خالد بن سالم الغساني
تتصاعد الحملات الإعلامية، الصهيونية والاستعمارية، التي تُروِّج للقضاء على حزب الله اللبناني، والبدء في تنفيذ المخطَّط الأمريكي-الإسرائيلي لنزع سلاحه، وهذه الطموحات الصهيو-أمريكية تصطدم بواقعٍ معقَّد وصلب؛ حيث إنّ حزب الله بما يمتلكه من تنظيمٍ عسكري متين، وخبرة قتالية متراكمة، ودعم شعبي واسع، يُشكِّل قوةَ مقاومة لا يُستهان بها، كما إنّ مقاتلي الحزب -الذين أثبتوا جدارتهم في كل المواجهات السابقة مع العدو- يمتلكون إرادة صلبة وعقيدة راسخة؛ ممّا يجعل فكرة نزع سلاحهم أو القضاء عليهم مهمّةً مستحيلة.
وأمام هؤلاء الرجال الذين يقاتلون بدافع الدفاع عن أرضهم وكرامتهم، تقف التحديات كالجبال، ويبقى الموت هو الثمن الذي يدفعونه برحابة صدر، ممّا يجعل أيَّ مخطّط لتفكيك هذه المقاومة محفوفًا بالمخاطر ومآله الفشل.
يبرز سلاح المقاومة كرمزٍ للصمود والكرامة الوطنية، مُوجَّهًا حصرًا نحو الكيان الصهيوني الذي يواصل انتهاكاته اليومية لسيادة لبنان. هذا السلاح، الذي بنته المقاومة بدماء الشهداء وعزيمة الشعب الذي لا ينكسر، هو الحصن الذي يحمي الأرض والعِرض من طموحات العدو الصهيوني الذي لا يتوقف عن تهديد لبنان بالغزو والدمار. والتقارير المزعومة عن عمليات مثل "مطرقة الله"، التي تتحدث عن هجمات سيبرانية واغتيالات وغزو شامل، ليست سوى دعاية مُزيَّفة تهدف إلى شيطنة حزب الله وتبرير أيّ عدوان مستقبلي عليه، لكنها تكشف عن خوف الكيان من قوة المقاومة التي أثبتت قدرتها على ردعه مرات عديدة.
لم يكن سلاح حزب الله يومًا أداةً للفتنة الداخلية أو العدوان على الآخرين؛ بل ظلّ منذ نشأة الحزب الأولى، وكجزء لا يتجزأ من بنائه وإرساء أعمدته، ردًّا ضروريًا ومشروعًا على تاريخٍ طويل من التهديد بالاحتلال، والاحتلال الإسرائيلي، من اجتياح عام 1982 إلى حرب 2006، وصولًا إلى الانتهاكات المستمرة لوقف إطلاق النار في 2024؛ حيث تُعربد الطائرات الصهيونية في سماء لبنان، وتتحرك بوارجه وزوارقه الحربية في مياهه دون رادع، وتنشط دباباته وآلاته العسكرية على حدوده دون أيّ حسابات لخوف أو صدٍّ من الجهة المقابلة.
هذه الترسانة المتطوِّرة والهائلة، التي بناها حزب الله، ومارسها في كبح جماح العدوان الإسرائيلي، والتي تضم صواريخ دقيقة وطائراتٍ مُسيَّرة متطوِّرة، تفخر بها المقاومة ومؤيِّدو المقاومة -والتي تحاول الحكومة اللبنانية اليوم تنفيذ رغبات سلطات الكيان المحتل والدوائر الأمريكية وتحقيق أُمنياته بشأنها- صُمِّمَت لصدِّ العدوان وإجبار الكيان على دفع ثمن باهظ لأي مغامرة، كما حدث في المواجهات التي كبَّدته خسائر عسكرية ومعنوية جسيمة، ويحلم من يعتقد أنّه قادر على تفكيكها أو نزعها من رجال أقسموا على الشهادة دون ذلك.
الادعاءات الكاذبة بأنّ هذا السلاح مخفيٌّ في أحياء مدنية أو مستشفيات، هي محاولة صهيونية لتشويه صورة المقاومة وتبرير استهداف المدنيين، بينما الحقيقة أنّ حزب الله يحمي الشعب اللبناني، وأنّ نزع سلاحه يعني ترك لبنان فريسةً سهلة للعدو الذي لا يزال يحتل أراضي مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
الضغوط الأمريكية الراهنة، التي تتحدث عن "نزع السلاح السلمي" بحلول نهاية 2025، ليست سوى أداة لخدمة المصالح الصهيونية، مدعومة بمليارات الدولارات والأسلحة التي تتدفّق إلى تل أبيب. هذه الخطة، التي يرفضها حزب الله بقوة، مبنيَّة على افتراضات واهمة تتجاهل أنّ سلاح المقاومة جزءٌ لا يتجزأ من هوية لبنان الوطنية، مدعومٌ بشعبية جارفة في الجنوب والمناطق الشيعية، حيث يُنظر إليه كضمانة ضد العدوان المتكرر. وتقديرات العدو، التي تتحدث عن خسائر محتملة تصل إلى آلاف القتلى في حال المواجهة، تؤكّد رُعب إسرائيل من قدرات حزب الله، الذي يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ القادرة على ضرب عمق الكيان، إلى جانب أنفاق دفاعية ومنظومات حديثة تجعل أيَّ غزو مستحيلا دون تكلفة باهظة. هذا السلاح، بدعم من إيران كحليف استراتيجي، يشكّل توازن ردع يمنع الكيان من تنفيذ أحلامه التوسعية، ويحافظ على استقرار المنطقة في وجه التهديدات الصهيونية.
أمّا فكرة نزع السلاح بالسهولة التي يُروِّج لها الإعلام الغربي، فهي خيال بعيد عن الواقع. وأيّ محاولة لفرض ذلك بالقوة ستقود إلى حربٍ أهلية مدمّرة، خاصة مع ضعف الجيش اللبناني ووجود تعاطف واسع مع المقاومة داخل مؤسساته. كما إنّ أيّ تصعيد سيجرّ المنطقة إلى مواجهة إقليمية تشمل إيران وسوريا، ممّا يهدد الكيان بخسائر لا يستطيع تحمّلها، خاصة بعد فشله المُتكرِّر في غزة ولبنان. حزب الله، بقيادته الحكيمة، يرفض أيَّ تنازل عن سلاحه، لأنه يدرك أنّ هذا السلاح هو خط الدفاع الأول والأخير ضد العدو الصهيوني، الذي لا يفهم سوى لغة القوة.
إنّ المقاومة ليست مجرد تنظيم؛ بل هي روح شعب يرفض الذل، وسلاحها سيبقى مُشرَعًا بوجه الاحتلال حتى تحرير آخر شبر من الأرض اللبنانية، وإحلال السلام العادل الذي ينهي الطغيان الصهيوني إلى الأبد.