أصْبَح الارتقاءُ بمُستوى الطلاب في التَّحصيل الدِّراسي عُموما -وفي القراءة والكتابة بشكل خاص- هاجسًا يُؤرِّق التربويين، ويقضُّ مضاجعَ المختصِّين بسبب ما يُلاحظ من تراجع في المستويات التحصيليَّة للطلاب، خاصة في المراحل الدراسيَّة المبكرة.
وهذه الظاهرة ليستْ مُقتصرة على السلطنة دون غيرها، بل تكاد تكون عالميَّة. وفيما يُحاول بعضُ المختصِّين إرجاع السَّبب إلى كثرة الملهيات في عصرنا الحاضر، وغلبة وسائل التسلية التقنية واستحواذها على اهتمامات الناشئة؛ حيث إنه وفي ظلِّ هذا الواقع تواجه الكتابة تحديًا كبيرًا ليس في اللغة العربيَّة فحسب، بل في جميع اللغات؛ بسبب تأثير التقنيات الحديثة على الطلاب، وتعويدهم على استسهال العبارات القصيرة، واللجوء إلى هذه التقنيات للحصول على المعلومة؛ عِوَضًا عن استخراجها من الكتب ومن مصادرها الأصليَّة بالتعمُّق في القراءة.
وتُحاول ندوة اللغة العربيَّة الثالثة "الكتابة تعليمًا وتعلُّماً" -التي تختتم أعمالها اليوم بمسقط- تشخيصَ واقع تعليم اللغة العربيَّة عبر مهارتيْ القراءة والكتابة، واقتراح الحلول التي تكفل ازدهار لغة الضَّاد وتسيُّدها المشهد التعليمي.
وتُتيح المشاركة الواسعة للمعنيين باللغة العربيَّة من داخل السلطنة وخارجها، فرصَ النجاح للندوة في التوصل إلى توصيات عمليَّة تحقِّق هذا الهدف.
ولا شكَّ أنَّ تدشين إستراتيجيَّة القراءة في المجتمع العُماني -بمستهلِّ أعمال الندوة- سيُساهم في التوعية المجتمعيَّة بأهميَّتها لما تتضمَّنه من رؤية تهدف إلى تمكين الطلاب في مرحلة التعليم الأساسي من القراءة والكتابة، وتنمية مُيولهم القرائيَّة، وتشجيعهم على القراءة الحرَّة المستمرَّة، وتوظيف التقنيات الحديثة في تنمية مهارات القراءة، إضافة إلى تطوير مهارات المعلِّم في تعليم القراءة والكتابة، وتفعيل دَوْر أولياء الأمور في تشجيع أطفالهم على القراءة، وتعزيز دَوْر المدرسة في نشر ثقافة القراءة، وتفعيل دور المجتمع في دعم برامج القراءة.
وهذه الأهداف الطموحة إذا تمَّ تفعيلها، سيكُوْن لها مردُوْدها الإيجابي الكبير على المهارات الكتابيَّة والقرائيَّة لأبنائنا الطلاب، والارتقاء بمستوياتهم التحصيليَّة.