المراهقة.. مرحلة حرجة في حياة الأبناء تتطلب من الأسرة العناية بالسلوكيات والثقافة

الرؤية- خاص

 

تعد المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان في أطوار نموه المختلفة، ويتمثل مكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، في التغيرات التي تنشأ في مظاهر النمو المختلفة، سواء الفسيولوجية أو النفسية أو الاجتماعية أو الدينية والخلقية، نظرا لما يتعرض الإنسان خلالها إلى صراعات متعددة، داخلية وخارجية.

وتختلف مراحل المراهقة، وفق مدد زمنية محددة، من مجتمع لآخر، ففي بعض المجتمعات تكون قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة، ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي: مرحلة المراهقة الأولى (11-14 عامًا)، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة، ومرحلة المراهقة الوسطي (14-18 عامًا)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية، ومرحلة المراهقة المتأخرة (18-21)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.

ويتضح من هذا التقسيم أنّ مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الفرد. وهناك علامات وخصائص بوجه عام تطرأ على الإنسان في هذه المرحلة، منها ثلاث علامات أو تحولات بيولوجية على المراهق، تشير لبدء هذه المرحلة لديه، وهي النمو الجسدي؛ حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولاً ووزناً، تختلف بين الذكور والإناث. وثانيا النضوج الجنسي. أمّا العنصر الثالث فيتمثل في التغير النفسي؛ حيث إن للتحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة تأثيراً قوياً على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، فالبلوغ عند الفتيات يمكن أن يكون له ردة فعل معقدة، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، وذات الأمر قد يحدث عند الذكور أي: مزيج من المشاعر السلبية والإيجابية. ولكن المهم هنا، أن أكثرية الذكور يكون لديهم علم بالأمر قبل حدوثه، في حين أنّ معظم الإناث يتكلن على أمهاتهن للحصول على المعلومات أو يبحثن عنها في المصادر والمراجع المتوافرة.

وللمراهقة مشاكل ومعضلات على الفرد والمجتمع، فالمراهقة تختلف من فرد إلى آخر، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى أخرى، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المتزمت الذي يفرض كثيراً من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط، وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة.

كذلك فإنّ مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة، والنمو عملية مستمرة ومتصلة.

ونظرا لأن النمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين، فقد دلت التجارب على أن النظم الاجتماعية الحديثة التي يعيش فيها المراهق هي المسؤولة عن حدوث أزمة المراهقة، فمشاكل المراهقة في المجتمعات الغربية أكثر بكثير من نظيرتها في المجتمعات العربية والإسلامية.

وهناك أشكال مختلفة للمراهقة، منها مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات، ومراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته، علاوة على المراهقة العدوانية؛ حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.

والصراع لدى المراهق ينشأ من التغيرات البيولوجية، الجسدية والنفسية التي تطرأ عليه في هذه المرحلة، فجسدياً يشعر بنمو سريع في أعضاء جسمه قد يسبب له قلقاً وإرباكاً، وينتج عنه إحساسه بالخمول والكسل والتراخي، كذلك تؤدي سرعة النمو إلى جعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة، وقد يعتري المراهق حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً، ونفسياً يبدأ بالتحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وبناء المسؤولية الاجتماعية، وهو في الوقت نفسه لا يستطيع أن يبتعد عن الوالدين؛ لأنهما مصدر الأمن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي لديه، وهذا التعارض بين الحاجة إلى الاستقلال والتحرر والحاجة إلى الاعتماد على الوالدين، وعدم فهم الأهل لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق، وهذه التغيرات تجعل المراهق طريد مجتمع الكبار والصغار، إذا تصرّف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال، مما يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق، ويزيد من حدة المرحلة ومشاكلها.

تعليق عبر الفيس بوك