عجبا الأمة تدمر نفسها بيدها !!

حمد بن سالم العلوي

 

إنّ أمة العرب ليست ككل الأمم، يتداعى عليها الأعداء من الخارج علناً، وإنّما هي تفعل كل شيء بيدها نيابة عن أعدائها، وللأعداء فقط انتظار النتائج خالصة لهم، فأمة العُرب تتآمر بنفسها على نفسها، فهي تملكُ المالُ والرجال، والعزم والإصرار، والخبث والدهاء، كل ذلك على الذات وليس على الأعداء، فلا يعُوز هذه الأمة شيء من أحد، سوى إرسال دفعات السلاح مدفوعة الثمن نقداً، وطلبها عليهم أن يبقوا على مصانع السلاح تعمل دون توقف، لأنّ أمة العُرب قد قطعت شوطاً كبيراً في إنجاز المشروع، فها هي المنجزات ماثلة للعيان، فخلال سنوات قليلة جداً، حُطِّمت كل من لبنان والصومال والعراق وليبيا وتونس والجزائر وسوريا واليمن ومصر والسودان، فبعضها أنجز تماماً، وبعضها الآخر تحت الإنجاز، وحتماً القائمة تشمل آخرين في الطريق، وثيران ابن المقفع تُلتهم واحدًا تلو الآخر، وطبعاً الذبح على طريقة الإسلام، بقول (الله أكبر) تقال بملء الفيه، حتى يحلو الذّبح ويتحقق التشهير بالإسلام، ويكتسب المصداقية بالراية الرمز، رقعة سوداء وفي قلبها بقعة بيضاء، يتوسّطها ختم رسول الله، وكلمة التوحيد مع فارق القصد والمعنى.

لقد صدق الغربُ، وكذبنا "نحن" أمة العُرب أننا نحمي الإسلام، فقالوا إنّ الإسلام يدعو إلى القتل والذبح، فقلنا لهم نعم، وها نحنُ نقتلُ ونذبحُ ونكبِّر عند الفعل، ليصبح فعلنا حلالاً سائغًا، ليس مثلكم "أيها الغرب" تقتلون بالصعق ولا تكبرون، وتتأففون عن قطع الأكباد البشرية ومضغها، وإن زعمتم أنكم صلبتم المسيح وقتلتموه، ففعلُنا نحن أشد منكم وأشنع، ها نحنُ نجمع عشرات البشر في الأقفاص، ولا نُصلبهم بل نُحرقهم أحياءً، ونصوّرهم لكم بأرقى التقنيات الحديثة، وهم يحترقون ويتألمون، وننشر ذلك بكل وسائل النشر، ولا نخجل من أحد بهذا الفعل، ولا نخشى الرُّب ففعلنا قربانٌ له للظفر بالحور الحسان بعد القبر.

أيها العُرب لقد أصبحت كتائب القتل في زمن الفوضى الخلاقة، لا تعدُّ ولا تحصى، فأعلاهم داعش وأدناهم القاعدة، حتى إن "عصابات الهاجانا" لبني صهيون لم تفعل مثل فعلتكم، فقدَّمت الشُّكر لكتائب العُرب بقولها لهم "شكراً فقد حملتم الوزر عنّا" حتى إنكم قد حطَّمتمُ السّبق منِّا، وأخذتم الفضل مع إبليس عنّا، ماذا تركتم لنا من صنوف القتل، وهي في الأصل صنعتُنا، والأرض من سيُطهرها من جيف القتلى لأربعين عاما قادمة، حتى الحرق لن يكف لوأد ما تبقى، فما زال عليكم قتل عشرات الملايين ممن يسيرون على أرض العرب، فكثرتهم حقاً تغيظنا وتغضبنا - نحن بني صهيون - فهلا أسرعتم الذبح والحرق؟! وأنجزتم المهمة قبل أن يستفيق العرب على جنون العُرب، فربما بصحوتهم سوف يشقى من تبقى.

يا أُمة العُرب كم أجرمتم في حق أمتكم، وبالخبث والمكر تآمرتم عليها، أحقاً كثرة المال وقلة الصَّنعة .. هي من أعمى بصيرتكم، أم هي نزغة الشّبع بعد الجوع المرير قد أوحشت فيكم هذا الطبع، وأذهبت منكم العقل من الرأس والكرياس والحكمة، أم صيّركم الله جندًا على أنفسكم، وبأيديكم ينتقم الله بها من بطرتكم، ألا علمتم أنّ مكركم لا يضارع مكر الله إذ يمكر بكم، أم عينُ محبِّ إصابة بالحسد مقلتكم ومقتلكم؟! ألا تفيقون قبل خراب الأرض قاطبة، فتلك هي الشام تحترق، واليمن تتمزّق وتفترق، ومصر تحترب بينها، والعدو يكمنُ متربصاً في خاصرتها، وليبيا فات أوانها، وأصبحت مضرب الأمثالُ بالفتن، والسودان دولتان، والقادم للسودان مُظلم، أمّا العراق فعسِر المخاضُ عليه، والمواليد المنتظرة بالطبع خدَّج، فلم يسلم منكم أحد سوى إسرائيل وادعة في الأرض المباركة بلا خوف أو وجل، فهي الفائز الأكبر من حفلة المأتم والقتلُ.

عذراً تبقّى لي سؤال واحد لكم : هل مازالت نظرتكم لإيران أنّها العدو الوجودي الأوحد؟ وأنّ دولة بني صهيون هي لكم أرحم وأقرب؟! فإن كان جوابكم "بنعم" فتلك والله كارثة العمر، فغير الشؤوم فيكم لا أبصر أملاً، فليس إذن في الأرض من سيُصلح شأنكم، فأتركوا عُمان بالله عليكم تنزوي جانباً عنكم، حتى تنتهي حفلة الجنون العاصفة وتمضي، كما أسماها ثعلب السياسة الروسية (لافروف) ونحن - ولا ريب - لا نخون ولن نغدر، فهذا ديدننا منذ نشأة عُمان في عمق التأريخ إلى يومنا هذا، ولكننا نحبُّ المشاركة في فعل الخير متى أمكن، وعندما تزول سحب النِّحس من سماء العرب، ستجدوننا أول الداعمين والمهنئين والمباركين لأوبتكم، والمساندين لوحدتكم، وإن شراع المحبة والحكمة والتّعقل مرفوع عالياً بلا نزول إلى الأبد، ونبذ الفرقة والفتنة من طبائعنا دوماً واجب بلا عجب، وإننا نعلمُ يقيناً أنّ الله يُحاسب العبد منفرداً دون الجمع، وقاعدته في الحساب مثقال الذرة أو أقل، وآخر الأمر ليس بيدنا إلاّ الدعاء والصمت منتظرين من الله الفرج، اللَّهم أهدنا فيمن هديت، وعافينا فيمن عافيت، إنك رحيم كريم تحب العفو، اللَّهم آمين.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك