سقوط "حزم" في سوريا لطمة لاستراتيجية أمريكا لتسليح المعارضة "المعتدلة"

اسطنبول، بيروت- رويترز

جاء وقت كان لحركة حزم فيه دور محوري في عملية سرية أدارتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتسليح المعارضة في سوريا، غير أنّ انهيار هذه الجماعة الأسبوع الماضي يؤكد فشل المساعي الرامية إلى توحيد الدعم العربي والغربي للمعارضة الرئيسية التي تقاتل الجيش السوري.

ويمثل حل حركة حزم لطمة للتحركات الأمريكية لدعم المعارضة كما أنّه يسلط الضوء على المخاطر التي يمكن أن يواجهها برنامج جديد لوزارة الدفاع في تدريب المقاتلين وتزويدهم بالعتاد في الأردن وتركيا وقطر.

ويعتزم مسؤولون أمريكيون تدريب ألوف المقاتلين من المعارضة السورية على مدار ثلاث سنوات. ومن المتوقع أن يبدأ تنفيذ هذا البرنامج خلال الشهر الجاري في الأردن وأن يركز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد وليس على محاربة الرئيس بشار الأسد.

وقد أظهر انهيار حركة حزم مدى صعوبة مثل هذه الجهود في بلد تتقاتل فيه جماعات المعارضة مع بعضها البعض ويسقط فيه السلاح في أيدي جماعات متطرفة.

وأدّى هجوم شنته جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا الأسبوع الماضي إلى حل حركة حزم واستيعاب أعضائها في الجبهة الشامية وهي تحالف لجماعات إسلامية في الأساس. وهذه هي المرة الثانية في غضون أربعة أشهر التي تسحق فيها جبهة النصرة جماعة معارضة يدعمها الغرب.

والآن تقول مصادر إنّ جبهة النصرة تدرس قطع روابطها مع تنظيم القاعدة في محاولة تدعمها قطر وبعض الدول الخليجية لطرح نفسها في ثوب جديد.

ونشر أتباع جبهة النصرة صورًا على موقع تويتر لما قالوا إنّها أسلحة أمريكية من بينها صواريخ مضادة للدبابات تم الاستيلاء عليها في معارك مع كتائب من المعارضة.

ولم تستطع رويترز أن تتحقق من صحة الصور لكن رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إنّه تمّ الاستيلاء على الكثير من الأسلحة بما في ذلك ما بين 60 و90 صاروخا من صواريخ تاو المضادة للدبابات. ولم يرد بعض الأعضاء في حركة حزم على طلبات للتعقيب ولم يتسن الاتصال بآخرين منهم. وكانت الحركة قالت في وقت من الأوقات إنّها الجهة الرئيسية التي تتلقى الدعم في العملية السرية التي تقودها الولايات المتحدة في شمال سوريا. وقال عبد الرحمن إنّ عدد مقاتلي الحركة تراوح بين 1200 و1500 في العام الماضي. وكانت الحركة تأسست في يناير من العام الماضي واندرجت تحت كيان عرف اختصارا باسم (موم) استخدم لتهريب الموارد للمعارضة في محاولة لتنسيق توزيع الأموال.

وكانت الأموال تدفقت على شمال سوريا من دول عربية خليجية من بينها السعودية وقطر وذهب جانب كبير منها إلى المقاتلين الإسلاميين بمن فيهم متشددون. وقال نواه بونزي المحلل المتخصص في شؤون سوريا بمجموعة الأزمات الدولية "لم تكن الولايات المتحدة جادة قط في دعمها لموم وانهار التنسيق بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول المقدمة للدعم". وأضاف قائلا "هزيمة حزم هي أحدث مؤشر على فشل موم في الشمال". وقالت ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنّ حركة حزم تلقت مساعدات أمريكية "غير مميتة". ولم تعترف واشنطن قط بالبرنامج الذي أدارته وكالة المخابرات المركزية. وقالت هارف إنّ "سقوط الحركة سيكون له أثر على قدرات المعارضة المعتدلة في الشمال". وقال عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان إن الحركة انكمشت في الشهر الماضي إلى حوالي 400 مقاتل بعد عمليات قتل وهروب بعض أفرادها والقبض على عدد آخر. وأضاف "ذابوا الآن. مثل السكر في الشاي".

