◄ مناقشة الدور التاريخي لصلالة كحاضرة علمية في المحافظة
◄ تسليط الضوء على طريق الحج الظفاري والتطور الاقتصادي والنشاط الملاحي
◄ الرحالة الأجانب يوثقون ملامح المجتمع الظفاري
◄ التأكيد على دور موانئ ظفار في النشاط التجاري للمحيط الهندي
◄ توصيات بتعزيز السياحة البيئية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة
الرؤية- مدرين المكتومية
تختتم، اليوم الثلاثاء، أعمال ندوة "ظفار في ذاكرة التاريخ العُماني" التي تُنظمها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع محافظة ظفار، وسط حضور واسع من الباحثين والأكاديميين والهتمين بالشأن التاريخي.
وشهدت جلسات اليوم الثاني تقديم 15 ورقة بحثية ألقت الضوء على الجوانب المتنوعة من تاريخ محافظة ظفار، بما في ذلك المسارات الدينية والاجتماعية، والتحديات البيئية، والتطورات الاقتصادية، والنشاط البحري والملاحي، ودور الموانئ الظفارية في التجارة الإقليمية والدولية.
طريق الحج الظفاري
وافتتحت الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور سليمان المحذوري، بالورقة الأولى بعنوان "طريق الحج الظفاري والعادات المرتبطة به" قدمه الدكتور صالح بن سعيد الحوسني، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، لتسليط الضوء على طريق الحج الظفاري البري منها والبحري، ورصد المحطات التي يقف فيها الحجاج في تلك الطرق، وإبراز الجوانب الجغرافية والاجتماعية، والثقافية التي لها أثرها البالغ في تلك المسارات، وبيان العادات والتقاليد والأعراف التي تصاحب هذه الرحلات عادة بداية من الاستعداد لها وحتى نهايتها، إذ تكمن أهمية الدراسة في توثيق الطرق المستخدمة إلى الحج، مما يضيف لبنة جديدة في البناء المعرفي لطرق الحج القديمة إلى مكة المكرمة، بيان مدى تفاعل أهل ظفار مع تلك الطرق والمحطات، واستعداد تلك القوافل لتلك الرحلات الطويلة، توضيح الجوانب الحضارية والثقافية التي نشأت عن تلك الرحلات.
الظواهر الطبيعية
وناقش الدكتور علي بن سعيد البلوشي من جامعة السلطان قابوس، في ورقته "التكيف والاستدامة للظواهر الطبيعية في ظفار" حيث تناولت هذه الدراسة استدامة الظواهر الطبيعية التي فرضها الموقع الجغرافي لمحافظة ظفار، مشيرا إلى إن الهدف الرئيسي للدراسة هو الكشف عن أهم الظواهر الطبيعية في محافظة الناتجة عن الموقع الجغرافي وكيفية استدامتها لمجابهة التسارع في التغيرات التي تفرضها عمليات التنمية والتغير المناخي، إذ تبرز أهمية الدراسة من خلال تحري دور الموقع الجغرافي في إبراز المخاطر، وتوقع آثارها على المجتمعات البشرية في محافظة ظفار وطرق الاستجابة والتكيف والتخفيف واستدامة الممارسات الموجهة للحد من آثارها.
التطور الاقتصادي
وقدمت نجلاء بنت خلفان المانعية معلمة دراسات اجتماعية، في الورقة الثالثة بعنوان "التطور الاقتصادي في ظفار (1906–1950م)" قائلة: "شهد اقتصاد ظفار تطورًا ملحوظًا خلال الفترة من 1906 إلى 1950م، كما أوضحت الوثائق والتقارير البريطانية، خاصة في المجالات الزراعية والصناعية والتنقيب عن الثروات الطبيعية. فقد أشار التقرير الذي أعده بريان جوزيف هاتلي إلى التطور الكبير في النشاط الزراعي، مدعومًا بصور توضح الإمدادات المائية، وبساتين النخيل والزيتون.
وأكد المستشار الجيولوجي السير سيريل سانكي في تقريره على الاهتمام المتزايد بعمليات التنقيب عن المعادن في المنطقة، إذ تكمن أهمية هذه الدراسة في تسليط الضوء على الأنشطة الاقتصادية في ظفار خلال الفترة من 1906 إلى 1950م، مع التركيز على الزراعة والصناعة والتعدين، كما توضح الدراسة أبرز الموارد الزراعية والصناعية والمعدنية في المنطقة، إضافة إلى مدى الاهتمام الذي حظيت به هذه القطاعات لتنميتها وتطويرها.
النشاط البحري
وركز الشيخ حمود بن حمد الغيلاني على "الملاحة البحرية وصناعة السفن في ظفار"، مبينا: "مارس العُمانيون من أبناء محافظة ظفار الملاحة البحرية وصناعة السفن عبر مسارهم الحضاري، وتؤكد الدراسات نشاطهم البحري وخبراتهم المتراكمة في صناعة السفن، ونشاطهم البحري التجاري البارز خاصة تجارة اللبان والخيول عبر موانئ مرباط، وطاقة، وريسوت وغيرها من الموانئ، وتشير إلى تواصلهم الحضاري مع حضارات العالم القديم والحديث، وتهدف هذه الدراسة إلى القاء الضوء على تاريخ النشاط الملاحي وصناعة السفن في محافظة ظفار، ومراحل تطورها ونشاطهم التجاري مع مختلف الدول، وأهم الموانئ في محافظة ظفار، والتعريف بالنواخذة وصنّاع السفن في المحافظة، تتمثل أهمية الدراسة في إبراز والتعريف بالدور الملاحي والنشاط التجاري البحري لمحافظة ظفار.
علاقات تجارية
واختتمت الجلسة الأولى بالورقة الخامسة بعنوان "دور موانئ ظفار في النشاط التجاري للمحيط الهندي (القرن 19 – منتصف القرن 20)" لأحمد بن خلفان الشبلي، وزارة التربية والتعليم، حيث قال: استطاعت ظفار التفاعل إيجابا مع محيطها الجغرافي في جوانب عدة، وكان النشاط التجاري أبرزها. فقد زودتنا المصادر التاريخية بوجود علاقات تجارية مع مصر وبلاد الشام قبل الميلاد، وفي فترة ما بعد الميلاد، أطلعتنا المصادر، ككتاب "الطواف حول البحر الإريتيري" بمعلومات ثرية حول نشاط موانئ ظفار، وبظهور الإسلام نشطت التجارة عبر موانئ ظفار بشكل كبير، واستمر ذلك حتى ظهور البرتغاليين في القرن 16، وبعد طردهم بواسطة اليعاربة من منطقة شمال المحيط الهندي إلى موزمبيق جنوبا، وقيام دول البوسعيد، ازدهرت ظفار تجاريا، حيث مكنها ذلك لتكون نقطة مهمة في النشاط الملاحي الرابط بين موانئ شمال المحيط الهندي وجنوبه، وتهدف الدراسة إلى: التعرف على أبرز موانئ ظفار في القرنين 19 وحتى منتصف القرن 20، ودورها التجاري، والتعرف على ممارسي التجارة البحرية في ظفار وأبرز السلع المصدرة والمستوردة، وتكمن أهميها في توثيق النشاط التجاري لظفار خلال الفترة من القرن 19 وحتى منتصف القرن 20، الاستفادة من وثائق مكتب وزارة الهند البريطانية (1763_1953(IOR/X) والخاصة بنشاط موانئ ظفار التجاري، وتوضيح الأهمية التاريخية للبيانات الواردة في سجلات ومكاتبات تجار ظفار ومسؤولي الجمارك في تلك الفترة.
الجلسة الثانية
استهلت الجلسة الثانية بورقة للباحثة إلهام بنت عوض أوسنجلي من المديرية العامة للتربية والتعليم، بعنوان "السياحة البيئية في محافظة ظفار نحو التنمية المستدامة"، موضحة: السياحة البيئية هي نمط من السياحة يركز على زيارة المناطق الطبيعية بطريقة مسؤولة، بهدف الاستمتاع بجمالها والحفاظ عليها، مع تحقيق فوائد اقتصادية للمجتمعات المحلية، ويُعَد هذا النوع من السياحة جزءاً من مفهوم السياحة المستدامة، الذي يسعى إلى تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، وتهدف هذا الدراسة إلى استكشاف كيفية مساهمة السياحة البيئية في محافظة ظفار في تحقيق التنمية المستدامة، إذ تعد ظفار بمواقعها الطبيعية الخلابة وتنوعها البيئي، وجهة مثالية لتطوير هذا النوع من السياحة الذي يوازن بين الاستمتاع بالطبيعة والحفاظ عليها.
وأضافت: "تكمن أهمية هذه الدراسة من الحاجة إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة في محافظة ظفار، وذلك من خلال: تسليط الضوء على الإمكانات البيئية والسياحية غير المستغلة في المحافظة، تقديم توصيات لتعزيز السياحة البيئية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، ودعم صانعي القرار في وضع سياسات تدعم السياحة البيئية المستدامة".
تنوع جغرافي
وفي الورقة الثانية، ناقشت الدكتورة هيفاء بنت أحمد المعمرية من وزارة التربية والتعليم، "الحياة الاجتماعية في ظفار من خلال كتابي: جنوبي جزيرة العرب (1894-1895) لثيودر بنت والبلاد السعيدة لبرترام توماس (1930-1928)" قائلة: تعد ظفار جزءًا من جنوب عُمان، وهي معروفة بتنوعها الجغرافي والثقافي، وفي هذا البحث، سنعرض الحياة الاجتماعية في ظفار من خلال مقارنة بين كتابين مهمين: الأول هو جنوبي جزيرة العرب للباحث ثيودر بنت، والثاني هو البلاد السعيدة لبرترام توماس، حيث إن دراسة الحياة الاجتماعية في ظفار من خلال كتب الرحالة تعد أحد الطرق المهمة لفهم التاريخ الثقافي والاجتماعي لهذه المنطقة فهي تقدم وصفا مباشرًا لحياة المجتمع في فترات تاريخية معينة، وتهدف الدراسة إلى مقارنة ما دُون في كتابي الرحالة من تتبع تطور الحياة الاجتماعية في ظفار من خلال رصد التغييرات التي طرأت على أسلوب الحياة في المنطقة، كما تسلط الضوء على العادات والتقاليد المحلية والممارسات الدينية في ظفار، إلى جانب تحليل تأثير الجغرافيا على الحياة الاجتماعية في تلك الحُقب الزمنية، حيث تكمن أهمية الدراسة في أنها تتيح لنا تصورًا أكثر شمولية ودقة لحياة ظفار الاجتماعية، من خلال الجمع بين الأبعاد المختلفة التي يعرضها الكتابان، كما تقدم فهم أعمق لتاريخ المنطقة وتفاعلاتها مع العالم الخارجي، وفحص دقة المعلومات من خلال دراسة الفروق في التفاصيل بين الكتابين.
الوثائق الخاصة
أما الباحث نبيل بن ماجد العبري من وزارة التربية والتعليم، فقد قدّم الورقة العلمية "الوثائق الخاصة مصدرًا لتاريخ الحياة الاجتماعية والثقافية في ظفار (7 – 14ه / 13 – 20م)" حيث تتناول الورقة البحثية أهمية الوثائق الخاصة في رصد التاريخ الاجتماعي والثقافي في محافظة ظفار، ويأتي اختيار الوصايا والوثائق الوقفية أُنموذجًا؛ نظرًا لدورها الذي لم يقتصر في الحفاظ على أصول الوقف فحسب، بل في الكشف عن أحد جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية في ظفار، كما تعد هذه الوثائق سجلا أيضًا لواقع واحتياجات المجتمع الذي يعكس القيم والتماسك والتكافل الاجتماعي، كما تحوي وصفًا دقيقًا للأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالوقف، وتُعَدُّ وثائقُ الوقف مصدرًا مُهِمًّا لدراسة التركيبة السكانية التي تساعد في تحليل التغيرات الديموغرافية في المنطقة ضِمْنَ البُعد الزمني للورقة البحثية.
مواقع التراث العالمي
وجاءت ورقة الدكتور يونس بن جميل النعماني من اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، بعنوان: "إدارة مواقع التراث العالمي في سلطنة عُمان"، لافتا إلى تأخر ظهور المؤسسات الصحية الحديثة في عُمان بشكل عام وظفار بشكل خاص إلى سبعينيات القرن العشرين، وعلى الرغم من ذلك قامت بعض الجهات الأجنبية كالوكالة السياسية البريطانية، والإرسالية الأمريكية العربية بإنشاء عدد من المؤسسات الصحية في كل من مسقط ومطرح لتقديم الخدمات الطبية لرعاياها، مثل مستشفى مسقط الخيري 1908م، ومستشفيًا مسقط ومطرح خلال الفترة 1893-1972م، وفي ظفار كان الوضع مماثلاً لباقي مناطق عُمان ، ولكن هذا الوضع تغير مع قدوم كل من الدكتور ستورم في عام 1932م إلى ظفار، والفريق الطبي للدكتور ويلز طومس إلى هناك أواخر 1950م، وقد تكللت هذه الخدمات الصحية الحكومية مع إنشاء مستشفى صلالة في عام 1972م، وغيره من المستشفيات، حيث تهدف هذه الدراسة إلى وصف طبيعة الأوضاع الصحية في ظفار في النصف الأول من القرن العشرين، واستعراض أهم الخدمات الصحية في سبعينيات القرن العشرين.
أرض اللبان
واختتمت الجلسة بورقة للباحث علي بن سالم الكثيري من المديرية العامة للتراث والسياحة، بعنوان "مواقع أرض اللبان" استعرض فيها القيمة العالمية الاستثنائية لمواقع أرض اللبان المُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وأبرزت الورقة المواقع الأربعة: البليد، خور روري (سمهرم)، وبار (شصر)، ومحمية وادي دوكة، باعتبارها شواهد حية على تجارة اللبان القديمة التي ربطت عُمان بالعالم، كما تطرقت إلى الجهود المبذولة في حماية هذا الإرث العريق، وتعزيز الوعي العالمي بمكانة سلطنة عُمان في التاريخ الإنساني.
الجلسة الثالثة
واختُتم اليوم الثاني من أعمال الندوة بالجلسة الثالثة التي ترأّسها الدكتور عامر بن أزاد الكثيري، وشهدت تقديم مجموعة من الأوراق البحثية التي ألقت الضوء على تاريخ محافظة ظفار وأبعادها الحضارية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، حيث استُهلّت الجلسة بورقة للدكتور ياسر مصطفى عبد الوهاب بعنوان "حضارة ظفار في عيون الرحالة الأجانب أواخر العصور الوسطى"، ركّزت على ما سجّله كبار الرحالة مثل ماركو بولو وابن بطوطة وتشينغ خه وغيرهم حول موقع ظفار الاستراتيجي، وعادات أهلها وتقاليدهم، وما شكّلته تلك التدوينات من مصادر تاريخية أصيلة تعكس ملامح الحياة في أواخر العصور الوسطى، وقد اعتمدت الدراسة على منهج مقارن يسعى لمناقشة الإشكاليات المرتبطة بتجارة الجزية مع الصين، في ضوء شهادات المبشرين والرحالة.
الرحَّالة الأجانب
وقدّمت أميرة بنت سليمان الحارثية ورقتها بعنوان "المجتمع الظفاري والجوانب الاقتصادية من خلال نماذج من كتابات وتقارير الرحالة الأجانب في القرنين التاسع عشر والعشرين"، إذ ركزت الدراسة على مذكرات عدد من الرحالة مثل كروتندن وبرترام توماس وثيسجر وغيرهم، موضحة ما وثّقوه من تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بدءًا من وصف المدن والقرى والعادات واللباس، وصولاً إلى النشاط التجاري والزراعي وموانئ ظفار، وقد أبرزت النتائج التحولات التي شهدها المجتمع الظفاري عبر تلك الفترة من منظور خارجي مقارن.
السرديات الأجنبية
أما الدكتور سالم بن حمد النبهاني، وزارة التربية والتعليم، فاستعرض في ورقته "ظفار (الأرض والإنسان) في الكتابات الأجنبية في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين"، خصوصية البيئة الطبيعية لظفار ومكانتها الاستراتيجية، وقد تناول المحاور الثلاثة الرئيسة: الكتابات القديمة التي سبقت العصور الحديثة، وما ورد في سرديات الرحّالة المعاصرين، ثم ما تضمنته التقارير الأجنبية من توثيق لأوضاع المحافظة وسكانها.
مكانة صلالة
وجاءت الورقة الرابعة بعنوان "المكانة العلمية والحضارية لمدينة صلالة منذ القرن الأول وحتى الرابع عشر الهجري" للدكتور حسين بن علي المشهور باعمر، سلّط الباحث الضوء على مكانة صلالة كحاضرة علمية بارزة في ظفار، ودورها التاريخي كميناء تجاري مزدهر وبيئة خصبة للإسهامات الفكرية والعلمية، ضمن سياق النهضة الإسلامية التي جعلت من العلم محوراً للحياة.
جبال ظفار
واختُتمت الجلسة بورقة الدكتور أحمد بن علي المعشني بعنوان "المعلمون الرُحَّل في جبال ظفار قبل 1970م: حملة النور في زمن الترحال"، تناولت الدراسة الدور الريادي الذي اضطلع به المعلمون والمعلمات الرحّل في نشر العلم والدين في ظل غياب المدارس النظامية، مؤكدة أثرهم في ترسيخ الوعي الديني والثقافي والتمهيد للنهضة التعليمية في المحافظة.