خبير دولي: 2026 عام يتّسم بالحذر الواعي في سلوك المستهلكين

"مدائن" تستعرض الاتجاهات الاستهلاكية والمتغيرات الشرائية في السوق العُماني

◄ الصالحي: الندوة تقدم فهمًا أعمق لاحتياجات المستهلكين وسُبل تحسين كفاءة الإنتاج

◄ كارجي: نمو في أداء العلامات التجارية العُمانية مقابل تراجع العالمية

◄ 100 مشروع في الصناعات الغذائية باستثمارات 164 مليون ريال

◄ توفير 3600 فرصة عمل في مشاريع الأمن الغذائي بالمدن الصناعية

◄ ترشيد الاستهلاك لم يعد سلوكًا مؤقتًا وإنما اتجاه طويل الأمد

 

 

مسقط- الرؤية

نظّمت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن"، بالتعاون مع شركة "NielsenIQ" المتخصصة في مجال تحليل سلوك المستهلكين، ندوة "مساهمة البيانات والتحليلات في تشكيل مستقبل الأعمال في الاقتصاد العُماني"؛ وذلك تحت رعاية المهندس داود بن سالم الهدّابي الرئيس التنفيذي لـ"مدائن"، وبهدف تشجيع الاستثمار في بيئة الأعمال بالمدن الصناعية عبر تقديم بيانات دقيقة ورؤى استراتيجية تسهم في صنع القرار وتعزيز التنافسية الإقليمية.

وألقى خالد بن سليمان الصالحي مدير عام التسويق والشؤون التجارية في "مدائن"، كلمة أكد من خلالها أن هذه الندوة تنعقد ضمن سلسلة ندوات تنظمها المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" في مختلف المجالات التي تهم المستثمرين ورجال الأعمال وتستهدف مختلف شرائح المجتمع في سلطنة عُمان لتغطية الجوانب المتعلقة بعمليات التصنيع والتقنية والإدارة، وإتاحة الفرصة للتواصل والتعرف والاطلاع على مستجدات هذه القطاعات وفرص الاستفادة منها. وأضاف أن الهدف من هذه الندوة، يتمثل في تمكين العاملين في قطاع السلع الاستهلاكية، ولا سيما الأغذية والمشروبات، من فهم أعمق لاحتياجات المستهلكين، وتحسين كفاءة الإنتاج، وتوسيع الحضور في الأسواق المحلية والعالمية، وتداول أفكار جديدة تعمل على تعزيز التعاون وتوسيع آفاق النمو الاقتصادي والصناعي في سلطنة عُمان. وأكد الصالحي أن "مدائن" تولي اهتمامًا بالغًا لجذب وتوطين المزيد من المشاريع في قطاع الأغذية والمشروبات عبر تهيئة بنية أساسية متطورة ومرافق متكاملة داخل مدنها الصناعية؛ حيث تحتضن مدائن حاليًا نحو 100 مشروع في مجال الصناعات الغذائية بإجمالي استثمارات تتجاوز 164 مليون ريال عُماني، تمتد على مساحة تفوق 1.5 مليون متر مربع وتوفر أكثر من 3600 فرصة عمل.

من جانبه، قال أوغور كارجي مدير نجاح العملاء في شركة "NielsenIQ" لمنطقة الخليج إن عام 2026 سيكون عامًا يتّسم بالحذر الواعي في سلوك المستهلكين رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية في المنطقة؛ حيث إن 48% من المستهلكين في إفريقيا والشرق الأوسط يرون أنفسهم في وضع مالي أفضل مقارنة بالعام الماضي، وهي زيادة قدرها 9% عن 2024، إلّا أن نحو 27% ما زالوا يشعرون بتراجع أو ضغوط مالية؛ مما يعكس استمرار الحذر في قرارات الشراء. وأضاف أن المستهلك العُماني والعربي- على حد سواء- أصبح أكثر انتقائية في إنفاقه؛ حيث يُركِّز على الأساسيات ويبحث عن أفضل قيمة مقابل السعر، مشيرًا إلى أن "الترشيد لم يعد سلوكًا مؤقتًا؛ بل أصبح اتجاهًا طويل الأمد يفرض على الشركات فهم دوافع المستهلك الجديدة وإعادة التفكير في عروضها التجارية".

وأوضح أن اتجاهات الاستهلاك لعام 2026 تُظهر تزايدًا في أهمية القيم الأخلاقية والاستدامة؛ إذ باتت العلامات التجارية التي تعبّر عن الشفافية والالتزام المجتمعي تحظى بثقة أعلى لدى المستهلكين. وأشار إلى أن 71% من المستهلكين على استعداد لدفع سعر أعلى مقابل الجودة، بينما 84% يراقبون الأسعار عن كثب؛ مما يستدعي توازنًا دقيقًا بين القيمة والجودة في منتجات الشركات. ولفت كارجي إلى أن جيل الشباب هو الأكثر اتصالًا رقميًا والأكثر تأثيرًا على مستقبل السوق؛ حيث إن هذه الفئة تبدأ رحلتها الشرائية من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ويعتمد أكثر من 70% منهم على مراجعات المؤثرين ومنصات مثل "تيك توك" قبل اتخاذ قرار الشراء. وبيّن أن هذا الجيل لا يبحث فقط عن السعر؛ بل عن تجربة وهوية وقصة يعيشها مع العلامة التجارية، حيث إن العاطفة والارتباط النفسي بالعلامة أصبحا عاملًا حاسمًا في قرارات الشراء.

وختم كارجي حديثه عن أداء سوق السلع الاستهلاكية في سلطنة عُمان، مبينًا أن هذا القطاع شهد تراجعًا طفيفًا بنسبة -2.1% في القيمة و-1.9% في الحجم خلال النصف الأول من 2025، إلّا أن هناك نموًّا متزايدًا في أداء العلامات المحلية، خاصة في فئات المشروبات والوجبات الخفيفة، مقابل تراجع لدى الشركات العالمية الكبرى، وهذا يدل على أن العلامات المحلية والإقليمية أثبتت مرونة أعلى، ونجحت في كسب المستهلك عبر التكيّف مع متطلباته وسرعة الابتكار في المنتجات.

ودعا كارجي الشركات العاملة في السوق العُماني إلى تبنّي 3 استراتيجيات أساسية لعام 2026 تتمثل في اتخاذ قرارات تتمحور حول المستهلك وفهم قيمه وسلوكياته الجديدة، وكذلك تسريع وتيرة الابتكار عبر منتجات صحية ومستدامة ومصمّمة لاحتياجات الشباب، إضافة إلى تعزيز التواجد في القنوات التجارية الصحيحة، خصوصًا في منافذ التجارة التقليدية التي لا تزال تشهد نموًا في السلطنة، حيث إن عام 2026 لن يكون عامًا للتوسّع العشوائي؛ بل للتركيز الذكي على المستهلك العُماني الجديد  الحذر، المتصل رقميًا، والواثق بخياراته.

وتضمّنت الندوة جلسة نقاشية شارك بها كل من خالد الصالحي مدير عام التسويق والشؤون التجارية في مدائن، وأمير حسين أنواري رئيس قسم الأعمال والحلول التجارية في مجموعة إنهانس، ومحمود الأغبري أخصائي الإعلام الرقمي في شركة مزون للألبان؛ حيث استعرضت الجلسة مستقبل السوق العُماني من خلال تحليل شامل للاتجاهات الاستهلاكية، والفرص الواعدة أمام القطاعين العام والخاص لتعزيز النمو الاقتصادي وبناء منظومة أعمال أكثر مرونة واستدامة، كما سلطت الجلسة الضوء على تطور سلوك المستهلك في سلطنة عُمان والمنطقة، والتوجهات الجديدة في قطاعات التجزئة والصناعة والتقنية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة