ماذا عسى أن يحمل لنا 2026؟!

 

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

السنوات تتعاقب وقطار العمر يمُر بنا بسرعة دون أن تتحقق لنا ما ننتظره من الطموحات الواعدة والأماني الوردية التي تتحطم على الصخور الصماء، ليس لكونها تبدو صعبة المنال؛ بل ربما لم ولن تتحقق يومًا ما؛ لأنها غير منطقية في نظر البعض أو أننا لم نبذل الجهد الكافي لبلوغ الغايات المستحيلة، وكما قال الشاعر العربي حوط الأسدي "لا تحسبن المجد تمرًا أنت آكله // لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا".

هذه الحياة التي وجد فيها الانسان للعمل والاجتهاد والتدبر في أمور هذا الكون؛ وعلى الرغم من ذلك ننتظر في نهاية كل حول للوقوف على أهم محطاتنا في هذه الدنيا التي تحمل في طياتها الكثير من الذكريات التي معظمها مريرة والقليل منها يمكن نصفها بالسعيدة؛ فنحن في معارك لا تنتهي، وتارة يغلب علينا التكاسل والإهمال وغض الطرف عن العمل الجاد؛ ولكنها أيضا أي الدنيا تعطي من تجرأ وواجه وغامر وثابر للوصول إلى الأهداف التي تم رسمها بدقة وتفانٍ ومثابرة.

ومن أهم الاستنتاجات التي لا تغيب عن المميزين والمتفوقين من حولنا ثمار العلم والتأمل والنظرة الإيجابية لأمور الحياة ومحاولة التغلب على الإخفاقات واقتناص الفرص التي لا تتكرر، ولكنها في نفس الوقت تتجلى بوضوح للفاشلين لندب حظهم العاثر المُكبَّل بالهموم، وذلك لكونهم يعيشون على هامش هذه الدنيا وآخر ما يفكر فيه هؤلاء الناس التي ترى التعاسة على وجوهم دائما؛ هو غياب التخطيط الجيد للمستقبل، ولكي ننجح ونتفوق على الإخفاقات التي كانت رفيقًا لنا خلال السنوات الماضية، يجب أن نتعلم من المِحَن التي في الواقع خير من مرشد للحكماء من الناس؛ لكونها في الواقع من يرسم لنا حقائق هذا الزمن.

من هنا.. فقد حان الوقت لنخطط بشكل صحيح للعام الجديد ومن أول يوم؛ فوضع خارطة طريق لنحو 365 يومًا أصبحت من الضروريات التي لا مفر منها لكي نلحق بركب المجيدين؛ فذلك فأفضل طريقة لتحقيق ما نتمناه في قادم الأيام. وعلينا نبدأ بتسطير ما نريد تحقيقه في مدونة خاصة تكون حاضرة أمام عيوننا؛ إذ يبرُز هنا من نصاحب من الناس؛ فهُم مصدر السعادة إذا أحسنَّا اختيارهم، بينما قد نجد اشخاصًا آخرين على الطرف الآخر كانوا سببًا في تعاستنا، وحان وقت التخلص منهم. فالصديق الصدوق هو أفضل كنز يمكن الاستفادة منه؛ كما إن الاهتمام بالصحة وممارسة الرياضة البدنية بشكل يومي يعد واحدًا من أسباب التفكير السليم والصحة النفسية، والأهم من ذلك كله الإيمان بالله والاستقامة وأداء العبادات والجود بالصدقات، فأنت راحل عن الدنيا وتحتاج إلى زاد للآخرة؛ كذلك يبرز التخطيط الجيد للموارد المالية التي تمتلكها وآليه صرفها بشكل منهجي وكذلك إمكانية إيجاد مصادر متعددة للدخل الشهري.  

وهكذا نستغرب في بعض الأحيان ونلوم التحديات التي تواجهنا يوميًا وتمنعنا من تحقيق المستقبل المشرق ومشروع العمر الذي يُعد جواز سفر لسعادتنا في الدنيا والآخرة؛ لكون ذلك مرتبطًا بالشركاء الذين يوجِّهون ويصنعون بوصلة إنجازاتنا نحو المستقبل، ولكن قد يتسببون أيضًا في بعض الأحيان في تعاستنا وعدم نجاحنا، وذلك بسبب الخوف والقلق من المستقبل وعدم وجود تفكير إيجابي ومنطقي خارج الصندوق لكي نحلق بأفكارنا إلى الأفق البعيد الذي يضمن لنا تحقيق ما نصبوا إليه في هذا العالم الذي تتسع فيه الإنجازات وتسمو فيه الإرادة القوية التي تعتمد على المنهجية الصحيحة والقرارات السليمة.

صحيحٌ ليس بالضرورة هنا أن نقلِّد الآخرين، فكل إنسان يجب أن يعيش حياته الخاصة التي ليست بالضرورة تشبه وتتقاطع مع الآخرين من الأصدقاء والزملاء؛ فالاختلاف بين الناس وارد ومُستحسَن، فلكل فرد له خصوصيته وذوقه وأحلامه مثل بصمات الأصابع فالاختلاف رحمة وميزة تجعل من هذا التنوع سر النجاح.

وفي الختام.. عطفًا على السطور السابقة التي تُبرِز لنا جلد الذات والصبر لنيل المطالب، وعلى الرغم من ذلك، يجب التأكيد أنَّ أجمل ما في هذه الحياة هو أن نعيش ونحيا بالأمل الذي يعني لنا الكثير. لذا يجب أن نصُم آذاننا عن الماضي بأحزانه، والحاضر بكل ما يحمله من سكون وقلق وتوتر من الواقع؛ الأمر الذي صاحبنا طوال ما مضى من العمر، وأن ننطلق نحو الأفق الجميل، ونترك خلفنا الزوايا المُظلمة إلى الأبد، ونستقبل العام الجديد بنظرة مُفعمة بالأمل؛ وتحقيق الغايات التي رسمناها قبيل أن يُلملِم هذا العام 2025 أوراقه المتعددة الألوان، فذلك ليس بمستحيل، فربما أجمل يوم لم يأتِ بعد؛ بل ينتظرنا لنحتفل بنجاحاتنا في يوم دافئ ومُشرق من أيام 2026؛ فأهلًا وسهلًا بالعام الميلادي الجديد 2026.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

الأكثر قراءة

z