عواصم - الوكالات
شهدت اليمن خلال الأيام الأخيرة تصعيدا غير مسبوق بين الحكومة اليمنية الشرعية المدعومة من السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، في أزمة تهدد وحدة الدولة واستقرار المنطقة.
وقد طالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القوات الإماراتية بالخروج من اليمن خلال 24 ساعة، وأعلن إلغاء اتفاقيات التعاون العسكري والأمني مع أبوظبي، موجها انتقادات حادة للإمارات على خلفية دعمها العسكري للمجلس الانتقالي.
وأكد العليمي في خطاب متلفز أن القرارات الحكومية تهدف إلى حماية المدنيين والحفاظ على المركز القانوني للدولة، معتبرا أي تدخل خارجي في الشأن اليمني خرقا للسيادة الوطنية.
من جانبها أعلنت الحكومة اليمنية حالة الطوارئ في مواجهة التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي، وأكدت التمسك بالشرعية والدستور.
وأشارت مصادر رسمية إلى أن الأحداث أدت إلى توتر داخلي داخل مجلس القيادة الرئاسي نفسه، مع انسحاب بعض أعضائه من عدن إلى الرياض مؤقتا، ما يثير تساؤلات حول قدرة المجلس على البقاء كهيكل سياسي موحّد في ظل التفكك العسكري المتصاعد.
وأكدت الحكومة على أن أي دعم خارجي للمجلس الانتقالي يشكل خرقا مباشرا للسيادة الوطنية ويهدد الاستقرار الإقليمي، مطالبة المجتمع الدولي والدول الشقيقة بالضغط على الأطراف الخارجية لوقف التدخل في الشؤون الداخلية لليمن.
في المقابل، واصل المجلس الانتقالي الجنوبي هجومه العسكري في حضرموت والمهرة، مكملاً عملياته من الجنوب الغربي مرورًا بكل المناطق الجنوبية وصولًا إلى الحدود الشرقية، في خطوة تعكس تحول الانتقالي من حليف سابق للحكومة إلى قوة منفصلة تسعى لفرض نفوذها العسكري والسياسي.
ورفض المجلس دعوات سعودية للانسحاب من المناطق الشرقية، مؤكدا استمرار وجوده العسكري والسياسي، ومشيرًا إلى أن سيطرته على الموارد والمناطق الجنوبية تمثل ركيزة لمشروعه الانفصالي، الذي يهدف إلى تأسيس "دولة الجنوب العربي" مستقلة عن الحكومة المركزية.
واتهم الانتقالي السعودية بشن ضربات جوية على قواته في حضرموت، ما يعكس تصاعد التوتر في التحالف الخليجي، في وقت تواصل الإمارات دعم الانفصاليين بأسلحة ومعدات.
وتعتبر حضرموت أكبر محافظات اليمن مساحة والأكثر استراتيجية، لوجود النفط والموانئ فيها، وشهدت تحركات واسعة لقوات الانتقالي مقابل رفض حكومي وسعودي واضح لوجودها العسكري. وحذرت الرياض مرارا من أي توسيع للسيطرة العسكرية في المحافظة للحفاظ على الاستقرار ومنع تحويلها إلى ساحة صراع مفتوح.
أما المهرة، فقد شهدت توسعًا في النفوذ العسكري للمجلس الانتقالي، ما أثار قلقًا سعوديا بشأن تهديدات الأمن في شرق اليمن واستهداف طرق التجارة والممرات الحدودية الحيوية.
وانتقدت السعودية التحركات الأحادية للمجلس الانتقالي وحذرت من أن تهديدات الأمن السعودي خط أحمر، مشددة على ضرورة انسحاب الانفصاليين وتسليم المعسكرات للقوات الوطنية لمنع تصعيد أكبر.
ونفذ التحالف العربي بقيادة السعودية ضربة جوية محدودة على ميناء المكلا، استهدفت شحنات أسلحة وعربات قتالية وصلت من الإمارات لدعم المجلس الانتقالي، مؤكداً أن الهجوم لم يسفر عن أي خسائر بشرية، وأنه يهدف لمنع وصول أي دعم عسكري لأي طرف يمني دون تنسيق مع الحكومة الشرعية.
واصلت الإمارات دعم المجلس الانتقالي بأسلحة ومعدات، وهو ما يمثل أحد جذور الخلاف مع السعودية في الملف اليمني، خصوصا بعد وصول شحنات دعم الانفصاليين إلى ميناء المكلا دون تنسيق مع التحالف. وترى أبوظبي أن دعم الانتقالي وسيلة لإعادة تشكيل المشهد الجنوبي اليمني، وتعزيز مطالب الإدارة المستقلة للجنوب بعيدًا عن الحكومة المركزية.
وتشهد العلاقات بين السعودية والإمارات توترا غير مسبوق، إذ اتهمت الرياض أبوظبي بالضغط على المجلس الانتقالي وتشجيعه على التحركات العسكرية، في وقت تحاول فيه الحكومة اليمنية استعادة السيطرة على الجنوب والشرق بدعم سعودي ودولي.
ويعد التصعيد الأخير في حضرموت والمهرة مؤشرًا على مرحلة جديدة من الانقسام الداخلي والصراع الإقليمي في اليمن، مع مخاطر متزايدة على وحدة الدولة واستقرار المنطقة.
وتواجه الحكومة اليمنية تحديا كبيرا في استعادة السيطرة على الجنوب والشرق، بينما يواصل المجلس الانتقالي مشروعه الانفصالي مستفيدا من الدعم الإماراتي، وتحاول السعودية ضبط الموقف العسكري والسياسي، في حين تشكل الإمارات أحد أبرز مصادر التوتر الخليجي في اليمن، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد.
