علي بن سهيل المعشني
في مشهدٍ وطنيٍ مهيبٍ يترجم أسمى معاني التلاحم بين القائد وشعبه، وتجسيدًا حيًا للقيادة الحكيمة والرؤية الثاقبة، تفضل حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السلطان هيثم بن طارق المعظم، القائد الأعلى -حفظه الله ورعاه- بزيارةٍ تاريخيةٍ ذات دلالاتٍ استراتيجيةٍ عميقةٍ إلى قيادة قوات الفرق بالجيش السلطاني العُماني.
لقد كانت هذه الزيارة الكريمة من لدن جلالة القائد الأعلى- حفظه الله ورعاه- حدثًا استثنائيًا يرسخ مكانة هذه القوات الباسلة في الوجدان العُماني، ويؤكد على الرعاية السامية المتواصلة التي تحظى بها من لدن جلالته. لقد تُوِّجَت هذه الزيارة بافتتاح المقر الجديد والحديث لقوات الفرق، في رسالةٍ واضحةٍ وقويةٍ بأن هذه القوات، التي انبثقت من رحم التحديات لتكون ركيزةً أساسيةً للأمن والسلم الاجتماعي في ظفار، ماضيةٌ بعزيمةٍ لا تلين في أداء واجبها الوطني المقدس بكل اقتدار وكفاءة، ومستعدةٌ لمواجهة كافة التحديات التي قد تعترض مسيرة التنمية والازدهار في ربوع الوطن الغالي.
لقد كان لوقع هذه الزيارة السامية أثرٌ بالغٌ وعميقٌ في نفوس جميع منتسبي قوات الفرق الوطنية، من قادة وضباط وجنود، على اختلاف رتبهم ومواقعهم؛ ففي خضم واجباتهم اليومية وتحدياتهم المستمرة، جاءت هذه الزيارة لتكون بمثابة دفعةٍ معنويةٍ هائلة، تنعش فيهم روح الفخر بالانتماء لهذا الوطن ولقيادته الحكيمة، وتجدد فيهم العزيمة والإصرار على مواصلة مسيرة العطاء والولاء. إن اهتمام جلالته الشخصي وحرصه البالغ على افتتاح المقر الجديد لقيادة هذه القوات، والذي تم تجهيزه بأحدث التقنيات والمرافق المتطورة، هو تقديرٌ سلطانيٌ لا يُضاهى لجهودهم المخلصة وتضحياتهم الجليلة. هذا الصرح الجديد لا يمثل فقط مقرًا إداريًا حديثًا؛ بل يرمز إلى مرحلة جديدة من التطور والتحديث لهذه القوات، بشكل أكثر احترافية وفعالية في المنظومة الدفاعية الشاملة للوطن، مما يعكس إدراكًا عميقًا للدور المحوري الذي تلعبه، في صون الأمن والاستقرار، ويؤكد على أن تضحياتهم ليست محل نسيان، بل هي محفورةٌ في ذاكرة الوطن ووجدان القيادة، وستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
الزيارة الكريمة تحمل في طياتها دلالات رمزية عميقة، وهي رسالةٌ واضحةٌ لا لبس فيها بأن القائد الأعلى هو واحدٌ منهم، يشاركهم فخرهم، ويعتز بشعارهم، ويقف إلى جانبهم في كل الظروف، مؤكدًا على أن القيادة والشعب جسدٌ واحدٌ في خدمة الوطن. هذه اللفتة الإنسانية العميقة تعزز من الروابط المتينة بين القيادة والشعب، وتؤكد على أن الجميع في عُمان، من أعلى هرم السلطة إلى كل مواطن على هذه الأرض الطيبة، يعملون يدًا بيد من أجل رفعة الوطن وتقدمه، وأن هذه الوحدة هي سر قوة عُمان ومنعتها.
صدى الزيارة تجلى في قلوب أبناء ظفار وأُسر الفرق الوطنية؛ إذ لم يقتصر الأثر المعنوي لهذه الزيارة التاريخية على منتسبي قوات الفرق فحسب؛ بل امتد صداه ليرن في قلوب جميع أبناء ظفار الأوفياء، الذين يكنون كل الحب والولاء لوطنهم وقيادتهم. لقد شعر أبناء المحافظة، وخاصةً أسر رجال قوات الفرق البواسل، بفخرٍ لا يوصف وهم يشاهدون قائدهم الأعلى يكرم أبناءهم ويحتفي بهم بهذه الطريقة المهيبة.
لقد أعادت هذه الزيارة إلى الأذهان قصص التضحية والفداء التي سطرها الآباء والأجداد في سبيل عُمان، وأكدت للأجيال الجديدة أن دورهم ومكانتهم في بناء الوطن وحمايته محفوظةٌ ومقدرةٌ في ظل القيادة الحكيمة.
إنها لحظةٌ تاريخيةٌ عززت من الانتماء الوطني وروح الوحدة بين جميع مكونات المجتمع العُماني، وأكدت أن قوات الفرق ليست مجرد قوة عسكرية؛ بل هي نسيج اجتماعي متكامل، يساهم في التنمية والاستقرار ويعزز من قيم المواطنة الصالحة، ويؤكد على أن أبناء ظفار هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني العُماني.
كما أن مشاهدة جلالة السلطان المعظم لتمرينٍ عسكري في ذلك اليوم، كان له دلالةٌ قاطعةٌ على حرص جلالته الشديد على أن تظل قوات الفرق على أعلى درجات الجاهزية القتالية والكفاءة العملياتية. هذا التمرين لم يكن مجرد استعراضٍ للقوة والتدريب؛ بل كان تأكيدًا على الاستعداد الدائم لهذه القوات لمواجهة أي تحديات قد تهدد أمن الوطن واستقراره، وحماية مكتسباته التنموية. إنها رسالةٌ واضحةٌ بأن هذه القوات ستبقى، بإذن الله، قوةً ضاربةً وسدًا منيعًا يساهم بفاعلية في منظومة الدفاع الوطني الشاملة، ويواصل دوره المحوري كصمام أمنٍ للسلم الاجتماعي والتنمية المستدامة.
هذه الزيارة تؤكد على أن بناء الأوطان يتطلب تضافر جهود الجميع، وأن كل مواطن هو جنديٌ في موقعه، يساهم في رفعة الوطن وتقدمه. إنها دعوةٌ للجميع للعمل بإخلاص وتفانٍ، والمحافظة على المكتسبات التي تحققت، والمساهمة الفاعلة في تحقيق رؤية "عُمان 2040"، التي تهدف إلى بناء مستقبلٍ مشرقٍ ومزدهرٍ لجميع أبناء الوطن.
وأخيرًا.. الزيارة السامية الكريمة تمثل اعترافًا بالدور المحوري الذي لعبته هذه القوات في صون وحدة عُمان واستقرارها، وتؤكد على أن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين، وأن تضحياتهم ستظل خالدةً في وجدان الأمة، ومنارةً تضيء دروب الأجيال القادمة نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا وازدهارًا.