د. أحمد بن سالم باتميرا
في ابريل من عام 2022، رحبت سلطنة عُمان بإعلان إنشاء مجلس قيادة رئاسي في اليمن يحقق التسوية السياسية الشاملة ويحافظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله بمشاركة جميع الأطراف اليمنية، وبما يلبِّي تطلعات الشعب اليمني لتحقيق الأمن والاستقرار"، واليوم نشهد وضعًا مختلفًا في هذا البلد الجار الشقيق الذي نأمل ان يستقر ويعيش شعبه في أمن ورخاء واستقرار.
سلطنة عُمان كانت وما زالت وراء المصالحة اليمنية وتدعم بكل قوة التسوية اليمنية- اليمنية بما يحقق أمن واستقرار اليمن وعودته لمكانته الطبيعية؛ فاليمن يحتاج رؤية جديدة، وفكر جديد بعيدًا عن المُحاصصة وبعيدًا عن التدخلات الخارجية؛ لتكون له الحرية في الاختيار والقرار والمصير.
الهواجس، لا تصنع الأوطان، وسبل السلام متاحة حين يتحقق العدل، وتتوقّف الأطماع، وتصبح حدود الانتقام في أضيق نطاق، وسلطنة عُمان ودول الجوار لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تحرك او تصعيد على حدودها، ويهدد سلامة أراضيها ومقدرات شعبها في قادم الأيام.
الثوابت العُمانية في هذه المرحلة باليمن ترتكز على دعم وحدته واستقراره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، ولقد عبّرت مسقط بوضوح عن قلقها البالغ إزاء ما تشهده الساحة اليمنية في كثير من المناسبات، وقد استضافت اجتماعات عدة في هذا الإطار، واليوم يدفع الشعب اليمني ثمن هذه الانتكاسات دون تحقيق السلام والاستقرار والرخاء.
نعلم يقينًا أنه لا توجد سوى دول الجوار التي لها تأثير على اليمن، بسبب الجغرافيا والتاريخ، وبعض الاشقاء والأصدقاء، وما صرح به عيدروس الزبيدي وتحرك المجلس الانتقالي ضد "الشرعية" لن يؤثر على هذه العلاقات فقط؛ بل يمكن أن يؤدي إلى أزمة جديدة داخلية لها تبعات خطيرة.
يجيد البعض رسم الخطوط الحمراء، ولكن دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع حل المشكلة، ومواجهة ما يهدد وحدته، ويستهدف تمزيق وتقسيم أراضيها؛ فالحوار الوطني الشامل مُهم لتقريب الحلول السلمية بين الشرعية والانتقالي، ثم يمكن دراسة الوضع في الجنوب، بعيدًا عن هدير السلاح والمدافع والقتل والتخريب او الحصار الطوعي.
الوضع الآن يحتاج لحكمة يمنية؛ فهذه التحولات لا يمكن لدول الجوار أن تقف أمامها دون أن تحرك ساكنًا، خاصة بعد إشارة الزبيدي لصرفيت في تصريحاته؛ فصرفيت ستبقى عُمانية صرفة مائة بالمائة، ولن تكون سلطنة عُمان جزءًا من الخزعبلات والتحركات الداخلية في اليمن؛ بل موضع صلح واستقرار لمن يرغب بهذا التوجه والمبادئ العُمانية الثابتة.
وحين يتم التدخل في الشأن العُماني، فإن لسلطنة عُمان أدواتها وأسلوبها، في الدفاع عن أراضيها؛ فالجغرافيا العُمانية واضحة وحدودها معتمدة، ولن تنجر وراء الصراعات الداخلية للدول او التصريحات الفضفاضة، وندعو أهل اليمن الأشقاء وأصحاب الحكمة ان يتحدوا ويقفوا كرجل واحد لمواجهة مشاكلهم بالحكمة وليس بالسلاح والاقتتال، ولا تكون أراضيهم ساحة لتصفية الحسابات، فبناء الدول يبدأ بالجلوس والمحادثات والاحتكام للشرعية الدولية، وستبقى سلطنة عُمان خارج دائرة الاستقطاب مهما حاولوا، وأن تحترم سيادتها وحدودها ودورها المتزن الحكيم؛
فأراضينا خط أحمر، كما هي أراضيهم خط أحمر. واللبيبُ بالإشارةِ يفهمُ. والله من وراء القصد.
** كاتب ومحلل سياسي
