الرؤية- سارة العبرية
شهدت أسعار الذهب العالمية موجة صعود متواصلة للأسبوع السابع على التوالي، مدفوعة بتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتنامي المخاوف من احتمال الإغلاق الحكومي وتأثيره على الاقتصاد الأمريكي؛ وهذا الارتفاع المُستمر أثار تساؤلات واسعة حول خلفياته الحقيقية ومدى انعكاساته المحتملة على السوق المحلي في سلطنة عُمان.
وقال محمد بن علي العريمي كاتب وصحفي اقتصادي، إن ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية يعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تراجع العوائد الحقيقية على السندات الأمريكية، وتوقعات خفض الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي وزيادة مشتريات البنوك المركزية، فضلًا عن تصاعد التوترات الجيوسياسية واستمرار قوة الطلب الصناعي والمجوهرات.
وأكد -في تصريحات لـ"الرؤية"- أن العلاقة بين الذهب والدولار الأمريكي تظل مهمة لكنها ليست العامل الوحيد في تحديد الأسعار؛ إذ تبقى أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة هي المحرك الأبرز، إلى جانب معدلات التضخم وسياسات البنوك المركزية العالمية.
وأوضح العريمي أن وصول سعر الذهب إلى أكثر من 49 ريالًا للجرام انعكس بوضوح على سوق المجوهرات المحلي في السلطنة؛ حيث أدى إلى ارتفاع أسعار الحُلي وتراجع الطلب الاستهلاكي، خصوصًا من الطبقة المتوسطة، مع تحول المشترين نحو السبائك والقطع الاستثمارية بدل الزينة التقليدية.
وفيما يتعلق بانعكاس هذا الارتفاع على احتياطيات الذهب لدى البنك المركزي العُماني، أكد العريمي أنه "في حال وجود مخصصات فعلية من الذهب، فإن القيمة الدفترية للاحتياطيات سترتفع"، مضيفًا أن ذلك قد يشجع على تعزيز حصة الذهب ضمن سلة الأصول الاحتياطية.
وبيّن أن الذهب يُعدّ اليوم ملاذًا آمنًا نسبيًا مقارنة بأدوات الاستثمار الأخرى مثل الأسهم والعقار والسندات، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة، لكنه شدد على أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية وعدم الاعتماد على الذهب وحده.
وعن توصياته للمستثمرين الأفراد في السلطنة، نصح العريمي بالاستثمار التدريجي على دفعات لتقليل مخاطر الشراء عند القمم، مع الاستعداد لتقلبات قصيرة الأمد في الأسعار، مضيفا أن من أهم المؤشرات التي يجب مراقبتها لمعرفة اتجاهات أسعار الذهب عالميًا ومحليًا هي: أسعار الفائدة الأميركية، العوائد الحقيقية، مؤشر الدولار، توقعات التضخم، قرارات البنوك المركزية، والظروف الجيوسياسية.
وأشار إلى أن استمرار ارتفاع الذهب قد يغير أنماط الادخار والاستثمار لدى الأفراد في السلطنة، عبر زيادة الإقبال على الذهب على حساب العقارات أو الحسابات البنكية، مؤكدا أن الترجيحات تُميل إلى استمرار الاتجاه الصعودي للذهب خلال السنوات المُقبلة، بدعم من خفض الفائدة وتراجع الدولار، لكنه لم يستبعد حدوث تصحيحات مؤقتة في حال صدور بيانات اقتصادية قوية من الولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير Economic Times ، السبت، صعد سعر الذهب الفوري بمقدار 0.1% إلى حوالي 3861 دولار للأونصة، بعد أن سجل سعرا قياسيا عند 3896.49 دولار يوم الخميس الماضي.
ويتوقع بنك HSBC أن الذهب قد يتداول فوق 4,000 دولار للأونصة على المدى القريب، مدعومًا بالتوترات الجيوسياسية، حالة عدم اليقين المالي، ومخاوف حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وأن الأسواق تراقب أيضًا تأكيدات على أن الشراء من البنوك المركزية والمؤسسات سيستمر في دعم الذهب على مدى 2025-2026.