مسقط- الرؤية
اختتمت الجلسة الأخيرة من الموسم الثاني عشر للمقهى العلمي، التي أُقيمت تحت عنوان: «العالَم المختفي خلف السكون: الموارد الوراثية في الصحاري العُمانية»، وذلك تحت رعاية سعادة الدكتور سيف بن عبدالله الهدابي، وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار للبحث العلمي والابتكار، وبحضور سعادة السيد ماجد بن سيف البوسعيدي، والي بدية، بتنظيم من مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية «موارد» التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وذلك برمال الشرقية في ولاية بدية.
وشكّلت الجلسة منصة علمية وثقافية للكشف عن الكنوز الوراثية الكامنة في البيئات الصحراوية، التي تبدو ساكنة في ظاهرها، غير أنها تزخر بتنوّع حيوي وقدرات تكيفية فريدة أسهمت في بقاء الكائنات الحية واستدامتها في ظل ظروف مناخية شديدة القسوة.
واستعرضت الدكتورة ثريا بنت عبدالله الجابرية، أخصائية أولى نباتات بحديقة النباتات العُمانية، واقع التنوع النباتي في سلطنة عُمان، موضحة أن عدد الأنواع النباتية الموثقة في مختلف البيئات العُمانية يُقدّر بنحو 1400 إلى 1450 نوعًا من النباتات الوعائية، من بينها ما يقارب 150 نوعًا تنتشر في البيئات الصحراوية، ولا سيما في مناطق رمال الشرقية، وتمتلك خصائص فريدة تمكّنها من التكيّف مع شح المياه وارتفاع درجات الحرارة والملوحة.
من جانبه، أكد علي بن ناصر الراسبي، مسؤول الصون والتوعية في جمعية البيئة العُمانية، أن النباتات الصحراوية، رغم قدرتها العالية على التحمّل، تُعد من أكثر الموارد الطبيعية هشاشة، نظرًا لبطء نموها وتجددها، وتأثرها بالرعي الجائر والأنشطة البشرية، مشددًا على أهمية حمايتها وصون مواردها الوراثية بوصفها ثروة وطنية تتطلب إدارة مستدامة.
وناقشت الجلسة عددًا من المحاور المرتبطة بإمكانيات الاستفادة المستدامة من النباتات الصحراوية في المجالات الطبية والدوائية والزراعية والغذائية، إلى جانب دورها في مكافحة التصحر، والحفاظ على التوازن البيئي، وتعزيز السياحة البيئية في البيئات الصحراوية.
وفي بُعدٍ ثقافي، أضاء الشاعر سعيد بن محمد الحجري على حضور الصحراء في الوجدان الإنساني والشعر، مؤكدًا أنها ليست مجرد فضاء طبيعي، بل رمز للهوية والصبر والحرية، ومصدر إلهام متجدد يستمد منه الشاعر صوره ومعانيه، بوصفها جزءًا أصيلًا من الثقافة والذاكرة الجمعية.
أدار الجلسة الإعلامي خالد بن صالح الزدجالي، الذي أسهم في إثراء الحوار وفتح باب النقاش أمام الحضور، مما أتاح تبادل الرؤى حول أهمية الموارد الوراثية الصحراوية، وضرورة تكامل الجهود المؤسسية والمجتمعية للحفاظ عليها واستثمارها على نحو مستدام.
وفي ختام الموسم الثاني عشر من «المقهى العلمي»، أوضح الدكتور محمد بن ناصر اليحيائي، مدير مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية، أن جلسات هذا الموسم اتسمت بالتميّز والتنوّع، إذ عُقدت في مواقع مختلفة بما يتناسب مع موضوع كل جلسة، بدءًا من مطار مسقط الدولي ودار الأوبرا السلطانية – مسقط، وصولًا إلى ولايات صور وقريات وبدية، حيث أُقيمت الجلسات في بيئات مفتوحة جسّدت جماليات البيئة العُمانية، من الصحاري الذهبية والجبال الشاهقة إلى السواحل البحرية الخلابة.
وأضاف أن جلسات الموسم تميّزت بدمجها بين العلم والإبداع بمفهومه الشامل، مع التركيز على أثر الموارد الوراثية والكائنات الحية في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك التصميم، والإلهام الأدبي، والبحث العلمي، والاستثمار المستدام، بما يبرز تكامل العلم مع المجالات الأخرى.
وأشار الدكتور اليحيائي إلى أن المقهى العلمي شهد خلال هذا الموسم حضورًا لافتًا لشرائح متنوعة من المجتمع، ضمّت المهتمين بالعلم والبيئة، والمختصين، وأصحاب السعادة الولاة، وأعضاء مجلس الشورى والمجالس البلدية، إلى جانب شيوخ المناطق والأعيان، وطلبة وطالبات المدارس والجامعات.
وأكد أن «المقهى العلمي» يواصل دوره في تعزيز الوعي المجتمعي بالموارد الوراثية وإبراز أهميتها في تحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الموسم القادم سيطرح موضوعات جديدة ومبتكرة في هذا المجال، مع التوسع في استقطاب شرائح مجتمعية أوسع وتعزيز الحضور عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإخبارية، بما يسهم في توسيع نطاق الوصول ونشر المعرفة في سلطنة عُمان.
