المغالاة في المهور والشروط التعجيزية تضطر الشباب إلى تأجيل إكمال نصف الدين

الرؤية - محمد قنات

أرجع عدد من الشباب ظاهرة تأخر سن الزواج إلى مغالاة الأسر في المهور واشتراط أن تكمل الفتاة دراستها قبل أو بعد الزواج وقلة رواتب الشباب في بداية مشوارهم الوظيفي، فضلاً عن أن انتماء الشاب إلى أسرة فقيرة يُقلل من فرص زواجه مبكرا بسبب عدم القدرة على إجابة مطالب أسرة العروس أو سداد القروض اللازمة لإتمام الزواج. وأشاروا إلى أن الحل في استيعاب الظروف المادية للشباب وتشجيعهم على توجيه مدخراتهم القليلة لمشروع الزواج بدلاً من شراء السيارات وتكرار رحلاتهم الترفيهية إلى الخارج، وأن تسمح القبائل والعائلات بزواج الفتيات من خارج دائرة القبيلة لتجنب ظاهرة العنوسة في ظل قلة الخيارات المتاحة.

وقال عبد الله القاسمي إن أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى تأجيل قرار الزواج عدم رغبتهم في تحمل المسؤولية لأن الزواج في اعتقادهم يحد من حرياتهم ويلزمهم بالبقاء في المنزل لأطول وقت ممكن ويحرمهم من السفر إلى الخارج مع رفاقهم، فضلاً عن إشكالية غلاء المهور التي تعرقل تنفيذ الخطوة في حال رغب الشاب في الزواج قبل أن يتمكن من تجهيز كل احتياجات الزواج المبالغ فيها، في ظل جشع أولياء الأمور وطمعهم وعدم مبالاتهم بأن هناك من الشباب من ينتمون إلى أسر فقيرة لا يمكنها تحمل مصروفات لا داعي لها وليس بإمكانهم سداد قروض كبيرة بهدف الزواج.

زواج في سن مبكرة

وأشار القاسمي إلى أن بعض المجتمعات ترى أن زواج الشباب في سن السادسة عشرة أو أقل من عشرين سنة يعد حالة شاذة ونادرة بل وينتقدون الشاب لمجرد إبداء رغبته في الزواج مبكرًا بدلاً من تشجيعهم ومساعدتهم في مقتبل حياتهم، وهو ما يتحول مع الوقت إلى شعور بصعوبة خطوة الزواج في حد ذاتها. وهو ما يجعل الشاب مهتمًا بالتفاصيل غير الأساسية متجاهلاً توجيه ما يملكه من أموال لتحقيق هدف أساسي أولا، فيكثر أن نجد الشاب يقبل على اقتناء سيارة وتكرار رحلاته إلى الخارج مع رفاقه وغيرها من الأهداف الترفيهية بدلا من التركيز على خطوة الزواج.

وأضاف القاسمي أن بعض الشباب يتابعون ما يحدث في حالات زواج الأقارب من مشكلات متعددة تعطيهم انطباعا سيئاً عن مشروع الزواج ويدفعهم إلى تأجيله قدر الإمكان باعتباره شر لابد منه، لكن على الجانب الآخر هناك من الشباب من يرغبون في الزواج في سن مبكرة لكن ظروفهم المادية لا تسمح، خاصة وأن الزواج في مجتمعنا بات باهظ التكلفة وأيّ شاب يحتاج إلى ما لا يقل عن عشرة آلاف ريال للإقدام على تلك الخطوة، وهو ما لا يمكن أن يحققه شاب يتقاضي 300 ريال على سبيل المقال في مقتبل مشواره المهني، بل إنه سيحتاج إلى 7 سنوات على الأقل لادخار المال المناسب لتلك الخطوة، لذلك يضطر الكثيرون إلى الاقتراض أو التقسيط ليتمكنوا من الزواج فضلاً عن تكلفة إيجار المنزل، فلا يبقى من الراتب ما يكفي للاحتياجات اليومية، فيبرر هؤلاء تأخيرهم خطوة الزواج برغبتهم في عدم إشراك الزوجة في معاناتهم المالية بسبب ضعف الرواتب وارتفاع الأسعار.

