مسقط- الرؤية
نجح أطباء مستشفى أستر رويال الرفاعة بمسقط في إجراء جراحة مُعقدة في قاعدة الجمجمة لمريض يبلغ من العمر 38 عامًا، إذ شملت العملية الاستئصال الكامل لورم نادر كان قد انتشر من التجويف الأنفي إلى الدماغ ومحجر العين، مما يعكس القدرات المتنامية لمستشفى أستر رويال الرفاعة ولقطاع الرعاية الصحية العُماني في التعامل مع الحالات المعقدة وعالية الخطورة، وذلك في إطار مبادرة مستشفيات أستر "العلاج في عُمان".
كان مايكل أوجابو، وهو مواطن نيجيري يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، قد أمضى سنوات يبحث عن علاج لحالة مرضية بدأت في عام 2018 وتدهورت تدريجيا، ما بدأ كانسداد بسيط في الأنف، تطور لاحقاً إلى مرض عُضال تميز بضغط شديد في الوجه، وبروز في العين، وألم مستمر.
وجرى تشخيص الحالة بورم حُليمي مقلوب وهو ورم حميد لكنه عدواني، يُشكّل نحو 0.5 – 4% من جميع أورام الأنف، ويُلاحظ بشكل أكثر شيوعا لدى المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاماً، مع ميل واضح لإصابة الذكور بنسبة تتراوح بين 3 إلى 5 أضعاف مقارنة بالإناث
ورفضت العديد من المستشفيات حالة المريض بسبب موقع الورم الحرج وخطورة التدخل الجراحي، حتى تمكن من الحصول على الرعاية المناسبة في مستشفى أستر رويال الرفاعة.

وتُعد أورام الحُليمة المقلوبة نادرة جداً، حيث لا تتجاوز نسبة حدوثها السنوية ما بين 0.75 إلى 1.5 حالة لكل 100,000 شخص، وهي واحدة من ثلاثة أنواع من أورام الحُليمات التي صنّفتها منظمة الصحة العالمية، وهي: الحُليمات الظاهرة (الحرشفية)، والحُليمات المقلوبة، والحُليمات الأونكوسيتية (وتُعرف أيضاً بأورام الخلايا الأسطوانية)، وتُعد الحُليمات المقلوبة هي الأكثر شيوعاً من بينها.
وقبل مستشفى أستر رويال الرفاعة الحالة، وتم تشكيل فريق طبي متعدد التخصصات لوضع خطة دقيقة للجراحة، وفي 24 مايو 2025، أُجريت العملية التي استغرقت 11 ساعة بواسطة فريق مكوَّن بالكامل من أطباء عُمانيين وإقليميين، ضمّ أخصائيين في الأنف والأذن والحنجرة، وجراحة الأعصاب، وجراحة العيون، والتخدير، وتمكّن الفريق من استئصال الورم الذي كان قد انتشر إلى الدماغ ومحجر العين بنجاح، باستخدام مزيج من الأساليب الجراحية التنظيرية والمفتوحة. ونظراً لطبيعة هذا الورم، الذي يميل إلى معاودة النمو وقد يؤثر على المناطق المجاورة، فقد استخدم الفريق أسلوباً جراحياً متقدماً للغاية يجمع بين التقنية العالية والمهارة الطبية المتخصصة.
قاد العملية الدكتور خليل إبراهيم المكي، استشاري أول في جراحة الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق، بالتعاون مع الدكتور شاشيفادانان، استشاري أول في جراحة الأعصاب، والدكتور اليقظان الغافري، استشاري جراحة تجميل العيون، والدكتور عبدالله الجعدي، استشاري التخدير العصبي، والدكتور ناريندرا كومار، أخصائي التخدير، والدكتورة فيديا بهارغافان بانيكر، أخصائية الأنف والأذن والحنجرة.
وعمل الفريق بتنسيق تام، حيث بدأت العملية بإجراء فتح في الجمجمة، وهو إجراء جراحي يتم فيه إزالة جزء صغير من عظم الجمجمة مؤقتاً للوصول إلى الدماغ، وذلك لاستئصال الجزء الذي كان قد انتقل من الورم إلى هذه المنطقة الحساسة. وبعد ذلك، استُكملت العملية باستئصال بقية أجزاء الورم من التجويف الأنفي ومحجر العين، مع اتخاذ أقصى درجات الحذر لحماية المناطق الحيوية وتقليل الأضرار المحتملة.
واعتمد الفريق الطبي على تقنيات حديثة ومتقدمة خلال الجراحة، شملت نظام الملاحة الجراحي الموجه بالصور، والمراقبة اللحظية أثناء العملية، واستخدام أدوات مجهرية دقيقة، الأمر الذي ساهم في إزالة الورم بشكل آمن وكامل، كما جرى إعداد خطة علاجية لمتابعة الحالة بالتنسيق مع أطباء في نيجيريا لضمان استمرار الرعاية بعد عودة المريض إلى بلاده، وتمت إزالة أنبوب التنفس في نفس اليوم الذي أُجريت فيه الجراحة، وتمكّن المريض من مغادرة المستشفى بعد خمسة أيام فقط، في حالة صحية مستقرة.
وأظهرت الفحوصات اللاحقة أن الورم قد أُزيل بالكامل دون حدوث أي ضرر في الدماغ أو في البصر، ليعود مظهر وجه مايكل إلى حالته الطبيعية، وهو يعيش حياة صحية ونشطة من جديد، بعد سنوات من المعاناة والبحث عن علاج مناسب لحالته النادرة والمعقدة.
