معرض الكتاب وعرس الثقافة

حمود الطوقي

ما يثلج الصدر أنّ معرض مسقط الدولي للكتاب يشهد تطورًا عامًا بعد عام، وتنافسًا لتعزيز المكتبة العمانيّة بإصدارات عمانية، وينتظر المثقف والكاتب العماني هذا المعرض بفارغ الصبر؛ حتى يحتفي بالتوقيع على إصداره الذي حتمًا سيضيف عنوانًا جديدًا لرفوف المكتبة العمانية والعربية..

بالأمس القريب زرت المعرض وكانت الفرصة سانحة للوقوف على التطوّر الذي يحققه المعرض عامًا بعد عام، ففي هذا العام يحتفي المعرض بنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية كضيف شرف؛ وهذه فكرة ممتازة نأمل أن تستمر لتعم المدن العُمانيّة الرئيسيّة، وتتطور للمستوى الدولي، حتى نجد المعرض يستضيف عواصم عربية وعالمية كضيف شرف. واعتقد أنّ كل الأدوات والإمكانيات متاحة لكي نحقق هذه الأمنيات؛ لأن عمان تزخر بالمقومات الحضارية والإرث الثقافي، وتزخر أيضا بقامات أدبية وأسماء ستظل حاضرة في التاريخ الحديث؛ لهذا فإنّ معرض مسقط للكتاب ليس مجرد حدث ينتظره الجمهور سنويًا بل هو عرس ثقافي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ففي كل دورة يفاجئنا المعرض بالاحتفاء بالأدباء والشعراء والكتاب بمختلف مشاربهم، فضلا عن تلك الجلسات الحوارية والمناقشات الأدبيّة التي تقام يوميًا طوال فترة المعرض، حيث تتم مناقشة المستجدات التي تواجه الحقل الأدبي والتحديات التي تواجه القراءة في زمن تطور التكنولوجيا.

بالأمس شاركت صديقي الزميل والكاتب الصحفي خلفان الزيدي الاحتفاء بالتوقيع على روايته الجديدة التي حملت عنوان "شارع الستين" وهي من إصدار دار الغشام للنشر والترجمة، وهذه الدار الذي يديرها الصديق والزميل محمد الرحبي أخذت على عاتقها تشجيع الإبداعات العمانية، وتحتفي سنويًا بعدد من الإصدارات العمانية وتساهم في تشجيع المبدعين والكتاب من أصحاب الأقلام المجيدة.. الرواية كُتبت فصولها في الأراضي المحتلة، وتزخر بعدد من المشاهد والتحركات اليومية الغنية بكل التفاصيل؛ حيث قضى الكاتب عشرة أيام متنقلا بين المدن الفلسطينية ليسجّل قلمه معاناة الشعب ويبرز قصص الصمود والتلاحم في المدن التي تجوّل فيها الكاتب من رام الله إلى أريحا إلى بيت لحم إلى نابلس ومدينة الخليل والقدس الشريف..

شارع الستين تجربة جديدة للحديث عن متلازمة المكان والزمان بكل تجلياته، واعتبر نفسي محظوظا أنني كنت مع الكاتب في هذه الرحلة التاريخية؛ لأكون شاهدًا على كل حرف سطّره الكاتب في روايته.

وتبقى هناك ملاحظات ولو أنّها بسيطة إلا أن نبل المقصد ونُشدان الكمال يحتم علينا أن نذكرها حتى نقدم الأفضل والأفضل في الدورات القادمة، وتتمثل هذه الملاحظات التي أنقلها كطلب من الجمهور؛ في مراعاة أسعار الكتب، فالملاحظ أنّ هناك ارتفاعًا في الأسعار، وكون المعرض يهدف إلى تشجيع القراءة فمن باب أولى مراعاة هذا الجانب.

سيظل معرض مسقط للكتاب علامة فارقة في المنظومة الثقافيّة العمانية، فكل الشكر للجهود المخلصة في إظهار هذا العرس الثقافي بهذا المستوى المشرف، ونتمنى في الدورات القادمة أن نرى دعمًا حقيقيًا للناشرين العمانيين، فدورهم مهم في إثراء المكتبة العمانية وتشجيع الكاتب العماني نحو مزيد من العطاء.

تعليق عبر الفيس بوك