وانتقد القاسمي صعوبة الشروط المالية وغيرها التي يضعها أهل العروس مثل اختيار قاعات احتفالات مكلفة واشتراط امتلاك منزل واسع وغيرها من الشروط التي تدفع الشاب للتهرب من تلك الضغوط المالية فضلاً عن اشتراط بعض الأسر أن تواصل الزوجة تعليمها وهو ما يرفضه الزوج أحياناً لرغبته في تفرغ الزوجه له ولأطفالها.

 

تعدد الزوجات

ومن جانبه، أشار عمر العامري إلى أن ارتفاع تكاليف الزواج جعل من فكرة تعدد الزوجات مستحيلة التطبيق، كما أن غلاء المعيشة يجعل الكثير من الأسر ترفض تزويج بناتها لأيّ رجل متزوج بالفعل. ولدى الشاب غير المتزوج والذي يعاني من الضغوط المالية في مقتبل حياته يصبح الأمر أكثر صعوبة حيث إن الراتب لا يكفي للاقتراض أو غيره وهو ما يدفع الشاب اضطرارًا لا اختيارًا إلى تأخير الزواج لحين امتلاك ما يكفي من المال اللازم لإجابة طلبات أهل العروس. وأشار إلى أن رفض بعض الفتيات الزواج في سن مبكرة يزيد من تعقيد الأمر ومع مرور مزيد من الوقت يقل الإقبال على تلك الفتاة نظرًا لكبر سنها نسبيًا. وأشار العامري إلى أن كثيرًا من الأسر ترفض فكرة تزويج بناتها من خارج العائلة وهو ما يزيد من نسبة العوانس في المجتمع وتبقى الاختيارات مقتصرة على شباب القبيلة أو العائلة وإذا لم يتقدم أيّ من شاب القبيلة أو العائلة لخطبة الفتاة تواجه مصيرها بالعنوسة، كما تقل احتمالات زواجها مع تقدمها بالسن سوءًا من داخل أو خارج القبيلة.

 

الاستمرار في الدراسة

وقال محمد الوردي إنّ تأخر الزواج أصبح أمرًا معتادًا في المجتمع، حتى بات الزواج المبكر حدثًا لافتاً في أيّ عائلة، على العكس من عادات المجتمع في الماضي، وذلك بسبب المغالاة في المهور وارتفاع تكاليف المعيشة وإصرار بعض الأسر على استمرار بناتهم في الدراسة حتى بعد الزواج. وأضاف أنه يعتقد في عدم وجود مشكلة في أن يتزوج الشاب فتاة تكبره في السن، لكن ذلك يخالف أعراف المجتمع، أما مسألة تعدد الزوجات حاليًا فلم تعد متاحة كثيرًا بسبب تكاليف الزواج وخشية الشاب من ألا يقيم العدل بين الزوجات في ظل ظروف الحياة اليومية وقلة الرواتب.

 

وأرجع الوردي تعدد حالات العنوسة بين الفتيات إلى تعنت أسرة الفتاة ومغالاتها في الشروط التعجيزية للزواج من ابنتهم، وهو ما يدفع الشباب إلى مقاطعة الزواج في الوقت المناسب نظراً لمغالاة الأسر في المهور فضلا عن وضع الكثير من العراقيل أمام من يريد الزواج، وأشار الوردي إلى أن تراجع فكرة تعدد الزوجات زاد من نسبة العنوسة في المجتمع خصوصاً وأن نسبة الإناث للذكور أكبر في العديد من المجتمعات، وهو ما يجب أن تنتبه له القبائل والعائلات بالسماح بزواج بناتها من خارج دائرة القبيلة أو تسهيل الأمر على من يرغبون في تعدد الزوجات.

 

تعليق عبر الفيس بوك