منذ نحو عام ظهرت أسلحة أمريكية مضادة للدبابات في لقطات فيديو على موقع يوتيوب عليها علامة حركة حزم. وقال أعضاء في المعارضة إنّهم كانوا يأملون أن تشكل المجموعة هيكلا جديدًا للمعارضة من غير الجهاديين بعد أن فقدت جماعات مساعدات "غير مميتة" لصالح جماعات إسلاميّة.

واستقبل مسؤولون في حركة حزم زوارا في مكتب بمدينة ريحانلي التركية حيث تحدثوا عن رؤيتهم التعددية لسوريا ووزعوا بطاقات التعريف الشخصية التي تحمل اسم الحركة وتنبأوا بمزيد من الدعم العسكري. وأبدى بعض أعضاء الحركة أسفهم لصور مقاتلي حزم مع الصواريخ المضادة للدبابات وقالوا إنّها ضايقت كتائب أخرى. وامتد البرنامج الذي قادته الولايات المتحدة ليشمل جماعات معارضة أخرى لكن حركة حزم تلقت أغلب المساعدات الأمر الذي أثار مشاعر استياء.

وقال مستشار سوري يعمل مع كتائب معارضة لم يشأ أن يذكرها بالاسم "الكل كان يكره حزم. تخيل أبا لديه ابن مفضل. وكل شيء متاح له... سيبدأ الابن الآخر في الشعور بكراهية الاب والابن المفضل". وأضاف أن "حزم حصلت على كل شيء.. صواريخ تاو ومعسكرات التدريب وكل شيء مثل المستشفيات". وتابع أنه عندما هاجمت جبهة النصرة حركة حزم لم تهب لنجدتها أي جماعات أخرى. وقال عضو آخر بالمعارضة إن حزم تأسست من أجل المساعي التي تمت بقيادة أمريكية للسيطرة على تدفق المساعدات إلى شمال سوريا.

وشكا قادة حركة حزم من البرنامج الأمريكي الذي تضمن أسلحة وبعض المرتبات للمقاتلين وقالوا إنّه لن يحدث فرقا يذكر في الحرب على الجيش السوري والجهاديين.

وفي شهري أكتوبر ونوفمبر استولت جبهة النصرة على إدلب التي كانت من قبل معقلا من معاقل جماعات معارضة أقرب للعلمانية وقضت على كتيبة قوية كانت قد حصلت في السابق على مساعدات أمريكية هي جبهة ثوار سوريا وأرغمت قائدها جمال معروف على الفرار إلى تركيا.

وبذلت جهود لمعرفة مصير الأسلحة التي تم تسليمها في إطار البرنامج. وتقول مصادر معارضة إنّه كان على حركة حزم وجماعات أخرى تصوير استخدام كل صاروخ مضاد للدبابات وإعادة القذائف الفارغة لكن المصادر قالت إن الحال انتهى بأسلحة ثقيلة للسقوط في أيدي جبهة النصرة في العام الماضي.

وردا على ذلك قللت الولايات المتحدة دعمها وتوقفت عن دعوة قادة جماعات المعارضة للقاءات سرية مع ممثلي المخابرات يتم فيها تحديد المخصصات التي سيتم توزيعها. ولأنّ أغلب مناطق إدلب خاضعة لسيطرة جبهة النصرة قالت مصادر في المعارضة إن الولايات المتحدة توقفت عن إرسال أسلحة إلى المنطقة.

وتحالفت حركة حزم هذا العام مع الجبهة الشامية لمحاربة جبهة النصرة لكن هذا التحالف لم ينقذ الحركة. وقال زعيم واحدة من جماعات المعارضة الرئيسية في سوريا متحدثا عبر الانترنت إن "حزم فشلت لأنها لم تستطع اقناع الناس بمشروعها العقائدي. وحصدت النصرة نتائج أخطائها".

 

 

تعليق عبر الفيس بوك