◄ العامري: عُمان تسعى لتصبح مركزًا عالميًا رائدًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر
◄ تسليط الضوء على فرص القيمة المحلية المضافة في مشاريع الطاقة المتجددة
الرؤية- ريم الحامدية
نظمت الجمعية الاقتصادية العُمانية مساء الاثنين المجلس الاقتصادي الـ27 حول التحول الطاقي في سلطنة عُمان للانتقال من الغاز إلى الطاقة المتجددة بمبنى الشركة العُمانية للاتصالات "عُمانتل"؛ وذلك تحت رعاية سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، بحضور عدد من المكرمين أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، ومشاركة خبراء في مجال اقتصاديات الطاقة والطاقة المتجددة، وجمع من الإعلاميين والاقتصاديين.
وقال الدكتور خالد بن سعيد العامري رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العُمانية في مستهل افتتاح ندوة المجلس الاقتصادي إن الحديث عن الطاقة لم يعد مجرد نقاش فني أو اقتصادي؛ بل أصبح محورًا أساسيًا يحدد مستقبل الدول ومسار اقتصاداتها، وسلطنة عُمان، بفضل رؤية قيادتها الحكيمة، تسطر فصلًا جديدًا في هذا المسار، تنتقل فيه بثبات من الاعتماد على الغاز إلى آفاق الطاقة المتجددة؛ إذ يمثل قطاع الطاقة عصب الاقتصاد ومحركًا أساسيًا للتنمية التي تشهدها سلطنة عُمان، إذ يتم الاعتماد بشكل كبير على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث يسهم بما يقارب 60% من إجمالي الإنتاج، وهذا الاعتماد على الغاز الطبيعي ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة للوفرة النسبية لهذا المورد في البلاد، مما أسهم في تلبية احتياجاتنا المتزايدة من الطاقة ودعم النمو الصناعي والاقتصادي، والاكتفاء بمصدر واحد، مهما كان قويًا، يضعنا أمام تحديات لا يمكن تجاهلها.
وأشار إلى إن الاعتماد المُفرِط على الغاز الطبيعي يطرح تحديات متعددة بينها التقلبات السعرية؛ إذ ربط اقتصادنا وميزانيتنا بأسعار الغاز العالمية يجعلنا عرضة لتقلبات السوق الدولية، مما قد يؤثر على استقرارنا المالي، كما أن الاستهلاك المتزايد مع تزايد الطلب على الطاقة لتلبية متطلبات النمو السكاني والصناعي، ربما يجعل الغاز وحده غير كافيًا لتغطية كافة احتياجاتنا المستقبلية، بالإضافة إلى الاستدامة البيئية ورغم أن الغاز الطبيعي يعد أقل تلويثًا من مصادر الطاقة الأحفورية الأخرى، إلا أن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة يمثل خطوة مهمة وضرورية نحو تحقيق أهداف سلطنة عُمان البيئية. وأشار العامري إلى أن زيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 30% من إجمالي مزيج الطاقة بحلول عام 2030، ليس مجرد رقم؛ بل هو التزام وطني يعكس أهمية الاستدامة البيئية والأمن الطاقي على المدى الطويل، وتتجاوز طموحات سلطنة عُمان حدود الاعتماد المحلي، لتصل إلى العالمية، فبفضل موقعها الاستراتيجي، ومواردها الطبيعية الهائلة من الشمس والرياح، تسعى سلطنة عُمان لتصبح مركزًا عالميًا رائدًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، وهو واقع يجري العمل على تحقيقه من خلال إطلاق مشاريع عملاقة.
وأكد العامري أن التحوُّل الطاقي ليس مجرد خيار بيئي، وإنما استثمار استراتيجي يفتح آفاقًا اقتصادية واعدة لسلطنة عُمان، ويمثل ركيزة أساسية لتحقيق النمو المستدام، ويجلب معه فوائد اقتصادية مباشرة وبعيدة المدى، بينها تنويع مصادر الدخل والأمن الطاقي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة، وتحقيق التزامات الاستدامة. وبيَّن العامري إن مسيرة التحول الطاقي في سلطنة عُمان ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية وطنية مشتركة، تتطلب منا جميعًا، حكومة وقطاعًا خاصًا وأفرادًا، العمل معًا بروح الفريق الواحد، لتحقيق هذا التحول بشكل متكامل ومتدرج.
وشارك في ندوة المجلس الاقتصادي الدكتور عبدالله بن سليمان العبري نائب رئيس الاستدامة في ميناء صحار والمنطقة الحرة، والمهندس حمد بن محمد الوهيبي نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العُمانية والخبير في اقتصاديات الطاقة، والمهندس عبدالله بن ناصر السعيدي الرئيس التنفيذي لشركة "AB ENERGY".
وتطرق المشاركون إلى الاستراتيجيات والسياسات الوطنية والوضع الراهن لمصادر الطاقة في سلطنة عُمان، كما تم التطرق إلى مزيج الطاقة الحالي ودور الغاز في توليد الكهرباء مقارنة بالمصادر المتجددة، ومستهدفات سلطنة عُمان في التحول الطاقي، خاصة تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وكذلك الربط بين التحول الطاقي وأهداف رؤية "عُمان 2040" في تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى المزايا التنافسية التي تمتلكها سلطنة عُمان كالموقع الجغرافي، وسرعة الرياح، ووفرة الشمس، والتي تؤهلها لتكون مركزًا عالميًا للطاقة المتجددة، وأبرز التشريعات والمبادرات الحكومية لدعم وتشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة مثل التوليد الذاتي، البيع المباشر، وتمرير الكهرباء، وأثر هذه السياسات في تحفيز استثمارات القطاع الخاص وجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
واستعرض المشاركون أبرز مشاريع الطاقة المتجددة مثل محطات منح وعبري للطاقة الشمسية ومحطة ظفار لطاقة الرياح، والقدرة الإنتاجية وحجم الاستثمارات وأهمية كل مشروع في مزيج الطاقة الوطني، بالإضافة إلى المشاريع المستقبلية المخطط لها في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وحجم الاستثمارات فيها، وكذلك الجهود المبذولة لتحديث وتطوير شبكة الكهرباء الوطنية لاستيعاب الزيادة في إنتاج الطاقة المتجددة، وأهمية مشروع الربط بين شبكتي الكهرباء في شمال وجنوب سلطنة عُمان وأثره على كفاءة إدارة الطاقة وتوزيعها.
وتطرق المتحدثون في الندوة إلى التحديات المتعلقة بتكلفة التحول من الغاز إلى الطاقة المتجددة، وآليات معالجتها، ودور صندوق تحول الطاقة في تمويل هذه المشاريع وتجاوز التحديات المالية، وأهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تسريع المشاريع، بالإضافة إلى آليات التعامل مع تقلبات إنتاج الطاقة الشمسية والرياح وتأثيرها على استقرار الشبكة، وخطط اعتماد تقنيات تخزين الطاقة كحل لهذه التحديات، والتقنيات الجديدة لخفض التكلفة التشغيلية.
واستعرض المشاركون في ختام الندوة فرص القيمة المحلية المضافة في مشاريع الطاقة المتجددة، وأهمية توطين الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، وكذلك توفير الغاز واستغلاله تجاريًا.