كابوس الفوائد البنكية يقض مضاجع المواطنين

 

 

 

◄ مطالبات بتحقيق التوازن بين السياسات المصرفية والإنعاش الاقتصادي

◄ ضرورة إلزام البنوك بخفض الفائدة لتجاوز حالة الانكماش وضعف القوة الشرائية

 

◄ المجرفية: الفوائد البنكية المرتفعة تؤثر سلبًا على الاقتصاد والمجتمع

◄ العبري: نريد سياسة مصرفية تراعي الواقع وتوازن بين الربح والمسؤولية

◄ عمر بن حميد: التوجه نحو خفض الفوائد تدريجيًا يُعيد الحيوية إلى السوق ويشجع المؤسسات على التوسع

◄ الشيباني: بعض الشركات قد تنسحب من السوق بسبب الفوائد المرتفعة

◄ الشكيلي: يجب تنويع أدوات التمويل وتشجيع الاستثمار في قطاعات القيمة المحلية المضافة

◄ الغافرية: استمرار الفوائد المرتفعة لفترات طويلة يضع الاقتصاد أمام تحديات حقيقية

◄ السعيدية تروي قصة تعثّر مشروعها بسبب القروض الباهظة وتراكم المديونيات

 

 الرؤية- ناصر العبري

يطالب عدد من المواطنين ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع بضرورة مراجعة نسب الفوائد البنكية التي يرونها باتت حملًا ثقيلًا على كاهل المواطنين وعبئًا على الكثير من الشركات وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وأكدوا- في تصريحات لـ"الرؤية"- أن أسعار الفائدة البنكية المرتفعة على القروض تؤثر بشكل سلبي على المجتمع مع عدم قدرة البعض على الوفاء بسداد القروض في ظل الأوضاع الاقتصادية الانكماشية، كما تؤثر على القطاع الاقتصادي مع تعثُّر الشركات أو انسحابها من السوق.

وتقول ميمونة بنت عبدالله بن سليمان المجرفية، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بالظاهرة ورئيسة لجنة صاحبات الأعمال، إن القروض بشكل عام تشكل عاملًا مساعدًا لنمو الاستثمار والنقد في الأسواق وزيادة القوة الشرائية، إلّا أن الفوائد البنكية المرتفعة يؤثر بشكل كبير على الأفراد والشركات؛ حيث تتركز قروض الأفراد على شراء سيارة أو بناء منزل، ولذلك تؤثر الفوائد البنكية المرتفعة سلبًا على قدرة الأفراد على السداد، وزيادة أعداد المتعثرين في السداد.

ميمونة المجرفية.jpg
 

وأضافت أن تأثير الفوائد البنكية المرتفعة على الشركات يتمثل في بطء نمو الشركات التي تعتمد على القروض لتمويل مشاريعها بسبب دفع فوائد أكثر، مما يقلل من أرباحها  بسبب التكلفة المرتفعة، وتقل رغبة الشركات في التوسع أو الاستثمار في مشاريع جديدة، إلى جانب تهالك المعدات بسبب عدم القدرة على صيانتها، إذ يؤدي هذا الأمر إلى خسائر مالية كبيرة مما يؤثر سلبا على التنمية الاقتصادية للبلد، حيث إن الفوائد البنكية ترهق كاهل الفرد وكاهل الشركات مما ينتج عنه غلق الكثير من المشاريع بسبب قلة المبيعات بسبب عدم القدرة على السداد، مبينة: "من خلال عملي بالغرفة لاحظت الكثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قد أغلقت مشاريعها بسبب المديونيات وعدم القدرة على سداد القروض البنكية رغم قيام الغرفة من خلال اللجان التوعوية بمحاولة الإبقاء على هذه المؤسسات قيد العمل، وقد بذلنا جهودا كبيرة لتوعية المجتمع والشركات بضرورة إعادة جدولة القروض بما يتناسب ودخل الفرد حتى لا تتعثر تلك المؤسسات، ولذلك نطالب البنك المركزي بحث البنوك التجارية على تخفيض نسبة الفائدة على القروض وعدم احتساب الفائدة المركبة على القرض وعلى الأقساط المؤجلة".

ويشير الكاتب محمد بن زاهر العبري إلى أن نسب الفوائد البنكية المرتفعة قد يتحول إلى وسيلة لاستنزاف الأفراد والشركات، موضحا: "المواطن الذي يسعى لبناء بيت أو إقامة مشروع صغير، يجد نفسه رهينة الأعباء البنكية، بينما تتراجع الشركات أمام موجة من التكاليف التي تُطفئ جذوة الاستثمار، ولذلك فإن الفائدة حين ترتفع بلا توازن فإنها تُصيب شريان الاقتصاد بالجمود، وتحوّل الإبداع إلى مغامرة غير محسوبة، ولذلك نريد سياسة مصرفية تراعي الواقع وتوازن بين الربح والمسؤولية.

الكاتب محمد بن زاهر العبري.jpg
 

ويرى أن وصول نسب بعض الفوائد البنكية إلى 7% يثير القلق لما له من تأثير مباشر على الأفراد والشركات، خاصة في بيئة اقتصادية تسعى جاهدة لتعزيز النمو ودعم القطاع الخاص.

وفي السياق، يؤكد رجل الأعمال عمر بن حميد بن سالم العبري، أن الفائدة البنكية وإن كانت أداة تمويل مشروعة لتنظيم حركة الإقراض والادخار، إلا أن المغالاة في رفعها تُحدث أثرًا سلبيًا واضحًا على دورة الاقتصاد، فالأفراد يجدون أنفسهم أمام أعباء مالية مرهقة، تتآكل معها قدرتهم الشرائية، ويُثقل كاهلهم بالديون والالتزامات الشهرية المتزايدة، مضيفا: "أما الشركات، خصوصًا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فتواجه تحديًا كبيرًا في الحصول على التمويل اللازم لتوسيع أنشطتها أو تنفيذ مشروعات جديدة، مما يؤدي إلى تباطؤ في النشاط التجاري، وانكماش في حركة الاستثمار الداخلي".

عمر العبري.jpg
 

ويتابع قائلا: "مثل هذه النسب المرتفعة من الفوائد تُضعف الثقة في بيئة التمويل، وتحدّ من إقبال المستثمرين، لأنها تجعل كلفة رأس المال مرتفعة مقارنة بالعائد المتوقع، كما أن انعكاسها الاجتماعي لا يقل خطورة، إذ يسهم في زيادة الضغط المعيشي، ويؤدي إلى تراجع قدرة الأفراد على الادخار أو الاستثمار في المستقبل، ولذلك من الضروري أن تكون هناك مراجعة دقيقة للسياسات التمويلية والمصرفية، تراعي فيها البنوك مبدأ التوازن بين مصالحها التجارية ومسؤوليتها الوطنية تجاه المجتمع والاقتصاد، كما إن التوجه نحو خفض الفوائد تدريجيًا، مع توفير حوافز تمويلية ميسّرة، سيعيد الحيوية إلى السوق، ويُشجّع المؤسسات على التوسع، ويمنح الأفراد ثقة أكبر في التعامل مع النظام المصرفي".

ويلفت العبري إلى أن التنمية المتوازنة لا يمكن أن تزدهر في بيئة مثقلة بالأعباء التمويلية، بل تحتاج إلى نظام مالي مرن يوازن بين استقرار البنوك وازدهار المجتمع.

ويذكر الإعلامي إبراهيم بن علي الشيباني أن الفوائد المرتفعة يزيد من تكلفة التمويل التشغيلي والاستثماري ويؤدي إلى تراجع في معدلات النمو والتوسع، وقد يدفع بعض المشاريع إلى تأجيل خططها أو الانسحاب من السوق مما ينعكس سلبًا على فرص العمل والتنمية الاقتصادية، كما أن استمرار الفوائد عند هذه المستويات العالية قد يُبطئ من وتيرة الاستثمار المحلي والأجنبي ويجعل السيولة تتجه نحو الإيداع البنكي بدلًا من المشاريع الإنتاجية، وهو ما يضعف الدورة الاقتصادية على المدى البعيد.

ابراهيم الشيباني.jpg
 

ويشدد الشيباني على ضرورة إيجاد حلالة من التوازن بين سياسات البنوك التجارية وأهداف الاستقرار الاقتصادي من خلال مراجعة دورية لأسعار الفائدة وربطها بواقع السوق وقدرة الأفراد والشركات على السداد بما يحقق العدالة ويحافظ على نمو الاقتصاد الوطني بشكل مستدام.

بدوره، يقول سامح  بن سالم الشكيلي: "تكمن تداعيات الفوائد البنكية المرتفعة في تأثيراتها الإيجابية لدى المودعين، الذين سيحصلون على عائد أعلى من ودائعهم، والعامل الإيجابي هنا هو التشجيع على الادخار، وضبط معدلات التضخم، لكن المغالاة في رفعها تنعكس سلبًا على الأفراد والشركات، فالفرد المقترض هو كالغريق الذي ينتظر النجاة، حيث يصبح القسط البنكي لديه كبير، مما يقلل من قدرته على الادخار، ويصبح المقترض غير قادر على تحمل الأعباء وخصوصًا إذا ارتفعت الفائدة فجأة أو كان الربط بالقرض متغيرًا أو متنامي، فسيكون عبء الخدمات أعلى، وهو ما يؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية ويؤخر قرارات الاستثمار والاستهلاك، ويؤثر بالتالي في حركة السوق المحلية في الحقيقة، وباتت الفوائد البنكية المرتفعة على الأفراد كالمشنقة البطيئة التي تخنق أصحابها رويدًا رويدًا، فلا يشعرون بوقعها إلّا حين تنعكس على تفاصيل حياتهم اليومية وسلوكهم الاجتماعي؛ إذ تتسلل آثارها إلى صميم الأسرة العُمانية فتربك إدارتها وتخل بتوازنها، فينعكس الخلل على المجتمع بأسره".

سامح الشكيلي.jpg

ويبيّن: "نتيجة لصعوبة توصل الفرد إلى بدائل تمويلية ميسرة، لتسيير شؤونه الاجتماعية من بناء منزل أو شراء سيارة أو مواصلة التعليم وغيرها من أهداف الاقتراض أو التمويل، يجد أن البنوك هي الطريق الأسرع للتمويل، وبالتالي ليس من المنطق أن تسعى البنوك إلى توازن بين أسعار النقد العالمية والفوائد المحلية دون أن تضع في اعتبارها حجم الضرر الاجتماعي الذي تخلفه سياساتها، والفوائد البنكية المرتفعة إلى مستويات تقترب من 7 في المائة يؤثر على السوق العُماني إذ ترتفع تكلفة الاقتراض، فتتراجع السيولة وتضيق هوامش الأرباح، خصوصًا لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على التمويل البنكي في إدارة عملياتها اليومية أو في التوسع الإنتاجي، كما يؤدي ارتفاع كلفة التمويل إلى إحجام بعض المستثمرين عن إطلاق مشاريع جديدة، أو تأجيل خطط النمو، وهو ما ينعكس مباشرة على معدلات التشغيل وحركة السوق، وفي المقابل تجد الشركات الكبرى ذات الملاءة المالية الأفضل فرصة أكبر للمناورة، إلا أن الأثر العام يظل متجسدًا في تباطؤ النشاط الاقتصادي وانكماش الاستثمارات، ما يستدعي سياسات توازن بين متطلبات الاستقرار المالي وديناميكية النمو الاقتصادي المستدام، ومن هنا تبرز أهمية تبني سياسات مصرفية مرنة تتيح تنويع أدوات التمويل وتشجيع الاستثمار في قطاعات القيمة المضافة، ومع تعزيز الابتكار المالي وتوسيع نطاق القروض التنموية مخفضة التكلفة، بما يبقي الدورة الاقتصادية نشطة ويحافظ على استقرار السوق وثقة المستثمرين".

ومن وجهة نظر أماني الغافرية صاحبة مشروع "سحايب"، فإن الفوائد البنكية المرتفعة له من انعكاسات مباشرة على حياة الأفراد ونشاط الشركات، فعندما ترتفع الفوائد تتغير موازين السوق وتظهر آثارها سريعًا في مستويات المعيشة وحركة الاستثمار، فعلى مستوى الأفراد فإن الفائدة المرتفعة تعني زيادة كلفة القروض الشخصية والعقارية والتجارية، فكل نقطة مئوية إضافية في سعر الفائدة تترجم إلى زيادة في القسط الشهري الذي يتحمله المقترض، ومع ارتفاع الأقساط تتقلص القدرة الشرائية للمواطن ويبدأ بتقليص نفقاته لتغطية التزاماته البنكية، مما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق العام في السوق، وهذا الانخفاض ينعكس بدوره على الطلب على السلع والخدمات، فتتباطأ حركة السوق ويضعف النشاط التجاري بشكل عام، أما بالنسبة للشركات، فإن الفوائد البنكية المرتفعة تزيد من كلفة التمويل ويحد من خطط التوسع والاستثمار، خصوصًا تلك التي تعتمد على القروض في تشغيل مشاريعها أو تمويل توسعاتها، ومع زيادة كلفة الديون القائمة، تتآكل الأرباح وتنكمش هوامش الربح التشغيلية، كما أن تراجع إنفاق الأفراد يؤدي إلى انخفاض المبيعات، الأمر الذي يضطر معه بعض أصحاب الأعمال إلى تقليص العمالة أو خفض الإنتاج لتقليل الخسائر".

اماني الغافرية_1.jpg
 

وتضيف: "استمرار الفوائد المرتفعة لفترات طويلة يضع الاقتصاد أمام تحديات حقيقية، فقد يؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي يصعب تجاوزه بسهولة، فالأفراد يحدّون من إنفاقهم، والشركات تتردد في الاستثمار، والنتيجة تباطؤ في النمو العام، ولذلك فإن التوازن في السياسات النقدية أمر ضروري لتجنب هذه الآثار، وضمان بيئة اقتصادية مستقرة تحفّز على الإنتاج والإنفاق في آن واحد، ونناشد البنك المركزي بالتدخل لخفض الفوائد لكي تستمر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة".

وفي السياق، تحكي رائدة الأعمال جواهر بنت سيف بن عامر السعيدية، صاحبة مشروع "مشغل خياطة"، قصتها مع القروض قائلة: "تعرض مشروعي لتأثيرات كبيرة نتيجة تأخر صرف دفعات القرض المقدم من برنامج (جاهزية) لقد حصلت على القرض، إلا أنه لم يكن كافيًا لتغطية التكاليف الفعلية لتشغيل المشروع، وقد أدى التأخير في صرف الدفعات إلى تراكم المديونيات، بما فيها الإيجارات، والفواتير، ومستحقات الموردين، إضافة إلى خسائر مالية كبيرة لحقت بعدة فروع وإغلاقها، كما تسبب عدم الالتزام بخطة صرف الدفعات في استهلاك فترة السماح المحددة للقرض، دون أن أتمكن من تشغيل المشروع بالشكل المطلوب، وواجه المشروع عدة تحديات أخرى، أبرزها: ارتفاع مصاريف التشغيل (رواتب، إيجارات، خدمات الكهرباء والماء)، وانخفاض القوة الشرائية وعدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية، و تكاليف صيانة المعدات، وزيادة أسعار المواد الخام، مما أثر على التسعير وقبول الزبائن، إلى جانب انقطاعات في الكهرباء ونقص حاد في الأيدي العاملة، ونظرًا لما سبق، لم أتمكن من إطلاق المشروع رسميًا بالشكل المخطط له، وأصبح من الصعب الاستمرار دون حلول عاجلة، ناهيكم عن الفوائد المترتبة من قبل البنك والأضرار التي لحقت بي وعدم مراعاة البنك للعميل، بالعكس قاموا بتقديم شكوى ضدي عدت مرات بسبب تأخر بعض الدفعات والذي كان سببه الرئيسي هو البنك لعدم صرف المبالغ بوقت أسرع، لقد استغرق الأمر عاما لتجهيز المتطلبات ودراسة الأوراق، استغرق الأمر عاما فزادت الفوائد والخسائر".

جواهر السعيدية.jpg
 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة