مختصون يطالبون بأن يكون المحتوى المحلي حافزًا لا حاجز.. ودعوات لإعفاءات وتحفيزات اقتصادية

  • تعزيز المحتوى المحلي.. مفتاح رفع تنافسية المصانع والشركات العُمانية
  • مختصون يؤكدون ضرورة تحفيز المنتج العُماني بدلاً من حصره بالقيود
  • المحتوى المحلي في عُمان.. فرصة وطنية لدعم الصناعة وتحقيق رؤية عمان 2040
  • من السياسات إلى الحوافز.. الطريق نحو منتج محلي قوي يبدأ بخطط واضحة

الرؤية-ريم الحامدية 

ناقش مختصون في القيمة المحلية المضافة ضمن مجموعة "قيمة" سبل صياغة سياسات وطنية فعّالة لدعم المصانع والشركات العُمانية وتعزيز قدرتها التنافسية في ظل الأسواق المفتوحة، وذلك استكمالًا لسلسلة النقاشات الثرية التي تطرقت سابقًا إلى تعزيز الوعي المجتمعي والتحديات التي تواجه المصانع والشركات العُمانية. حيث دار الحوار حول قضايا رئيسية شملت تمييز المصنعين عن الموردين، والإعفاءات والتحفيزات الاقتصادية، وسلاسل التوريد المحلية، مؤكدين بان يكون المحتوى المحلي حافزا وليس حاجز.

وأكد سلطان الخضوري، مؤسس مجموعة قيمة، أن المحتوى المحلي ينبغي أن يُبنى على حوافز تشجع الجميع على تطبيقه، موضحًا أن القرارات لا بد أن تكون موضوعية وغير معممة، بل مبنية على إجراءات وتصنيفات واضحة تميز بين المورد والتاجر من جهة، والمصنع من جهة أخرى. وأضاف أن تقديم بعض الحوافز مثل الإعفاءات أو الرسوم، وفق سلاسل إمداد معززة ورافدة للاقتصاد الوطني، سيكون عاملًا حاسمًا في دعم التوجه.

وأشار سعيد السليمي إلى أن العامل التحفيزي للشركات والمصانع يمكن أن يتحقق عبر تحديد منتجات وخدمات يتم شراؤها منها بشرط الالتزام بالتعمين وتعزيز المحتوى المحلي.

من جانبه، قال ناصر الرحبي: "أعتقد أنه يجب أن تكون هناك حزمة من الإجراءات لتحفيز المستثمرين والشركات خاصة الأجنبية كعامل بناء ثقة". موضحًا أن هذه الحزم تشمل الإعفاءات الضريبية، وتخفيض رسوم حق الانتفاع أو الإعفاء منها، وتقديم الاستثناءات وتسريع الإجراءات، معتبرًا أن تطبيق معايير القيمة المحلية المضافة ينبغي أن يكون أحد بنود الفوز بالمناقصات الحكومية أو أحد معايير الاستثناءات المرتبطة بالمستثمرين الأجانب.

أما خلفان الخصيبي، فقد أكد أنه لا يمكن دعم المصانع العُمانية دون دراسة سلاسل التوريد ومعرفة حجم الطلب على السلع والمنتجات وقدرات السوق المحلي لتوطين الصناعات. وأوضح أن دعم المصانع يتطلب عقودًا طويلة وإدراج السلع في القوائم الإلزامية بمختلف الجهات الحكومية والخاصة، مع مراقبة التنفيذ بصرامة وبشكل دوري، إلى جانب تقديم تسهيلات جمركية وضريبية ورسوم مخفضة، بما يرفع القيمة السوقية للمصانع ويساعدها على تحقيق أهدافها في التوظيف واستخدام المواد الخام المحلية وربطها بالقطاعات والاتفاقيات التجارية الحرة.

وطرح سليم الغداني إشكالية تحديات المنتج العُماني في المشتريات الحكومية رغم اكتمال عملية التصنيع محليًا واعتماده بنسبة تزيد على 60% على مواد أولية محلية، وحصوله على شهادات جودة وطنية وعالمية. وقال: "أتوقع المتابعة المستمرة لمراحل المشاريع الحكومية، مع إعطاء الأولوية للمنتج العُماني، وفي حال عدم توفره يمكن البحث عن مصانع عُمانية قادرة على إضافة خطوط إنتاج جديدة ودعمها بالشراء المسبق، لما يمثله ذلك من قيمة محلية مستدامة في تعزيز الاكتفاء الذاتي والاقتصاد الوطني على المدى الطويل".

من جانبه، شدد عزان العاصمي على أهمية وجود سياسة واضحة تفصل بين المصنعين والموردين، بما يمنح المصنع أولوية ويمنع خلط الأدوار. وأضاف أن الإعفاءات والتحفيزات الاقتصادية يجب أن تشمل إعفاء المصانع الناشئة من الرسوم الجمركية على المواد الخام والآلات، ومنح قروض منخفضة الفائدة، وتقليل رسوم الكهرباء والمياه، ودعم البحث والتطوير في القطاعات الاستراتيجية. كما أكد على ضرورة إلزام الشركات الكبرى، خصوصًا في قطاع النفط والغاز، بتخصيص نسبة لا تقل عن 40% من مشترياتها للمنتجات المصنعة محليًا مع وجود آليات متابعة ورقابة. وأوضح أن الاستفادة من تجارب السعودية والصين والهند يمكن أن تمنح عُمان نموذجًا خاصًا يوازن بين دعم الصناعة وحماية السوق من الاحتكار وضعف الجودة، بالإضافة إلى دور وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.

وأشار محمد العمري إلى تحديات ضعف بعض المصانع المحلية واعتمادها على السوق الداخلي فقط، مما يرفع أسعار منتجاتها مقارنة بالاستيراد بنسبة تصل أحيانًا إلى 70%. وقال: "الحماية يجب أن تكون بقرار جديد من الحكومة وفق تصنيفات واضحة تميز بين المصانع ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة التي تستحق الدعم، وتلك التي لا تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد".

أما ملاك المخيني فقدمت رؤية متكاملة لتعزيز المحتوى المحلي، شملت تشجيع الابتكار، وتوفير التمويل عبر صناديق استثمارية، والتعاون مع المؤسسات التعليمية، وتنظيم معارض تسويقية للمنتجات المحلية، وتقديم حوافز ضريبية، ودعم الثقافة المحلية، وتطوير البنية التحتية، وسَن تشريعات داعمة تمنع التنافس غير العادل مع المستورد.

وقال سعود الجهوري إن حجم السوق المحلي محدود، مما يحتم التفكير خارج حدوده وتحديد صناعات تمتلك ميزة تنافسية كالمواد الخام والخدمات اللوجستية، مؤكدًا أن سمعة الجودة العُمانية يمكن استثمارها في توطين صناعات غذائية متخصصة.

ورأى عمار الهاشمي أن الدعم يجب أن يشمل المورد والمصنع على حد سواء، شريطة أن تكون هناك خطة واضحة تحدد مسار التطوير نحو التصنيع الكلي. وأوضح: "إذا كان المورد يخطط للتصنيع الأولي فيجب دعمه، وكذلك المصنع الذي يعتمد على التجميع وصولًا إلى المصنع الذي يحقق تصنيعًا كاملًا، فالجميع يحتاج للدعم ولكن بشكل مرتب ومنظم بعيدًا عن العشوائية"

وذهب حسين اللواتي إلى أن الموزعين يمثلون جسرًا مهمًا في السياسات الداعمة للصناعة، وأن الإعفاءات والتحفيزات يجب أن تشمل التوزيع واللوجستيات. وأضاف أن إلزام الشركات الكبرى بالشراء من المنتج المحلي سيكون أكثر فاعلية إذا رافقه بناء شبكات توزيع قوية، مشيرًا إلى أن مشروع سكة حديد حفيت يمكن أن يشكل رافعة استراتيجية للصناعة والتوزيع معًا، بما يعزز وصول المنتج العُماني للأسواق المحلية والإقليمية.

وخلص المشاركون إلى أن تعزيز المحتوى المحلي يتطلب سياسات وطنية واضحة، وتقديم حزم دعم وإعفاءات اقتصادية، وإلزام الشركات الكبرى بدعم المنتج العُماني، إلى جانب تعزيز التمويل والابتكار والجودة والتوزيع، بما يواكب توجهات رؤية عُمان 2040.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة