بعد "التوازن المالي".. بداية الازدهار والتحفيز الاقتصادي

 

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

مع مطلع العام الجديد 2026، ومع بدء تنفيذ خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة (2026- 2030)، يعيش المواطن العُماني حالةً من التفاؤل والثقة، مُتطلعًا إلى مرحلة جديدة من التحفيز الاقتصادي واستعادة النمو بعد سنوات من الانضباط المالي الذي قادته الحكومة ضمن خطة التوازن المالي (2020- 2024).

كمتابع للشأن الاقتصادي، يلمس المواطن اليوم ثمرة الصبر والوعي الجماعي الذي رافق تنفيذ خطة التوازن المالي السابقة، والتي هدفت إلى خفض المديونية العامة وضبط الإنفاق وتعزيز كفاءة إدارة الموارد. وقد أثمرت هذه الجهود نتائج ملموسة؛ إذ انخفضت المديونية (الدين العام) من نحو 20.7 مليار ريال عُماني عام 2020 (ما يعادل 68% من الناتج المحلي الإجمالي) إلى قرابة 14 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024، في إنجاز وطني يعكس نجاح الإدارة المالية الحكيمة للدولة.

لقد كانت تلك المرحلة ضرورة اقتصادية، اقتضت من الجميع بعض التحمل والالتزام، وكان المواطن جزءًا أصيلًا من هذا القرار الوطني الكبير. واليوم، وبعد نهاية خطة التوازن المالي، فإن التحدي القادم هو الانتقال من مرحلة الإصلاح المالي إلى التحفيز الاقتصادي الشامل الذي يعيد الحيوية إلى السوق المحلي ويعزز جودة الحياة.

ومع بداية العام الجديد، يأمل المواطن أن يرى ثمار هذا النجاح المالي في شكل فرص أوسع للتوظيف، وحركة اقتصادية أكثر نشاطًا، وتخفيفًا للعبء المعيشي اليومي؛ فالمعادلة الجديدة يجب أن تقوم على التوازن بين استدامة المالية العامة وتحقيق النمو الحقيقي الملموس.

ولعل المرحلة المقبلة تستدعي التركيز على 5 مسارات أساسية تمثل مفتاح التحول الاقتصادي المنشود منها:

  1. زيادة فرص التوظيف عبر دعم المشاريع الإنتاجية والخدمية، وتشجيع القطاع الخاص على استيعاب الكفاءات الوطنية.
  2. تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال الاستثمار في قطاعات واعدة مثل السياحة، والصناعات التحويلية، والطاقة المتجددة، والتقنيات الحديثة.
  3. تسهيل الإجراءات للمستثمرين ورواد الأعمال عبر تبسيط التراخيص وخفض الرسوم، بما يعزز بيئة الأعمال ويجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
  4. تقديم حوافز اقتصادية مدروسة للقطاع الخاص، خصوصًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتكون قادرة على النمو والمنافسة.
  5. خفض الضرائب والرسوم غير الضرورية ودعم قطاعات الكهرباء والمياه والوقود والخدمات الأساسية لتخفيف العبء على المواطنين وضمان استقرار تكلفة المعيشة.

إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لتحويل مكتسبات التوازن المالي إلى نمو اقتصادي مستدام يلامس حياة الناس؛ فالإصلاح المالي كان خطوة ضرورية لضبط المسار، أما التحفيز الاقتصادي فإنه الخطوة المنتظرة لإطلاق الطاقات الكامنة في الاقتصاد الوطني.

أخيرًا.. نأمل كمواطنين أن نكون بداية عام 2026، بداية لصفحة جديدة في مسيرة عُمان الاقتصادية. صفحة عنوانها الاستدامة والتوازن والازدهار؛ حيث أستطيع أن أُجزم وأقول بكل صدق: لقد اجتزنا مرحلة التحديات بنجاح، واليوم نستعد لمرحلة البناء والنماء. والثقة كبيرةٌ في رؤية القيادة الحكيمة، وفي وعي المواطن وإخلاصه، وفي طاقات الشباب التي تشكل الأمل الأكبر للمستقبل. ولأن عُمان اعتادت أن تنهض كلما اشتدت التحديات، فإن القادم- بإذن الله- سيكون أكثر إشراقًا وازدهارًا، في ظل النهضة المتجددة التي رسمت مسارات التنمية المستدامة وفق رؤية واضحة لمستقبل البلاد ومستقبل أفضل لاقتصادنا الوطني.

الأكثر قراءة