◄ اللواتي: ابتكارنا يُسهم في تعزيز جودة منتجات زيت الزيتون وتنافسيته العالمية
◄ إشادات بتطور المنظومة البحثية في سلطنة عُمان
◄ مطالبات بزيادة مخصصات البحث العلمي بما يتناسب مع ارتفاع عدد الباحثين
◄ الهاشمي: نعكف على إعداد بحوث تجديد أنسجة العظام ومضاعفات مرض السكري
◄ الهاشمي: نتائج واعدة في علاج الجروح المزمنة وراء الفوز بالجائزة
◄ الشامي: بحثنا يساعد صناع القرار على تعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي
الرؤية- ريم الحامدية
أكد الفائزون في الجائزة الوطنية للبحث العلمي الذي تنظمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لعام 2025، أن أبحاثهم تمثل خطوة نوعية نحو تعزيز الابتكار العلمي وربط النتائج البحثية بالتنمية الوطنية، مؤكدين أنَّ الجائزة تؤدي دورًا محوريًا في دعم الباحثين، وتشجيع المشاريع العلمية المبتكرة، وتحفيز روح التنافس الأكاديمي الهادف إلى رفع مستوى البحث العلمي في سلطنة عُمان.
وأشاروا- في تصريحات لـ"الرؤية"- إلى أنَّ هذه الإنجازات تأتي في وقت يزداد فيه الاهتمام باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمعرفة العلمية لخدمة المجتمع وتعزيز القدرات المؤسسية في مختلف القطاعات.
وقال الأستاذ الدكتور حيدر بن أحمد اللواتي، الباحث في جهاز تحليلي متكامل قائم على تقنية مختبر على ورق لاستخراج وتقدير محتوى الفينولات الكلي في عينات زيت الزيتون بطريقة بسيطة، أن هذا البحث يقدم جهازًا مبتكرًا مصغرًا قائمًا على تقنية مختبر على ورق، للتحليل السريع الميداني للمركبات الفينولية في زيت الزيتون، وهو منتج مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالزراعة والاقتصاد في عُمان. باستخدام أُطُر معدنية-عضوية متقدمة (MOFs)، كما يوفر الجهاز كشفًا حساسًا لمضادات الأكسدة التي تلعب دورًا أساسيًا في جودة زيت الزيتون وفوائده الصحية، وهذا يتناغم تمامًا مع رؤية "عُمان 2040" التي تؤكد على تبني التقنيات الحديثة ورفع معايير جودة الغذاء".

وأضاف أن الجهاز يدعم المزارعين والمنتجين المحليين في تحسين ممارسات الزراعة والحصاد، ويعزز القيمة التجارية والتنافسية العالمية لزيت الزيتون العُماني، كما أنه يمثل خطوة ملموسة نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية لعُمان في احتضان الابتكار ورفع مستوى جودة الغذاء في قطاعها الزراعي.
وحول التحديات التي واجهته، قال اللواتي: "ما زالت البحوث العلمية تعامل إداريًا كما تعامل الأمور غير البحثية، عندما يتم طلب مواد كيميائية للقيام بالبحث العلمي، فإن الإجراءات الإدارية لا تختلف عن غيرها، وهذا يجعل الباحث أمام صعوبات جمة، إذ إنها تحتاج إلى متابعات إدارية كثيرة، كما إن استيراد هذه المواد يستغرق وقتًا طويلًا قد يصل في بعض الأحيان إلى أربعة أشهر، أضف إلى ذلك عدم وجود كوادر بحثية متخصصة في مجال البحث المذكور، وكثرة الأجهزة التقنية اللازمة للتحليل، وضعف الدعم الفني المقدم من الشركات، يؤدي إلى فترات طويلة من الانتظار للقيام بالتحاليل المطلوبة".
وبين اللواتي أن المنظومة البحثية في السلطنة تطورت بصورة واضحة، وقد صاحب هذا التطور توسع في عدد البحوث والباحثين بشكل ملحوظ وكبير، إلا أنَّ الموازنات المالية للبحث العلمي لم تتوسع بشكل مواز لعدد الباحثين، مما قلص الموارد المالية للباحث وأثر على توسيع الأبحاث العلمية، مضيفا: "سابقًا كانت الموارد المالية المخصصة للبحث الواحد أكبر بصورة ملحوظة من الآن، والتي قد تصل إلى أقل من 50% من الميزانية المخصصة لنفس البحث في السابق، كما أن أغلب البحوث يتم دعمها اليوم بمبالغ لا تتجاوز الخمسين ألف ريال عُماني، وكثيرًا ما تكون دون العشرين ألف ريال، بينما تصل قيمة أجهزة البحث العلمي المتطورة إلى مبالغ تفوق المائة ألف ريال، مما يحد من القيام بالكثير من البحوث العلمية المتطورة".
وحول الخطوة القادمة للبحث، أشار اللواتي إلى أنه سيقوم بتوسيع البحث في مجال زيت الزيتون بشكل أكبر، ويسعى لإيجاد حلول لبعض التحديات، إذ تم الحصول على تمويل جديد للبحث العلمي في هذا الصدد من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
من جانبه، قال الدكتور سليمان بن علي الهاشمي، الفائز بالجائزة الوطنية للبحث العلمي عن بحثه "تطوير ضماد للجروح مطبوع بتقنية الطابعة الحيوية ثلاثية الأبعاد باستخدام سقالة كيتوسان كربوكسيميثيل محمّلة بالتاكروليموس (Tacrolimus)" إن فريقه البحثي في مجال الخلايا الجذعية والطب التجديدي، هو الفريق الوحيد المتخصص في هذا النوع المتقدم من البحوث على مستوى سلطنة عُمان، إذ يُعد هذا المجال من أهم مجالات البحث العلمي الحديثة في المجال الصحي لما له من دور محوري في إيجاد حلول علاجية مبتكرة للعديد من الأمراض المستعصية.

وأضاف أن خلال السنوات الماضية، عمل الفريق على عدة محاور، من بينها بحوث في علاج بعض أنواع السرطان، والحد من التصاقات الأنسجة بعد العمليات الجراحية، مبينا: "نركز حاليًا في بحوث تجديد أنسجة العظام ومضاعفات مرض السكري، ولا سيما الجروح المزمنة التي تمثل تحديًا صحيًا كبيرًا، حيث يعاني كثير من مرضى السكري من ضعف التئام الجروح، مما قد يؤدي في بعض الحالات إلى بتر أجزاء من الأطراف. كما نعمل أيضًا على أبحاث تتعلق بمراضة الكلى".
وأوضح الهاشمي: "لقد توصلنا إلى نتائج واعدة في مجال علاج الجروح المزمنة، من ضمنها البحث الفائز، وما تزال هذه الأبحاث في مرحلة التجارب المخبرية وعلى نماذج حيوانية، مع طموح مستقبلي بأن تنتقل إلى التجارب السريرية وتطبيقها على الإنسان. ونأمل، بعون الله، أن تسهم هذه الأبحاث في تحسين جودة حياة المرضى وتقديم حلول علاجية للحالات المعقدة".
وأشار إلى أن هذه البحوث المتقدمة تسهم في رفع مؤشر التنافسية البحثية لسلطنة عُمان على المستوى الإقليمي والدولي، وتعكس قدرتها على الدخول في مجالات علمية حديثة ذات قيمة استراتيجية.
وحول أبرز العقبات التي واجهها الفريق، قال: "من أبرز العقبات التي واجهها محدودية التمويل، والحاجة إلى بنية تحتية متقدمة، إضافة إلى صعوبة توفير وتدريب كوادر بحثية مؤهلة للعمل في هذا النوع من الأبحاث، إلّا أنَّ الإصرار والعمل الجماعي، إلى جانب الدعم المؤسسي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، كان له دور كبير في تجاوز هذه التحديات. كذلك أسهمت جامعة نزوى، من خلال دعمها المُتواصل للبحث العلمي وسياساتها الهادفة إلى تطوير المنظومة البحثية، في تذليل جزء كبير من هذه الصعوبات".
وأكد الهاشمي بأن منظومة البحث العلمي في سلطنة عُمان تشهد جهودًا ملموسة ومتنامية، ويُنظر إلى البحث العلمي اليوم بوصفه أحد الركائز الأساسية للتنمية الوطنية، وهو ما تؤكده التوجيهات السامية الكريمة وخطابات جلالة السلطان، متابعاً: "لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الدعم؛ سواء على مستوى التمويل أو البنية التحتية البحثية، بما يتناسب مع طموحات الباحثين وقدرتهم على المنافسة عالميًا، كما أن استحداث وتوسيع برامج الدراسات العليا، خاصة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتكوين قاعدة بحثية قوية ومستدامة، وتمكين الباحثين الشباب من الانخراط المُبكر في مشاريع بحثية نوعية".
وبخصوص الخطوة التالية بعد الفوز بالجائزة، قال "يمثل فوزنا بالجائزة الوطنية للبحث العلمي تأكيدًا على جودة البحث وأهميته، ويشكّل في الوقت ذاته دافعًا معنويًا كبيرًا للفريق لمواصلة العمل بعزم أكبر. هذا الفوز يضع على عاتقنا مسؤولية مضاعفة للاستمرار في تطوير هذه الأبحاث وتحقيق نتائج أكثر تقدمًا".
وأكد الهاشمي أن الهدف النهائي هو الانتقال بهذه النتائج من المختبر إلى التجارب السريرية، بما يسهم في خدمة القطاع الصحي وعلاج المرضى، ويُترجم البحث العلمي إلى أثر ملموس على أرض الواقع.
أما الدكتور السعيد الشامي، الفائز بالجائزة الوطنية للبحث العلمي عن بحثه "تصوّرات حول استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مؤسسات التعليم العالي: رؤى من الطلبة والأكاديميين في جامعة السلطان قابوس"، فقال إنَّ أهمية هذا البحث تنبع من تناوله أحد أكثر الموضوعات أهمية في التعليم المعاصر، وهو استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم. وقال إن الدراسة ركّزت على فهم تصوّرات الطلبة والأكاديميين في جامعة السلطان قابوس تجاه استخدام هذه الأدوات في التعليم، من خلال توظيف نموذج تقبّل التكنولوجيا (TAM)؛ بما أتاح تحليلًا علميًا متوازنًا يجمع بين الأبعاد التقنية والتربوية والأخلاقية.

وأضاف أنَّ البحث يسد فجوة واضحة في الأدبيات العربية، ويقدّم بيانات كمية موثوقة مستندة إلى عينة واسعة؛ الأمر الذي يعزّز من موثوقية النتائج وقابليتها للبناء عليها في دراسات مستقبلية، وعلى المستوى المجتمعي يسهم في دعم مُتّخذي القرار وصانعي السياسات التعليمية بأدلة علمية واقعية تُساعد على تعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع الحد من مخاطره، خاصة ما يتعلق بالنزاهة الأكاديمية، والاعتماد المفرط، وتأثيره المحتمل على التفكير النقدي والإبداع.
وحول أبرز العقبات التي واجهته، قال الشامي: "تمثلت أبرز التحديات في حداثة موضوع الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتسارع تطور أدواته، إضافة إلى التباين في وعي المستخدمين ومواقفهم بين التفاؤل والحذر. كما شكّل التعامل مع القضايا الأخلاقية المرتبطة بالاستخدام الأكاديمي، مثل الانتحال والاعتماد الزائد على هذه الأدوات، تحديًا بحثيًا مهمًا، وجرى تجاوز هذه التحديات من خلال اعتماد إطار نظري راسخ، ومنهج كمي دقيق، وتحليل إحصائي مقارن أظهر فروقًا ذات دلالة إحصائية بين الطلبة والأكاديميين، وأسهم هذا النهج في تحويل التباين في التصوّرات إلى قيمة مضافة، مكّنت من تقديم توصيات عملية وموجهة لكل فئة، بدلًا من حلول عامة لا تراعي اختلاف الاحتياجات والسياقات".
وبخصوص دور منظومة البحث العلمي في سلطنة عُمان، أكد الشامي أن المنظومة تشهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، يتجلى في الدعم المؤسسي، وتوفير فرص التمويل، وتقدير التميّز البحثي من خلال مبادرات وطنية رفيعة المستوى، من بينها الجائزة الوطنية للبحث العلمي، وقد أسهم هذا الدعم في تعزيز دافعية الباحثين، ورفع جودة المخرجات العلمية، وربط البحث بقضايا التنمية الوطنية، مضيفا: "البحث حظي بدعم وتمويل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ضمن مشروع بحثي مُموّل لجامعة السلطان قابوس، وهو دعم بالغ الأهمية مكّن فريق البحث من تنفيذ الدراسة وفق معايير علمية عالية، ويعكس التزام الوزارة بتمكين الباحثين وتعزيز البحث العلمي".
وأشار إلى أنَّ المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من التكامل بين البحث العلمي والجهات المعنية بصناعة القرار، وتوسيع دعم البحوث متعددة التخصصات، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، إضافة إلى تعزيز برامج بناء القدرات البحثية، وتمكين الباحثين الشباب، وتحويل نتائج الدراسات إلى سياسات وممارسات قابلة للتطبيق.
وحول الخطوة القادمة بعد الفوز بالجائزة، أوضح الشامي أنَّ الفوز بالجائزة يمثّل دافعًا قويًا لتطوير هذا المشروع البحثي والتوسّع به؛ ليشمل كافة مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عُمان، مع التركيز على تطوير أطر تنظيمية وإرشادات مؤسسية للاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم. وتابع قائلا: "نعمل كذلك على تحويل نتائج البحث إلى برامج تدريبية ومواد توعوية تسهم في بناء ثقافة رقمية واعية لدى الطلبة والأكاديميين".
