مطالبين بتعزيز التوعية المجتمعية حول الجدوى الصحية

لقاح "الورم الحليمي" يثير الحيرة بين أولياء الأمور وسط تساؤلات حول الآثار الجانبية!

 

 

 

 

الرؤية- ريم الحامدية

عبر عددٌ من أولياء الأمور عن حيرتهم تجاه الجدوى الصحية للقاح "الورم الحليمي" الذي تنوي وزارة الصحة تطبيقه على طلبة المدارس بهدف الوقاية من أنواع مُعينة من السرطان.

وفي أغسطس الماضي، نظّمت المديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسندم حلقة عمل حول إدراج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) في البرنامج الوطني لتحصينات المدارس، وذلك ضمن التحضيرات للحملة الوطنية للتطعيم التي تأتي حرصًا على إبراز الجهود الوطنية المبذولة في مجال صحة الطلبة ومكافحة الأمراض المعدية.

وتعتزم وزارة الصحة تدشين لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) ضمن البرنامج الوطني لتحصينات المدارس لطلبة الصف السادس في المدارس الحكومية والخاصة، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي انسجامًا مع توصيات منظمة الصحة العالمية المبنية على الأدلة العلمية، والتي تؤكد فعالية اللقاح في الوقاية من بعض أنواع السرطان، وفي مقدمتها سرطان عنق الرحم، وسرطان الجهاز التناسلي الأنثوي والذكوري إضافة إلى أمراض أخرى ذات ارتباط مباشر بالفيروس.

وفي تصريحات سابقة، قال بدر بن سيف الرواحي مدير عام مركز مراقبة ومكافحة الأمراض والوقاية منها بالإنابة، إن تطبيق هذا القرار يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز الصحة العامة وحماية الأجيال القادمة من عبء الأمراض المعدية، مؤكدًا أن الفئات المستهدفة ستتلقى اللقاح وفق خطة مرحلية مدروسة، تعتمد على المعايير الوطنية والدولية المعمول بها في هذا المجال.

وأضاف أن وزارة الصحة بدأت سلسلة من برامج التدريب للعاملين الصحيين في محافظة مسندم تليها باقي المحافظات تباعًا، وذلك بهدف رفع جاهزيتهم وتعزيز معارفهم ومهاراتهم حول آلية إعطاء اللقاح، وضمان الالتزام بالمعايير المعتمدة في سلسلة التبريد والتوزيع، إضافة إلى تزويدهم بالرسائل التوعوية اللازمة للتواصل الفعّال مع المجتمع.

ورغم تأكيد الجهات الصحية أهمية اللقاح ودوره في الحد من انتشار الأمراض المرتبطة بالفيروس، إلا أن الحيرة لاتزال تسيطر على شريحة كبيرة من المجتمع، الذين يطالبون بمزيد من التوعية والمعلومات الدقيقة قبل اتخاذ قرار إعطاء اللقاح للطلاب.

ويشير المختصون إلى أن الوعي المجتمعي بمخاطر فيروس الورم الحليمي البشري وفوائد اللقاح، يمثل خطوة أساسية في الحد من انتشار الأمراض المرتبطة به، لافتين إلى أن جلسات التوعية والتثقيف الصحي تعد جزءًا من الجهود الرامية إلى تعزيز صحة المجتمع والحد من المخاطر المحتملة.

وأظهرت تغريدات على منصة "إكس" تباينًا كبيرًا في آراء المواطنين؛ حيث شدد بعضهم على ضرورة الالتزام باللقاحات المُوصى بها من قبل وزارة الصحة، بينما أعرب آخرون عن مخاوفهم من تلقي لقاح لم يتم فهم آثاره الجانبية بشكل كامل.

وأعرب العديد من المواطنين عن قلقهم من تلقي اللقاح، مؤكدين أن المعلومات المتضاربة على الإنترنت ومصادر التواصل الاجتماعي تزيد من حدة التردد. وقال المواطن أحمد العوفي في تغريدة له على منصة "إكس": "أرغب في حماية أطفالي، لكن ما زلت محتارًا بشأن الأعراض الجانبية المحتملة للقاح، وأخشى اتخاذ قرار دون معلومات كافية". وأضاف العوفي أن "الوعي بمخاطر الفيروس واللقاح يظل محدودًا بين بعض أولياء الأمور، مما يخلق حالة من القلق والتردد".

وذكر المواطن سعيد الزدجالي: "نرفض تمامًا فرض لقاح الورم الحليمي على أبنائنا، نحن أدرى بمصلحتهم، ولا نقبل أن يُجبرونا على اتخاذ قرارات مصيرية تخص صحتهم بلا نقاش أو توعية كافية، وعلى الجهات المسؤولة تقديم المعلومات بشكل شفاف قبل أي خطوة، لضمان حقوق الأسر في الاختيار بحرية ومسؤولية".

وبينت المواطنة عائشة الكندية أن المشكلة ليست في اللقاح نفسه، بل "في الطريقة التي يُدار بها الأمر"، موضحة: "كيف يُتخذ قرار بهذه الأهمية دون التشاور مع أولياء الأمور؟ الرفض ليس مجرد عناد، بل موقف طبيعي يعبّر عن حقنا في تقرير مستقبل أبنائنا بعد فهم كامل للفوائد والمخاطر المحتملة".

وبيّن المواطن سالم السعيدي أن المجتمع يرفض أن يكون التطعيم إلزاميًا دون توضيح كامل للآثار والأبحاث العلمية المتعلقة به، مضيفا: "قبل أن ندعم أي برنامج صحي، نحتاج إلى شفافية كاملة وبيانات دقيقة.. نحن نؤمن بالوقاية، لكن لا يمكننا اتخاذ قرار مصيري بشأن أبنائنا دون معلومات واضحة وموثوقة".

من جانبها، قالت المواطنة فاطمة البلوشية: "أنا أم لطفلتين، وأريد حمايتهما، لكن أحتاج إلى جلسة توضيحية مع مختص قبل اتخاذ القرار. هناك الكثير من المعلومات المتضاربة على الإنترنت، وهذا يجعل القرار أصعب". وأشارت البلوشية إلى أن الحملات التوعوية الحالية ليست كافية لإزالة المخاوف، ويجب أن تكون هناك لقاءات دورية مع أولياء الأمور لتوضيح التفاصيل العلمية المتعلقة باللقاح.

وأعربت المواطنة نورة المعنية عن رأيها بأن المدارس والمراكز الصحية يجب أن توفر ورشًا وجلسات إرشادية لأولياء الأمور، حتى يكون لديهم فهم كامل للفوائد والمخاطر، ويتمكنوا من اتخاذ قرار واعٍ بشأن اللقاح. وأضافت أن توضيح المخاطر والفوائد بشكل مباشر من المختصين سيكون له أثر كبير في رفع مستوى الثقة بين الأسر.

وقال المواطن خالد الراشدي: "أؤمن بأهمية اللقاحات، لكن أريد معرفة كل التفاصيل قبل إعطاء ابنتي هذا اللقاح. كثير من المعلومات المتناقضة تخلق حالة من عدم الثقة".

وفي المقابل، قالت المواطنة هناء السيابية: "اللقاح يوفر حماية مهمة ضد السرطان، وأنا أنصح جميع أولياء الأمور بعدم التردد في تلقيه بعد استشارة الطبيب".

وأكد عدد من أولياء الأمور ضرورة توفير جلسات استشارية منتظمة في المدارس والمراكز الصحية، تتيح الإجابة عن جميع التساؤلات المتعلقة باللقاح، لضمان اتخاذ القرار بشكل واعٍ ومدروس، لافتين إلى أن المعرفة الدقيقة والمعلومات الموثوقة ستسهم في تعزيز ثقافة الوقاية الصحية بين الأسر، وهو ما ينعكس على المجتمع بأسره.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة