◄ الخالدي: التوجيهات السامية تُمثل مرحلة انتقالية من التحول الرقمي إلى الاقتصاد الرقمي
◄ الشعيلي: تضافر الجهود الوطنية يُعزز مكانة السلطنة كمركز إقليمي للابتكار التقني
◄ المعمري: المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز مهارات الكفاءات البشرية وتطوير التشريعات
الرؤية- سارة العبرية
أكد عددٌ من المختصين في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أنّ سلطنة عُمان تمضي بخطى متسارعة نحو تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في مجال التقنيات المتقدمة، مستندة إلى رؤية طموحة ترتكز على مستهدفات رؤية "عُمان 2040". وبيّنوا -في تصريحات لـ"الرؤية"- أنّ ما تحقق خلال الأعوام الأخيرة يعكس التزام الدولة بتبني أحدث الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي، سواء عبر رقمنة الخدمات الحكومية أو إطلاق المبادرات الوطنية والمشاريع الاستراتيجية التي تعزز كفاءة العمل الحكومي وتدعم تنافسية الاقتصاد الوطني.
وأكدّ مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير برئاسة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أهمية تعاون كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة لتحقيق مستهدفات البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي وبرامجه التنفيذية، والعمل على رفع الجاهزية الاستثمارية والتقنية والبشرية والتشريعية وتذليل العقبات التي تواجه البرنامج ومشاريع الذكاء الاصطناعي خلال الفترة المقبلة، وذلك في إطار استعراض ما حققه برنامج التحول الرقمي الحكومي (2021- 2025) والذي شهد تدشين البوابة الوطنية الموحدة للخدمات، وإصدار لائحة تنظيم التحول الرقمي الحكومي.
وقال صالح بن عبيد الخالدي مستشار وقيادي في قطاع التقنية والاتصالات، "هذه التوجيهات تُمثل خريطة طريق واضحة للتحول الرقمي في سلطنة عُمان، وهي ليست مجرد شعارات؛ بل مبنية على إنجازات ملموسة منها رقمنة 74% من الخدمات الحكومية خلال فترة قصيرة، وتدشين البوابة الوطنية الموحدة للخدمات التي تختصر الوقت والجهد للمواطن والمقيم، ثم تعزيز حضور السلطنة كمركز إقليمي لمراكز البيانات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وكذلك التقدم إلى المرتبة 45 عالميًا والخامسة إقليميًا في مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي".
ويرى الخالدي أن القيمة الحقيقية تكمن في تكامل الجهود الحكومية، إذ إن المرحلة القادمة ليست تقنية فقط، وإنما إدارية وتشريعية أيضًا، مؤكدا ضرورة التركيز على الاستثمار ورفع الجاهزية الاستثمارية والتقنية والبشرية بما يفتح المجال لشراكات محلية ودولية ويجعل عُمان بيئة جاذبة للشركات الناشئة والعمالقة الرقميين، إلى جانب تحقيق التوازن بين التقنية والتنظيم حيث إن وجود اللائحة التنظيمية للتحول الرقمي يضمن أن التطور يسير وفق قواعد واضحة، ويمنع العشوائية أو تضارب الاختصاصات، إضافة إلى البعد البشري فإن التوجيهات لم تقتصر على التقنية وأكدت كذلك على بناء القدرات البشرية مما يعكس رؤية مستدامة".
وأكدّ الخالدي أن التوجيهات السامية تُمثل مرحلة انتقالية من التحول الرقمي إلى الاقتصاد الرقمي؛ أي الانتقال من رقمنة الخدمات فقط إلى تحويلها إلى قيمة اقتصادية تساهم في الناتج المحلي الإجمالي، وتفتح آفاقًا جديدة للوظائف والاستثمار".
بدوره، قال الدكتور سالم بن حميد الشعيلي مدير مشاريع الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بالمركز الوطني للفضاء والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة: "لقد اعتمد مجلس الوزراء الموقر برئاسة حضرة صاحب الجلالة -أعزه الله- البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة، بهدف تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040 وتعزيز مكانة السلطنة كمركز إقليمي للابتكار التقني، وهي خطوة تعكس التزام سلطنة عُمان برؤية مستقبلية طموحة".
وبيّن الشعيلي أن السلطنة حققت إنجازًا ملحوظًا بتقدمها لتصبح من بين أفضل 45 دولة عالميًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، وفقًا لتصنيف "أوكسفورد إنسايت"، مشيرا إلى أن وزارة الاقتصاد أطلقت مُبادرات لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الحكومية والمحافظات؛ حيث خصصت 10 ملايين ريال في عام 2023 و15 مليون ريال عُماني في 2024.
وذكر الدكتور سالم الشعيلي: "كان معرض كومكس 2025 منصة لاستعراض العديد من الخدمات الحكومية المعززة بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب حلول القطاع الخاص ومبادراته في هذا المجال، وتم تدشين عدد من المشاريع البارزة، من بينها النموذج اللغوي العُماني معين المخصص في مرحلته الأولى لموظفي القطاع الحكومي والمعتمد على بيانات عُمانية رسمية، كما تم تدشين مركز استوديو الذكاء الاصطناعي لتقديم الاستشارات وجمع مقدمي ومتلقي الخدمات، والمنصة الوطنية للبيانات الحكومية المفتوحة، ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل أُعلن عن تخصيص منطقة للذكاء الاصطناعي تحتضن الشركات الناشئة في هذا المجال، إلى جانب الإعلان عن تحالفات وشراكات تهدف إلى تعزيز الاستدامة في قطاع الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ذلك تم الإعلان في معرض كومكس عن مشروع المثلث الرقمي، وهو مبادرة تهدف إلى جعل السلطنة مركزًا عالميًا للبيانات، مما يعزز دور عُمان كوجهة إقليمية ودولية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي".
وأشاد الشعيلي بالجهود المبذولة والمشاريع التي تؤكد التزام السلطنة بتعزيز البيئة الرقمية ودعم الابتكار بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040" ويضعها على خارطة الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا.
وفي السياق، أكدّ يعرب بن علي المعمري خبير متخصص في الذكاء الاصطناعي، أن الذكاء الاصطناعي يمثل أحد أهم ركائز التحول الرقمي في سلطنة عُمان، وتسعى من خلاله السلطنة إلى توظيف هذه التقنيات المتقدمة لدعم كفاءة وتجويد عمل القطاعات الحكومية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، لافتا إلى أن السلطنة تبني مجموعة من المشاريع الطموحة في هذا المجال، بدءًا من رقمنة الخدمات المعتمدة على الخوارزميات الذكية، وصولًا إلى العمل على جعل عُمان مركزًا إقليميًا لمعالجة البيانات وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي، وهذا سينعكس بكل تأكيد على مكانة السلطنة في المؤشرات العالمية بعد تحقيقها المرتبة (45) عالميًا و(5) إقليميًا في مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي، كما أنه سيكون بمثابة إنجاز يعكس الرؤية الواضحة والالتزام الجاد في الاستثمار بالتقنيات الحديثة".
ولفت المعمري إلى أن التحدي الأكبر يكمن في المرحلة المُقبلة من خلال تعزيز القدرات الوطنية عبر تطوير الكفاءات البشرية القادرة على تصميم وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي، إلى جانب استكمال بناء بيئة تشريعية وتنظيمية مرنة تستوعب الابتكارات المتسارعة، مضيفا: "كما أن تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع سُيسهم في خلق فرص عمل نوعية وتحفيز منظومة البحث والتطوير، وبالتالي تعزيز مكانة عُمان كمحور رئيسي للمعرفة والابتكار في المنطقة".