"الصفاء للأغذية" من الربح للخسارة

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

لم تكن شركة الصفاء للأغذية هي الوحيدة التي سجلت خسائر في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، ولكن هناك عدة شركات وطنية أخرى من ضمنها شركة الأسماك العمانية وغيرها سجلت خسائر متتالية خلال السنوات الماضية بالرغم من أن مثل هذه الشركات هدفها تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير فرص العمل للمواطنين وتحقيق سياسة التنويع الاقتصادي نتيجة للدعم والحوافز التي تحصل عليها من المؤسسات الحكومية المعنية،يهمنا هنا التركيز على أسباب خسائر شركة الصفاء للأغذية، فهي إحدى الشركات الوطنية التي تم تأسيسها في 30 ديسمبر عام 2001، وأدرجت أسهمها في بورصة مسقط في 14 فبراير 2002؛ حيث تعمل الشركة في قطاع إنتاج جميع أنواع اللحوم، إضافة الى منتجات الدواجن المختلفة واللحوم الحمراء، وكذلك المنتجات السمكية ومستلزمات الإنتاج المختلفة والاستيراد والتصدير.

البيان الصادر عن الشركة يشير إلى أن مجلس إدارته اعتمد الحسابات المالية للشركة عن الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، بحيث بلغت مبيعاتها حوالي 28.5 مليون ريال عماني مقارنة بمبلغ 23.6 مليون ريال عماني خلال نفس الفترة من العام الماضي، إلا أنها سجلت خسائر بمبلغ 1.18 مليون ريال مقابل أرباح حققتها بمبلغ 1.64 مليون ريال عماني خلال نفس الفترة من العام الماضي 2020. وتبرّر الشركة في بيانها بأن هذه الخسائر نتجت لعدة أسباب، منها ارتفاع أسعار مدخلات الأعلاف بنسبة 50%، والتدفق العالي للمنتجات المستوردة ذات الأسعار المنخفضة، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء، أي أن ارتفاع أسعار خدمات الكهرباء لم يؤثر فقط على المواطنين خلال الأشهر الماضية؛ بل تعدى إلى خسائر للشركات الوطنية العاملة في الدولة، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على جذب الاستثمار المحلي والأجنبي إلى البلاد في مختلف المشاريع، وخاصة تلك التي تعمل في مجال تحقيق الأمن الغذائي في البلاد. إضافة إلى ذلك تؤكد الشركة أن تذبذب وعدم انتظام التيار الكهربائي من الشبكة الرئيسية تسبب في تشغيل بعض مرافق المشروع بواسطة مولدات الديزل، الأمر الذي ساهم بدوره في ارتفاع التكلفة أيضًا.

الشركة- وفق بيانها- تؤكد على أن الدواجن المستوردة تُغرق السوق المحلي نظرًا للقيود التي تفرضها الأسواق المجاورة بالمقارنة بسهولة دخولها إلى أسواقنا المحلية؛ حيث يقف هذا الوضع عائقاً أمام الزيادة في حجم المبيعات والحفاظ على استقرار الأسعار. وأرى أن هذا المبرر غير كافٍ؛ لأن العولمة لم تترك المجال للدول في السيطرة على عمليات الاستيراد والتصدير من العالم، بل فتحت مجالات أوسع في التجارة الخارجية للدول، خاصة من الدول التي ترتبط باتفاقيات اقتصادية فيما بينها كدول مجلس التعاون الخليجي التي تسمح بمرور المنتجات الخليجية بدول المجلس من غير رسوم أو ضرائب جمركية.

شركة الصفاء للأغذية كانت من الشركات التي واجهت هذه الأسباب منذ بداية عملها على حد فهمي، واستطاعت مواجهة تلك الظروف. ومنذ عملها، حققت الشركة الريادة في التنافس بين منتجات وعلامات إنتاج الدواجن والمنتجات الغذائية الأخرى في دول المنطقة، بجانب نجاحها في اكتساب السمعة الطيبة على الصعيدين المحلي والدولي، واكتساب ثقة المستهلك نتيجة لجودة منتجاتها وعملها في وضع معايير تصنيع صارمةٍ وفقاً للمواصفات الدولية المعترف بها دوليا.

وربما السياسات هي التي تغيرّت لدى الشركة التي أدت إلى تحقيق الخسائر مؤخراً؛ فالشركة منذ عام 2010 وزعت أرباحا نقدية على المساهمين بنسبة 10%، وفي السنوات التي تلت ذلك، ارتفعت نسبة الأرباح بجانب توزيع أسهم مجانية على المساهين وبواقع 15% ثم 18% ثم 20%، إلا أن هذا العام يعتبر عاماً كئيباً للشركة بسبب الخسائر، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة النظر في هذه الأسباب ومعالجتها لتبقى من الشركات الوطنية الرائدة في السلطنة بل في المنطقة أيضًا.

ورغم مرور عدة سنوات على تأسيسها، لم تستطع الشركة الوصول بنسبة التعمين لديها إلى 50%؛ حيث إن عدد العاملين لديها من المواطنين بلغ 324 مواطناً بنسبة 46% فيما بلغ عدد الوافدين في الشركة 641 وافدا بنسبة 54% منهم 0.28% من العرب فقط، وفق بيانات بورصة مسقط. إذًا المجال مفتوح أمام تشغيل مزيد من العمانيين في هذه الشركة وغيرها من الشركات الأخرى في وجود مئات بل آلاف من الخريجين من مختلف المراحل الدراسية والأكاديمية. فما زالت بعض وظائف الإدارة العليا محتلة من قبل الوافدين، بالرغم من أن توجيهات الجهات العليا واضحة بضرورة تشغيل العمانيين في هذه الوظائف؛ فأصحاب العلم والخبرات متوفرين في سوق العمل من مختلف التخصصات التي تحتاج إليها الشركة، فهي ليست شركة تعمل في مجالات علمية وفضائية أو الطاقة المتجددة والعلوم المعقدة التي تحتاج إلى خبرات عالمية؛ بل تعمل في مجال إنتاج اللحوم والغذاء.

وعليه، فإن الكل يأمل أن تتمكن الشركة من تصحيح أوضاعها الفنية والمالية، وترجع إلى سابق عهدها في الإنتاج والترويج والتسويق، وتحقق بذلك مزيدا من الأرباح خلال الفترة المقبلة.

الأكثر قراءة