المواطن؛ وذلك بإتاحة مزيد من فرص العمل وبرامج التدريب والتأهيل، ورفع الكفاءة الإنتاجية والتطوير العلمي والثقافي والمعرفي، والانتقال من مرحلة الإتاحة للخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطنين إلى مرحلة الكفاءة والجودة وإيلاء أهمية كبيرة لتنمية المحافظات؛ بهدف توزيع ثمار التنمية بشكل عادل في كل ربوع السلطنة.

وكانتْ الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط قد أعدَّت وثيقة السياسات الاجتماعية للحكومة، بمشاركة عدد من الخبراء المختصين آخذة في الاعتبار التوازن بين السياسات الاجتماعية والاقتصادية، واشتملت على لقاءات في مختلف محافظات السلطنة، ومن ثمَّ تمَّت مناقشة المخرجات في ندوة السياسات الاجتماعية التي عُقدت نهاية العام 2013، وأقر المجلس العمل بمخرجاتها في إطار الخطة الخمسية التاسعة.

ويأتي الانتهاء من المسودة الأولى للخطة بعد جُهود حثيثة قام بها المجلس الأعلى للتخطيط خلال أكثر من عام وعمل متواصل اشتمل على تحديد الأداء الحالي للاقتصاد الوطني وإقامة العديد من ورش العمل والدراسات المتعلقة بالقطاعات التي تتضمنها الخطة وعقد أكثر من مائة اجتماع مع كافة الأطراف المعنية في الحكومة والقطاع الخاص، وإقامة أكثر من 40 ورشة عمل حول تلك القطاعات مع العديد من الأطراف؛ سواء من الأكاديميين أو من القطاعين العام والخاص، وتمَّ تخصيص ورش عمل لقطاع الشباب الذي يمثل ثلثي سكان السلطنة، إضافة إلى مشاركة مجتمعية موسعة فيما يخص المحافظات.

واستعان المجلس بالخبرات الدولية وشركاء التنمية؛ مثل: البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لرفد المجلس بالأفكار والرؤى التي تساهم في إثراء العمل التخطيطي ورسم السياسات في الخطة التاسعة، وقدم خبراء دوليون خبراتهم في مجالات التنويع الاقتصادي وتجارب العديد من الدول التي نجحت في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد المجلس الأعلى للتخطيط -خلال مراجعاته المستمرة لمراحل إعداد الإطار العام والملامح الرئيسية للخطة الخمسية التاسعة (2016-2020)، والمتضمنة أولويات ومرتكزات الخطة والإطار الاقتصادي الكلي والمالي وآلية توزيع اعتمادات البرنامج الإنمائي المستمرة والجديدة- على ضرورة الحفاظ على معدلات نمو محفزة للاقتصاد وتنمية القطاع الخاص وتعزيز الشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي وإيجاد فرص عمل جديدة في قطاعات الخدمات اللوجستية والسياحة والثروة السمكية والتعدين والصناعات التحويلية.

وتطمحُ السلطنة خلال الخطة الخمسية المقبلة -التي تشكل قاعدة انطلاق إلى الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني "عمان 2040"- للتحول من اقتصاد يعتمد بالدرجة الأولى على مصدر واحد قابل للنضوب وهو النفط إلى اقتصاد يعتمد على التنوع الاقتصادي القائم على العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

واعتمد المجلس اختيار موضوع التنمية المعرفية كموضوع أساسي للتقرير الوطني الثالث عن التنمية الإنسانية في السلطنة؛ نظراً لتأثيرات هذا القطاع على باقي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية لاسيما التشغيل والصحة والبيئة، وكونه ذا ارتباط وثيق بمفهوم اقتصاد المعرفة الذي تبني عليه كثير من دول العالم خططها وتوجهاتها.

وحدَّدت الخطة التاسعة -حسب تصريحات مسؤولين في المجلس الأعلى للتخطيط- إضافة إلى البرامج والسياسات التي تتضمنها مرتكزات قطاعات العمل والتعمين والشباب والطاقة والصحة والتعليم...وغيرها خمسة قطاعات رئيسية مؤهلة بقوة للمساهمة في تنويع مصادر الدخل الوطني ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وهي قطاعات الثروة السمكية والسياحة والخدمات اللوجستية والصناعة والتعدين.

وستمثل تلك القطاعات الخمسة والمشاريع التي تقام حاليا ومستقبلا في إطارها قاعدة تأمل الحكومة؛ من خلال تحقيق أقصى ما يمكن من أهداف الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني "عمان 2020"، وأن تكون ركيزة من ركائز التنمية في الخطة التاسعة والرؤية المستقبلية عمان 2040.

وستشهدُ سنوات الخطة الخمسية التاسعة تشغيل العديد من المشاريع التي تأمل الحكومة أن تشكل منطلقا نحو آفاق التنويع الاقتصادي والنمو للاقتصاد الوطني والرفاهية للمواطن وتستقطب الآلاف من القوى العاملة الوطنية؛ مثل: موانئ الصيد، ومنطقة الصناعات السمكية في الدقم، ومشروع سكة الحديد، ومطار مسقط الدولي، والبنية الأساسية في ميناء الدقم، والمنطقة الاقتصادية، والمشروعات الاستثمارية للشركة العمانية للاستثمار الغذائي، ومشاريع الاستزراع السمكي، ومشاريع شركة عمران للتنمية السياحية، ومشاريع الشركة العمانية للمصافي والبتروكيماويات، والمشاريع الاستثمارية في قطاعات الصناعة والتعدين والزراعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

كما يُمثل القطاع اللوجستي بالسلطنة أهمية كبيرة؛ إذ يُعتبر أحد البدائل المستدامة للنمو الاقتصادي لما تتمتع به السلطنة من مقومات مثالية بحكم موقعها الجغرافي واكتمال البنية الأساسية من طرق ومواني ومطارات واتصالات، وفي هذا المجال أقرَّ المجلس الأعلى للتخطيط الإستراتيجية اللوجستية للسلطنة التي تركز على تطوير الأنظمة والقوانين والإجراءات واتباع سياسة تسويقية مكثفة وإقامة مشاريع معززة للاستغلال الأمثل للبنى الأساسية.

ومن أجل المحافظة على المنجزات والمكتسبات الاجتماعية والاقتصادية والإبقاء على سلامة الوضع المالي للحكومة، وتجنب أية تأثيرات لأزمات دولية، فإنَّ الجهود تتضافر من كل الأطراف خلال المرحلة المقبلة؛ من أجل كبح جماح الارتفاع في الإنفاق الحكومي وتنمية الإيرادات غير النفطية وتحسين هيكل الإيرادات العامة والدفع بعملية التنويع الاقتصادي وتوسيع قاعدة الإنتاج والتقليل من الاعتماد على النفط وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي والتجاري، إضافة إلى تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاع العام والخاص على نحو يفضي إلى إقامة مشروعات اقتصادية مشتركة تحقق قيمة مضافة عالية وتوجد فرص عمل مجزية وتشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، وبما يؤدي إلى تخفيف العبء على الحكومة فيما يتصل بالتوظيف ورفع معدلات النمو الاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك